
أكد تقرير “أويل برايس” الدولي أن السعودية تبذل جهودا حثيثة في دعم صعود الأسعار والتعجيل بحدوث التوازن في السوق، مشيرا إلى تزايد احتمالات تمديد تخفيضات الإنتاج التي تقودها منظمة “أوبك” بالتعاون مع المنتجين المستقلين.
وأضاف التقرير أنه “على الرغم من التوتر السياسي والعوامل الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط إلا أن احتمال حدوث انقطاع في الإمدادات النفطية لا يزال منخفضا للغاية”، لافتا إلى أن الأسواق تتطلع إلى مزيد من الإجراءات التي ينفذها المنتجون بقيادة السعودية وروسيا.
وبحسب التقرير فإن السعودية تتبني دوما خطوات جديدة وربما مفاجئة داعمة للسوق ومؤثرة في جهود التعاون المشترك وتنطلق من تحقيق المصلحة العامة للمنتجين والمستهلكين وأيضا لدعم توازن السوق، لافتا إلى أن الرياض بصدد تخفيض صادراتها النفطية في الفترة من نوفمبر إلى ديسمبر بمقدار 120 ألف برميل يوميا.
وذكر التقرير أن كبار تجار النفط في العالم على قناعة تامة حالية بنجاح جهود “أوبك” في تقييد الإنتاج وعلاج تخمة المعروض التي انكمشت على نحو واسع ومؤثر أخيرا، مشيرا إلى أن السعودية تحتفظ لديها بمستوى جيد ومناسب من المخزونات النفطية وأن المملكة شهدت انخفاض مخزوناتها النفطية بمقدار 70 مليون برميل في بداية عام 2016، إلا أن المخزونات ارتفعت وعادت إلى المستوى الصحي والملائم في العام الحالي.
وأوضح التقرير أن عوامل دفع الأسعار للنمو ما زالت قائمة بقوة وفي مقدمتها المخاطر الجيوسياسية التي لا تزال باقية ومؤثرة في الشرق الأوسط وأيضا العوامل الاقتصادية وفي مقدمتها توقعات قوية بأن تقدم منظمة “أوبك” على تمديد صفقة خفض الإنتاج حتى نهاية العام المقبل 2018.
وأفاد التقرير الدولي أن أسعار النفط أظهرت بعض الضعف في منتصف الأسبوع الماضي على خلفية البيانات التي أفادت بأن إنتاج النفط الأمريكي قد حقق قفزات انتاجية، لافتا إلى أن أسعار الفائدة حققت ارتفاعا الخميس الماضي ما جعل خامي غرب تكساس الوسيط وبرنت على المسار الصحيح لتسجيل الأسبوع الخامس على التوالي من المكاسب، منوها بأن أسعار النفط أغلقت على أطول سلسلة من المكاسب الأسبوعية في أكثر من عام.
وألمح التقرير إلى أن “أوبك” توقعت في تقريرها السنوي نموا ملموسا في إمدادات النفط الصخري الزيتي في الولايات المتحدة، لافتا إلى تقديرات المنظمة بأن إنتاج الولايات المتحدة من الصخر الزيتي سيصل إلى 1.5 مليون برميل يوميا هذا العام ثم يرتفع ليصل إلى 5.7 مليون برميل يوميا بحلول 2021 ثم ينخفض إلى 4.8 مليون برميل يوميا بعد عام 2021.
ونوه التقرير بأن “أوبك” تؤكد دوما أهمية دور النفط الصخري في منظومة الطاقة الدولية، وتستهدف الوصول إلى سوق مستقرة ومتوازنة ولن تلجأ إلى إخراج النفط الصخري الزيتي الأمريكي من السوق عن طريق إغراق الأسواق بإنتاجها، لكنها تركز على تعاون جميع المنتجين لضبط العلاقة بين العرض والطلب.
ولفت التقرير الدولي إلى استبعاد “أوبك” حدوث ذروة الطلب على النفط في المستقبل القريب، مشيرا إلى توقعات منظمة “أوبك” بأن الطلب على النفط سيرتفع بأكثر من 15 مليون برميل يوميا حتى عام 2040 مع استبعاد صحة بعض التوقعات والتنبؤات بشأن حدوث ذروة في الطلب على النفط الخام خلال العقد أو العقدين المقبلين.
في سياق متصل، رجحت منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” أن 50 في المائة من النمو المتوقع في الطاقة التكريرية في العالم خلال العقدين المقبلين سيحدث في منطقة آسيا والمحيط الهادئ التي يتوقع أن تضيف 9.5 مليون برميل يوميا بحلول عام 2040.
ورجح أحدث تقارير المنظمة الدولية أن يرتفع الطلب على نفط “أوبك” إلى 41.4 مليون برميل يوميا بحلول عام 2040 لافتا إلى أن حصة سوائل “أوبك” في إجمالي إمدادات السوائل العالمية سترتفع إلى 46 في المائة بحلول عام 2040 مقابل 40 في المائة في عام 2016.
وأضاف التقرير أنه “من المتوقع أن تزداد تجارة النفط الخام العالمية بنحو 6.5 مليون برميل يوميا بين عامي 2016 و2040، مدعومة في معظمها بواردات آسيا والمحيط الهادئ وصادرات الشرق الأوسط”، مشيرا إلى أن حجم الاستثمار العالمي المطلوب في قطاع النفط حتى عام 2040 يقدر بنحو 10.5 تريليون دولار.
وتوقع التقرير أن يرتفع إجمالي الطلب على الطاقة الأولية بنسبة 35 في المائة في الفترة حتى عام 2040، مضيفا أنه “من المتوقع أن يظل النفط هو الوقود الذي يمثل أكبر حصة في مزيج الطاقة طوال فترة التوقعات حتى عام 2040”.
ونوه تقرير المنظمة بأنه قد تم تعديل توقعات النمو في الطلب على الخام على المدى الطويل إلى مستوى زيادة بمقدار 1.7 مليون برميل يوميا مقارنة بعام 2016، حيث من المرجح أن يبلغ الطلب الكلي أكثر من 111 مليون برميل يوميا بحلول عام 2040.
وأكد التقرير أن الدول النامية ستستمر في قيادة نمو الطلب، حيث تزيد بنحو 24 مليون برميل يوميا لتصل إلى 67 مليون برميل يوميا بحلول عام 2040، كما أن نمو الطلب على المدى الطويل سيأتي بشكل رئيسي من قطاع النقل البري بنحو 5.4 مليون برميل يوميا، والبتروكيماويات 3.9 مليون برميل يوميا وقطاع الطيران 2.9 مليون برميل يوميا.
وأشار التقرير إلى أن النمو في الطلب على النفط يعود في الأساس إلى قطاع النقل البري حيث يوجد تزايد سريع في أسطول السيارات في البلدان النامية في مقابل انخفاض مستمر في الاعتماد على استخدام النفط لكل مركبة في دول منطقة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وذكر التقرير أنه من المتوقع أن تتغير طبيعة الوقود في أسطول السيارات بشكل هادئ وسلس خلال فترة التوقعات، مشيرا إلى أنه في قطاع سيارات الركاب يقدر أن السيارات الكهربائية ستمثل 12 في المائة من أسطول السيارات بحلول عام 2040.
وخلص التقرير إلى أن صناعة النفط تتسم بالطبيعة متعددة الأوجه والى ضرورة استمرار التعاون والتكامل المتبادل بين جهود جميع الدول المنتجة، مشددا على النتائج الإيجابية الملموسة بشكل واسع في عملية إعادة التوازن الجارية حاليا في السوق وتحديدا فيما يخص توقعات السوق في الأجل المتوسط.
ولفت التقرير إلى أن النفط سيظل الوقود المفضل في المستقبل المنظور، وأن أمن العرض والطلب وجهان لعملة واحدة، مشيرا إلى أهمية استكشاف وتقييم التحديات المحتملة فضلا عن الاستفادة من كل الفرص التي قد تواجه هذه الصناعة.
من ناحية أخرى وفيما يخص الأسعار، فقد سجل النفط انخفاضا طفيفا في ختام الأسبوع الماضي مع تبدد أثر التوقعات بأن تمدد “أوبك” ومنتجون آخرون اتفاق خفض إنتاج النفط بفعل إضافة الشركات الأمريكية منصات حفر بأكبر وتيرة في أسبوع منذ يونيو ما يشير إلى أن الإنتاج سيواصل النمو.
ويرى تجار أن الأسعار المرتفعة جاءت نتيجة للجهود التي تقودها “أوبك” وروسيا لتقليص الفجوة بين العرض والطلب في السوق من خلال كبح الإمدادات، إضافة إلى قوة الطلب وتصاعد التوترات السياسية.
وهناك توقعات أيضا في السوق بأن اجتماع “أوبك” المقبل في الثلاثين من نوفمبر ستجري خلاله الموافقة على تمديد خفض الإنتاج بعد الموعد النهائي الحالي المقرر في نهاية مارس 2018.