بقلم – فيصل مرزا
أدت مؤشرات الاقتصاد العالمي الإيجابية خصوصا في مجموعة العشرين إلى ارتفاع أسعار النفط بالقرب من مستوياتها في بداية العام، وظهر جليا تأثير التحسن الاقتصادي في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية على قطاع الطاقة! كذلك ساعدت التوترات الجيوسياسية العالمية إلى خلق ترند صعودي للأسعار، وتؤثر مستويات النمو الاقتصادي الحالية والمتوقعة تأثيرا كبيرا على الطلب العالمي على النفط وأسعاره، لأن النمو الاقتصادي العالمي ينعكس على استهلاك النفط وأسعاره، نتيجة لزيادة أنشطة النقل التجاري والشخصي وعمليات التصنيع وتوليد الطاقة.
كما صعد سعر خام برنت الى 55.62 دولارا، كما ارتفع خام نايمكس الى 49.89 دولارا وهي أعلى مستويات من خمسة أشهر وقريبة من ذروة الأسعار في بداية العام! هذا، وتقلص الفارق قليلا بين خامي برنت ونايمكس من 6.30 دولارات عند إغلاق الأسبوع الماضي الى 5.73 دولارات، وذلك بعد استئناف مصافي التكرير الأميركية والعودة التدريجية لصادرات المشتقات النفطية إلى أوروبا، ولكنه يظل عند مستوى مرتفع تاريخيا بفضل الطلب القوي على النفط! وهناك عوامل اخرى دعمت الأسعار، فأخيرا وبعد طول انتظار جاءت تعديلات توقعات الطلب بالزيادة في التقرير الشهري لمنظمة «أوپيك» ووكالة الطاقة الدولية، وذلك نتيجة قوة الطلب من أوروبا وأميركا، وبغض النظر عن آثار زيادة الطلب بعد استئناف عمل مصافي النفط الأميركية بعد إغلاقها نتيجة اعصار هارفي، الا أن السوق لم يشهد حتى الآن تحركا صحيحا لعواقب الإعصار على أسواق النفط! مما يثير علامات استفهام حتى مع الزيادة الكبيرة في مخزونات النفط الأميركية بعد اعصار هارفي بمقدار 5.9 ملايين برميل، وفي الوقت الذي قفزت فيه مخزونات النفط الأميركية، نجد مخزونات البنزين والمنتجات البترولية بعد تراجع طاقة المصافي التكريرية، حيث انخفض الفائض من مخزونات المنتجات النفطية فوق متوسط الخمس سنوات بمقدار 11 مليون برميل الى أدنى مستوى له في 30 شهرا، وبانخفاضات أكثر في مخزونات البنزين.
هذا، وبعد انحسار الأعاصير، عادت التوقعات بأن يعود انتاج النفط الأميركي الى 9.3 ملايين برميل يوميا في 2017 وأن يرتفع الى 9.8 ملايين برميل يوميا في 2018 من 8.9 ملايين برميل يوميا في 2016، ولكن أرقام الانتاج الأميركي الأسبوعية والمتراجعة مؤخرا بسبب الاعصار، أدت الى تساؤلات بديهية بأن مؤشر الانتاج الأميركي قبل الاعصار كان على الأرجح أقرب الى 9.4 ملايين برميل يوميا بدلا من 9.53 ملايين برميل يوميا عند مقارنة البيانات الأسبوعية لمعلومات إدارة الطاقة الأميركية!
ولعل تحركات منصات الحفر الأميركية مؤخرا أكدت ما ذكرناه سابقا من أن عدد الحفارات لم يعد مؤشرا صحيحا على الاطلاق، لا على مستويات الانتاج ولا على مستويات الأسعار، بعد أن وضعت الشركات الأميركية خطط إنفاق طموحة لعام 2017 عند توقعات أسعار فوق 50 دولارا للبرميل، وهذا المؤشر المضلل يجعلنا نتساءل عن صحة التقلبات السعرية في عام 2016 والتي كان مؤشر منصات الحفر يلعب دورا كبيرا في تحركاتها صعودا وهبوطا! وتم استخدام مؤشر الحفارات كشماعة لهبوط الأسعار بعد هيمنة الاعلام النفطي الغربي على سرد غير منطقي واعتماد محللي الأسواق على هذا المؤشر الخاطئ في تحليل أسعار النفط العالمية، بينما هو يستخدم بالأساس لمراقبة عدد المنصات وللترويج لمعدات وخدمات الحفر!