أكد تقرير “ذا إنرجي كولكتيف” الدولي المتخصص في شؤون الطاقة، أن منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” تبذل جهودا ضخمة لإنقاذ سوق النفط من ظروف صعبة وكانت متدهورة على مدار السنوات الماضية، مشيرا إلى أن “أوبك” تمتلك رؤية إيجابية لارتفاع أسعار النفط، على الرغم من المنافسة المحتدمة مع منتجي النفط الصخري الزيتي في الولايات المتحدة ووجود بعض الدول في “أوبك” ليست حريصة بالشكل الكافي على دعم وحدة المنظمة.
وأوضح التقرير الدولي أن حالة التعافي آخذة في التحسن لكن بوتيرة بطيئة نسبيا ولا تواكب تطلعات السوق، لافتا إلى أن منظمة “أوبك” التي بدأت اجتماعا فنيا أمس الإثنين في أبوظبي تبذل جهدا مخلصا لتعزيز الامتثال للخفض الجماعي لكن المجموعة لا تواجه خيارات كثيرة في محاولتها لتحقيق التوازن في السوق.
وذكر التقرير أنه تم طرح احتمالات إجراء تخفيضات إنتاجية أعمق لكن الأمر يمثل خطورة نظرا لأنه يتطلب مزيدا من التضحية في مقابل مردود وعائد غير مؤكد، مشيرا إلى أن “أوبك” تكافح من أجل الحفاظ على الامتثال لتخفيضاتها الحالية وذلك على الرغم من أن بعض الدول تخالف البيانات المتفق عليها.
وأضاف التقرير أن “المخالفات لاتفاق خفض الإنتاج في بعض الدول إلى جانب إقدام نيجيريا وليبيا “المعفاتين من الخفض” على تعزيز الإنتاج قفز بإنتاج “أوبك” في يوليو الماضي بمقدار 90 ألف برميل يوميا، ما جعل الإنتاج الجماعي لدول المنظمة في أعلى نقطة له حتى الآن على مدى العام”.
وفي سياق متصل، استهلت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع على تسجيل انخفاضات سعرية بسبب استمرار زيادات الإنتاج الأمريكي وبعض دول “أوبك” على الرغم من تراجع المخزونات وعدد الحفارات الأمريكية.
وتترقب السوق نتائج اجتماع اللجنة الفنية للمنتجين في لجنة مراقبة اتفاق خفض الإنتاج التي بدأت أعمالها أمس في أبوظبي وتستمر يومين وتبحث آليات دعم الاستقرار في السوق ورفع مستوى الالتزام والامتثال لحصص خفض الإنتاج وفق اتفاق فيينا الذي جمع دول “أوبك” وعدد من المنتجين المستقلين بقيادة روسيا.
وفي هذا الإطار، قال لـ “الاقتصادية” دييجو بافيا مدير شركة أينو إنرجي للطاقة في هولندا، “إن اجتماع الخبراء والفنيين في “أوبك” وخارجها في أبوظبي يجيء في توقيت دقيق يسابق فيه المنتجون الزمن من أجل استعادة التوازن في السوق”، متوقعا أن يركز الاجتماع على التوصية بآليات جديدة تمكن من الوصول إلى أعلى نسبة التزام بخفض الإنتاج إلى جانب الحد من تأثير عديد من الصعوبات التي تعتري السوق في الآونة الأخيرة.
واعتبر أن المشكلة الرئيسية والتحدي الأكبر الذي يواجه المنتجين حاليا هو ارتفاع إنتاج منظمة “أوبك” بشكل واسع في الشهرين الأخيرين على الرغم من قيادتها جهود خفض الإنتاج ويرجع ذلك إلى تأرجح نسبة الامتثال إلى جانب عمليات الضخ الواسعة في الإمدادات النفطية التي قادتها نيجيريا وليبيا اللتان لا تقع عليهما أي التزامات تجاه خفض الإنتاج بموجب اتفاق فيينا.
وأضاف أنه “من المعروف أن اتفاق خفض الإنتاج يقضي بخفض 1.8 مليون برميل يوميا من إنتاج نحو 24 دولة في “أوبك” وخارجها بينما يقدر البعض الزيادات التي أقدمت عليها ليبيا ونيجيريا أخيرا بنحو 800 ألف إلى مليون برميل يوميا وهو ما يعني أن حجم الخفض المتبقي لا يتجاوز 800 ألف برميل وهو غير كاف لعلاج مشكلة تخمة المعروض الواسعة المهيمنة على الأسواق على مدار السنوات الثلاث الماضية”.
من جانبه، أكد لـ “الاقتصادية” أرورو تاكاهاشي مدير شركة طوكيو للغاز في فرنسا، أن اجتماع أبوظبي من المتوقع أن يعطي دفعة لجهود الالتزام بخفض الإنتاج باعتباره الطريق الوحيدة لاستعادة الاستقرار والتوازن في السوق، مشيرا إلى أنه لحسن الحظ أن السوق في الفترة الحالية تشهد تناميا ملحوظا في مستويات الطلب سواء الأمريكي أو في الاقتصاديات الصاعدة بقيادة الهند والصين وهو ما يجعل مهمة المنتجين ليست صعوبة ويجعل ظروف السوق مواتية أكثر من فترات سابقة.
وقال “إن السعودية تتبنى سياسات نفطية متميزة حيث تقود خفض الإنتاج الدولي كما خفضت صادراتها إلى أدنى مستوى تعزيزا لتعافي الأسعار وللإسراع في السحب من المخزونات النفطية في الولايات المتحدة، لذا فإن أغلب التقليص في الصادرات يتمحور في الصادرات إلى السوق الأمريكية”.
وبين أن الاحتياطيات المتضخمة لا تشجع المشترين الأمريكيين على شراء شحنات كبيرة من النفط الخام من الأسواق الدولية التي تعاني بالفعل حالة واسعة من تخمة المعروض، مشيرا إلى ضرورة أن تلتزم بقية دول “أوبك” بنفس التوجه خاصة العراق التي لجأت أخيرا إلى زيادة صادراتها إلى الولايات المتحدة.
بدورها، أوضحت لـ “الاقتصادية”، تي يتينج مدير المعادن والمناجم في شركة “إي أيه سنجابور”، أن النفط الصخري الأمريكي يشهد حالة من تقلص الإنتاجية بسبب التوسع الكبير السابق والإفراط في أنشطة الحفر في مناطق معينة والجميع يدرك حاليا تسارع انخفاض معدلات الإنتاج من آبار النفط الصخري الزيتي، مشيرة إلى أن النضوب السريع هو السمة المهيمنة على أغلب حقول النفط الصخري حيث لا يتمتع باستقرار مستوى الإنتاج المرتفع إلا لعدة أشهر فقط.
وقالت “إن شركات النفط الصخري الأمريكي تركز على رفع مستويات الكفاءة في الحفر والإنتاج وضغط التكاليف وتمكنت بالفعل من خفض سعر التعادل إلى أدنى مستوى في ثلاث سنوات”، لافتة إلى أن إحدى الآليات المهمة التي تتبعها الشركات الأمريكية حاليا هي حفر عديد من الآبار المتقاربة جغرافيا، ما يوفر كثيرا من التكاليف الإنتاجية لكنه في نفس الوقت يؤدي إلى تآكل الاحتياطيات على نحو متسارع في بعض المناطق”.
وذكرت أن معدل نضوب الحقل النفطي الصخري سريع جدا وتتم معالجة الأمر حاليا عن طريق زيادة واسعة مقابلة في الاستثمارات الجديدة، لكن هذا الأمر لا يمكن أن يستمر بهذه الوتيرة خاصة في حال تراجع الأسعار، حيث لن يتاح تعويض هذا النضوب باستثمارات مقابلة وبالتالي سيتغلب اتجاه الانخفاض على النفط الصخري بمرور الوقت.
وفيما يخص الأسعار، تراجعت أسعار النفط أمس، مبتعدة عن أعلى مستوى في تسعة أسابيع وسط مخاوف بشأن مستويات الإنتاج المرتفعة من “أوبك” والولايات المتحدة.
وانخفضت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت 65 سنتا، أو ما يعادل 1.24 في المائة، إلى 51.77 دولار للبرميل بحلول الساعة 0926 بتوقيت جرينتش، ونزلت العقود الآجلة للخام الأمريكي 59 سنتا، أو ما يعادل 1.19 في المائة إلى 48.99 دولار للبرميل.
والخامان أقل بدولار من المستويات التي بلغاها الأسبوع الماضي، التي كانت الأعلى منذ أواخر أيار (مايو) الماضي، عندما اتفق منتجون بقيادة منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك” على تمديد اتفاق بشأن تقليص الإمدادات بمقدار 1.8 مليون برميل يوميا حتى نهاية آذار (مارس) المقبل.
وثمة شكوك منذ ذلك الحين حول فعالية التخفيضات حيث سجل إنتاج “أوبك” أعلى مستوى هذا العام في تموز (يوليو) الماضي، في الوقت الذي بلغت فيه صادرات المنظمة مستوى قياسيا.
والتقى مسؤولون من لجنة فنية مشتركة بين دول “أوبك” ودول من خارج “أوبك” في أبوظبي أمس الإثنين واليوم لبحث سبل تعزيز الالتزام باتفاق خفض الإنتاج.
وكانت المخاوف بشأن “أوبك” كافية لتبديد أثر الأنباء التي نشرت أمس، حول أن إمدادات حقل الشرارة النفطي الليبي، الذي كان ينتج 270 ألف برميل يوميا، تتوقف تدريجيا. وكانت زيادة إنتاج ليبيا، المعفاة إلى جانب نيجيريا من خفض الإنتاج، عاملا رئيسيا في زيادة إنتاج “أوبك”.
وسجل إنتاج النفط في الولايات المتحدة 9.43 مليون برميل يوميا في الأسبوع المنتهي في 28 يوليو، وهو أعلى مستوى منذ آب (أغسطس) 2015 كما أنه يزيد 12 في المائة على المستويات المتدنية التي بلغها في حزيران (يونيو) العام الماضي.
وتراجعت أسعار النفط في السوق الأوروبية أمس، لتبدد كامل مكاسبها المحققة يوم الجمعة الماضي، بعد انخفاض منصات الحفر في الولايات المتحدة، ويأتي هذا التراجع قبيل اجتماع اللجنة الفنية المشتركة لـ “أوبك” والمنتجين المستقلين في أبو ظبي لبحث سبل تعزيز الامتثال لاتفاق خفض الإنتاج العالمي.
وتراجع الخام الأمريكي إلى مستوى 48.95 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 49.57 دولار، بحلول الساعة 09:10 بتوقيت جرينتش، وسجل أعلى مستوى 49.68 دولار، وأدنى مستوى 48.88 دولار.
ونزل خام برنت إلى مستوى 51.75 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 52.40 دولار، وسجل أعلى مستوى 52.51 دولار، وأدنى مستوى 51.64 دولار.
وحقق النفط الخام الأمريكي الجمعة الماضي، ارتفاعا بنسبة 1.2 في المائة، في ثاني مكسب خلال ثلاثة أيام، وصعدت عقود برنت بنسبة 0.8 في المائة، بعد انخفاض منصات الحفر الأمريكية.
وأعلنت شركة “بيكر هيوز” للخدمات النفطية الجمعة الماضي، انخفاض منصات الحفر في الولايات المتحدة بمقدار منصة، إلى إجمالي 765 منصة، في ثاني انخفاض خلال ثلاثة أسابيع.
وفقدت أسعار النفط نسبة 0.6 في المائة على مدار تعاملات الأسبوع الماضي، لتتكبد خسارة أسبوعية، تحت ضغط ارتفاع صادرات “أوبك” لمستوى قياسي في تموز (يوليو) الماضي، بفعل ارتفاع إمدادات ليبيا ونيجيريا المعفاتين من اتفاق خفض المعروض العالمي.
وتراجعت سلة خام “أوبك” وسجل سعرها 49.94 دولار للبرميل يوم الجمعة الماضي، مقابل 50.24 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” أمس، “إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول انخفاض عقب ارتفاعين سابقين، كما أن السلة بقيت تقريبا عند نفس مستوى آخر تعاملات شهر يوليو الماضي الذي سجلت فيه 49.97 دولار للبرميل”.
الرئيسية تقارير