
حدد تقرير “أويل برايس” الدولي خمس دول منتجة للنفط تواجه عوامل جيوسياسية صعبة قد تؤدي إلى انقطاع إمداداتها من النفط الخام بشكل مفاجئ، ما قد يؤدي إلى قفزة في مستويات الأسعار.
وأكد التقرير أن الاستقرار النسبي لأسعار النفط الخام فوق 50 دولارا لا يعني عدم وجود مخاطر إمدادات قد تتعرض لها السوق عبر الدول الخمس وهي إيران وليبيا ونيجيريا والعراق وفنزويلا.
ولفت التقرير إلى أن التوتر الجيوسياسي كان غير ذي صلة إلى حد كبير منذ انهيار أسعار النفط في عام 2014، لكنه يعود الآن إلى الظهور والتأثير في بعض الدول الرئيسية المنتجة للنفط وسيحمل خطر الانقطاع المفاجئ للإمدادات من هذه الدول مزيدا من التأثير في ضوء تقلص المعروض النفطي الحالي في سوق النفط.
وتناول التقرير الوضع في إيران بعد التهديدات الأمريكية بالانسحاب من الاتفاق النووي، كما لفت إلى تعرض صادرات النفط الخام في شمال العراق للخطر بسبب تصاعد التوتر بين حكومة إقليم كردستان وبغداد وتركيا.
وفي سياق متصل، مالت أسعار النفط الخام إلى تحقيق مكاسب جديدة نتيجة تغلب العوامل الداعمة للأسعار على العوامل المضادة الأخرى وتلقت الأسعار دعما من انخفاض صادرات العراق بسبب تداعيات أزمة كركوك وأيضا من استمرار التراجع في مستوى المخزونات النفطية الأمريكية.
وتفاعلت السوق إيجابيا مع تصريحات المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، التي أكد فيها رضاءه التام عن اتفاق خفض الإنتاج وعن مدى النجاح والتقدم المستمر الذي يحققه خاصة على صعيد السحب السريع من المخزونات وأيضا على مستوى نشاط عجلة الاستثمارات النفطية مجددا.
وأكد المهندس بيرت ويكرينك مدير أنظمة التشغيل في شركة “كيوا” للغاز في هولندا، “إن “أوبك” تحرص دوما على بث أجواء من الثقة في السوق ولديها رؤية مستقبلية واعية لتطورات الوضع في سوق النفط الخام واستقراء جيد للمتغيرات وحسن التعامل معها، من خلال سياسات تقوم على المرونة وتجنب أحداث الصدمات في السوق”.
وأضاف أن “الوزير الفالح كشف عن نقطة مهمة في سياسات “أوبك” وهي إجراء التخفيضات الإنتاجية وفق جرعات ملائمة لاحتياجات السوق وعدم التسرع في إجراء تخفيضات أكبر مما ت حتاج إليها السوق حتى لا تؤدي إلى نتائج عكسية وتفشل جهود ضبط المعروض التي تقودها “أوبك” بالتعاون مع المنتجين المستقلين”.
واعتبر أن تأكيد الوزير السعودي على الرؤية المتأنية لإجراء تخفيضات جديدة والحرص على عدم تعرض السوق لأي صدمات مجددا قد يعني أن “أوبك” لن تكون متحمسة لتعميق تخفيضات الإنتاج بأكبر من المستوى الحالي وهو 1.8 مليون برميل يوميا لـ 24 منتجا في الاتفاقية خاصة أن السوق ظهرت عليها مؤشرات التعافي على نحو واسع سواء المتمثلة في نمو الأسعار وانحسار فائض المخزونات ونشاط ورواج الاستثمارات الجديدة.
وأوضحت شيكاكو أشيجورو عضو الفريق البحثي في شركة “أوساكا ” للغاز، أن السوق استشعرت تحسنا واسعا في مستويات الطلب مع قرب انتهاء عام 2017 وذلك بما يفوق توقعات سابقة وأدى إلى أن كثيرا من المؤسسات والبنوك الدولية عدلت توقعاتها بالزيادة لتقديرات مستوى الطلب على النفط الخام.
ولفتت إلى أن التقديرات السابقة لمستوى الطلب كان النمو بنحو 1.2 مليون برميل يوميا خلال العام الجاري ولكن تم تعديل هذه التقديرات في النمو إلى 1.6 مليون برميل يوميا، متوقعة مواصلة نمو الطلب في العام المقبل، بشكل جيد ومتسارع، ما يعزز جهود المنتجين في تضييق الفجوة بين العرض والطلب ومن ثم استعادة الاستقرار في السوق.
كما توقعت أن تثمر جهود “أوبك” والمستقلين في منع التذبذبات في السوق خلال الفترة المقبلة، مشيرة إلى أن موسم الشتاء سيشهد إعطاء مزيد من الدعم لمستوى الطلب، كما أن جهود متابعة وتقييم متغيرات السوق تسير بشكل فعال بين كل المنتجين خاصة أنها مدعومة أيضا من ارتفاع مستمر في مستويات المطابقة سواء داخل أو خارج منظمة أوبك.
ولفت إلى أن روسيا استفادت كثيرا من تعافي أسعار النفط فوق 55 دولارا للبرميل وأن كثيرين من المسؤولين الروس أعلنوا أن المستوى الحالي للأسعار مرضٍ جدا لاقتصاديات وموازنات روسيا، مبينا أن البلاد شهدت نتيجة ذلك انتعاشة واسعة في استثمارات الطاقة حيث زادت استثمارات النفط والتكرير إلى 1.3 تريليون روبل هذا العام، كما نما إنتاج الغاز بنحو 12 في المائة، والفحم 6 في المائة، وذلك بحسب تقديرات وزارة الطاقة الروسية.
وفيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط أمس، مستمدة الدعم من تراجع في صادرات النفط القادمة من العراق، ثاني أكبر منتج في “أوبك”، وتوقع تراجع ممتد في مخزونات النفط التجارية الأمريكية.
وارتفع خام القياس العالمي مزيج برنت في العقود الآجلة تسليم ديسمبر عشرة سنتات إلى 57.47 دولار للبرميل، بحلول الساعة 0651 بتوقيت جرينتش بعد أن تحدد سعر التسوية على انخفاض 38 سنتا أمس الأول.
وارتفع الخام الأمريكي تسليم ديسمبر ستة سنتات إلى 51.96 دولار.
وتراجعت صادرات النفط العراقية أكثر من 200 ألف برميل يوميا منذ مطلع الشهر الحالي في ظل انخفاض الشحنات من شمال وجنوب البلاد على السواء.
وقال تومونيتشي أكوتا كبير الاقتصاديين لدى “ميتسوبيشي يو.إف.جيه” للأبحاث والاستشارات في طوكيو “تعكف السوق حاليا على تقييم العوامل الداعمة أكثر مثل وضع كردستان والتباطؤ في عدد الحفارات المرتبطة بالإنتاج الصخري الأمريكي، واحتمال تمديد تخفيضات “أوبك”.
كما ارتفعت العقود الآجلة لأسعار النفط الخام بقرابة 1 في المائة خلال الجلسة الأوروبية وسط الاستقرار السلبي لمؤشر الدولار وفقاً للعلاقة العكسية بينهما.