مسجد يضيء بلدة بأكملها بالطاقة الشمسية في المغرب

أصبحت ‫تادمامت أول قرية مغربية تبني مسجدا يعتمد بصورة كلية على الطاقة الشمسية ،حيث تغطي سقفه ألواح ضوئية للطاقة الشمسية تعمل على توليد الطاقة، وهي لا تزود المسجد وحده بالطاقة، بل تنقل الكهرباء أيضا إلى منزل إمام المسجد وأجزاء كبيرة من القرية‫. ‬‬

يقول جان كرستوف كونتز، من الجمعية الألمانية للتعاون الدولي التي تقدم الدعم للمشروع: “إنه أول مسجد لتوليد الطاقة في البلاد”.

ويمهد مسجد ‫تادمامت الطريق لبناء مساجد أكثر من هذا النوع، وهو جزء من مبادرة “المساجد الخضراء” التي أطلقتها الحكومة المغربية قبل ثلاث سنوات بهدف تخفيض استهلاك الطاقة في المباني العامة، بدءا بالمساجد البالغ عددها 51 ألف مسجد في البلاد‫. ‬‬‬‬

وتستهلك الإضاءة الجزء الأكبر من الطاقة في المساجد، يليها بعض المهام اليومية الأصغر مثل التجهيزات الصوتية المستخدمة خلال الصلاة، ومعدات التنظيف الكهربائية،يقول كونتز‫: “استهلاك الطاقة في المساجد ليس معقداً، كما هو الحال في الأبنية، لهذا فإنها أفضل الأماكن للبدء بالمشروع.”

ونظرا لأن المغرب بلد إسلامي، يلعب المسجد دوراً محورياً في المجتمع. وعلاوة على ذلك، يعد هذا المسجد هو المكان العام الوحيد في قرية ‫تادمامت، ويُستخدم للتعليم كبديل لدار التعليم الصغيرة التي تحتاج إلى ترميم‫.

يقول إبراهيم عبد السلام، الذي يرأس جمعية القرية‫: “يمكن للأطفال الآن أن يأتوا هنا للدراسة في أي وقت بسبب توفر الإضاءة، فالمدرسة لم تكن مزودة بذلك”.

وما زالت تاولي كبيرا، التي تعيش في القرية والتي تبرعت عائلتها بالأرض التي بُني عليها المسجد، تتذكر الأيام التي كان السكان يصلون فيها على ضوء الشموع، وتقول: “إذا كانت هناك رياح فالشموع تنطفأ ويكمل المصلون صلاتهم في الظلام”.

كما ينير المسجد الشوارع في الليل، فقد كانت القرية تعيش في ظلام دامس بعد الغروب‫. وتجري الاستعدادات على قدم وساق لاستخدام فائض ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬الكهرباء في ضخ المياه من البئر من أجل الري الذي يجري حالياً بشكل يدوي.

ويوجد أيضا سخّان مياه يعمل بالطاقة الشمسية وُضع على سطح المسجد في زاوية ملائمة بهدف تأمين المياه الساخنة اللازمة للوضوء، كما رُكّب في المسجد نظام صمام ثنائي لانبعاث الضوء بهدف توفير الطاقة بشكل فعّال.

وقال كونتز‫: “لا توجد مياه ساخنة في المنازل، لكن سكان القرية يستطيعون الآن الاستحمام في غرفة الاغتسال قرب المسجد”.

وتقول كبيرا إن الكهرباء باهظة الثمن في المغرب، لذا فإن باقي سكان القرية يودون استخدام الطاقة الشمسية في منازلهم‫. لكن ورغم انخفاض أسعار الألواح وسخانات المياه الشمسية، إلا أنه بالنسبة لمناطق ذات دخل محدود مثل تادمامت لا تزال الأسعار مرتفعة للاستخدام الشخصي‫،لكن المشروع يساعد في نشر الوعي فيما يتعلق بالطاقة المستدامة، والبعض مستعدون لشراء ما يلزم لاستخدامها‫،ويقول عبد السلام: “كانت فاتورة المسجد القديم يتحملها الجميع لكننا لا ندفع شيئاً الآن”.

ويعد هذا كله جزءا من الهدف الأكبر المتمثل في تخفيض انبعاثات الغازات بنسبة 34 في المئة في المغرب بحلول عام 2030، دعماً لاتفاقية باريس للمناخ‫. وقد جُدد 100 مسجد العام الماضي كجزء من المشروع التجريبي للمساجد الخضراء، بما في ذلك أكبر مسجدين في مراكش‫. ‬‬

ويعتمد المغرب حالياً على الوقود الأحفوري لتلبية استهلاكه المتزايد من الطاقة، ففي السنوات العشر الأخيرة تضاعفت الحاجة لاستهلاك الكهرباء خاصة مع انطلاق مشروعات البنى التحتية الجديدة، علاوة على أن البلاد تستورد نحو 97 في المئة من احتياجاتها من النفظ والغاز والفحم،وفي الوقت نفسه، تتمتع البلاد بأكثر من ثلاثة آلاف ساعة سنوياً من ضوء الشمس وظروف مثالية لتوليد الطاقة من الرياح والطاقة الكهرومائية في مناطق عدة، ويسعى المغرب لتوفير 52 في المئة من طاقته من الموارد المستدامة بحلول عام 2030.