لماذا لن يتخلى صندوق الثروة السيادي النرويجي عن الوقود الأحفوري؟

فوجئت الأسواق الأسبوع الماضي بمقترح صندوق الثروة السيادية في النرويج الذي تبلغ قيمته تريليون دولار بيع حصصه في شركات النفط والغاز، التي تمثل حوالي 6% من حيازات الأسهم بالصندوق، أي نحو 37 مليار دولار.

وجاء على رأس المرحبين بالخبر نشطاء بيئيون على وجه الخصوص، حيث توقعوا أن يؤدي ذلك إلى خفض الاستثمار في الوقود الأحفوري، مشيرين إلى أن الصندوق لم يعد مضطراً لمواجهة المخاطر المتزايدة المرتبطة بأصول النفط والغاز، ليوجه اهتمامه نحو الاستثمارات صديقة البيئة.
وبحسب تقرير لـ “بلومبرج” يرى البعض أن هذا المقترح لن يتم الموافقة عليه، فالبنك المركزي النرويجي كان واضحاً في هذا الأمر بأنه لا يتخذ موقفاً بشأن مستقبل الاستثمار في النفط والغاز.

الاعتماد  على الاستثمارات النفطية

– يُدار صندوق النفط من خلال “نورجس بنك إنفيستمنت مانجمنت” “إن بي آي إم” – وهو جزء من البنك المركزي – ولكن وزارة المالية هي التي تضع إستراتيجية الاستثمار الفعلية.

– أصرت الوزارة على أن يدار الصندوق على أساس مستقل وأن يقوم “إن بي آي إم” بتتبع مؤشرات الأسهم والسندات العالمية عن كثب، ومع ذلك لا تسمح الوزارة التي لا تملك خبرة مالية كافية للصندوق سوى بمعدلات ضئيلة للانحراف قدرها 1.25% عن هذه المؤشرات.

– هذا يفسر كيف أن صندوق النفط – الذي يطلق عليه هذا الاسم لأن كل دخله مستمد من بيع النفط والغاز – يملك عشرات المليارات من الدولارات من أسهم النفط والغاز في المقام الأول.

مخاطر التعرض لقطاع واحد

– من المعروف اقتصادياً أن مثل هذا التضاعف في التعرض لقطاع ما يعتبر أمراً متهوراً خاصة إذا كان هذا القطاع معرضا لحدوث اختلالات خطيرة.

– رغم التدفقات المستقبلية من الإيرادات إلى الصندوق، فالانكشاف المالي للنرويج من خلال شركة النفط الرئيسية المملوكة لها “شتات أويل”، وحقيقة أن سوق الأسهم النرويجية وصندوق التقاعد المحلي يهيمن عليها أسهم قطاع النفط والغاز يبدو للبعض ضرباً من الجنون.

– يسلط فقدان أكثر من 50 ألف وظيفة مؤخراً بسبب انخفاض أسعار النفط قبل عامين الضوء على مدى اعتماد الاقتصاد النرويجي ككل على النفط والغاز اللذين يمثلان نحو خُمس الناتج المحلي الإجمالي ونصف الصادرات.

– مع مضاعفة حجم صندوق النفط تقريباً خلال السنوات الخمس الماضية، تنبه البنك المركزي لهذا الخطر ليبدأ تبني بعض التغييرات، فشهد العام الماضي تعيين نائب محافظ لـ “إن بي آي إم” وهو جهد متأخر يهدف لتعزيز بنية الحوكمة الضعيفة نوعاً ماً.

– كما أعلن أيضاً أنه سيتخذ نهجاً أكثر تعقيداً لإدارة المخاطر، قائلاً في العام الماضي أنه يعتزم أخذ منظور “الثروة الوطنية” في إدارة مخاطر الصندوق.

– من ثم فإن قرار الطلب من وزارة المالية – التي يجب أن تعطيه إذناً – بإسقاط قطاع النفط والغاز من المؤشر القياسي لأسهمها هو ببساطة النتيجة المنطقية لهذا المنظور وهو تحسن كبير وتفعيل لمبدأ الاستقلالية الذي من المفترض أن تتبناه وزارة المالية.

– تم اقتراح ذلك لأول مرة على حكومة النرويج في عام 2008 تلتها عدة محاولات أخرى، ولكن هذه الأمور تتحرك عادة بوتيرة بطيئة للغاية.

احتمالات عدم تنفيذ المقترح

– تبقى عملية البيع المزعومة غير مضمون تنفيذها بالفعل حتى الآن بسبب احتمالات رفضها، فكثيراً ما استخدمت وزارة المالية حق الرفض (فيتو) ضد المقترحات المقدمة من “إن بي آي إم” وكان آخرها رفض طلبها الحصول على إذن للاستثمار في البنية التحتية وهي فئة أصول طبيعية لمستثمر طويل الأجل.

– السبب الآخر الذي قد يحبط المهتمين بالبيئة هو أن صندوق الاستثمار لم يتحدث عن زيادة اهتمامه بالمخاطر المناخية، فهو ببساطة يرغب في تنويع الاستثمارات وهذا لا يمكن اعتباره دليلاً على أن النرويج فقدت الثقة بالنفط والغاز حتى الآن.

– لكن في الوقت نفسه يعبر المقترح في حد ذاته عن قلق حقيقي لدى المسؤولين النرويجيين بشأن بقاء الوقود الأحفوري، ومن المتوقع أن صناديق الثروة السيادية الأخرى الممولة من الوقود الأحفوري ستحذو حذوه.

– سيكون  التوجه نحو الاستثمار في الطاقة النظيفة هو الخطوة المنطقية التالية من منظور تنويع المخاطرأيضاً، بحيث يزيد الصندوق استثماراته الصغيرة البالغة خمسة مليارات دولار في الاستثمارات الخضراء.

 

Print Friendly, PDF & Email