اكد تقرير مركز الشال للاستشارات الاقتصادية أنه منذ تحرير الكويت قبل نحو 27 سنة، تعاقب على حقيبة وزارة النفط 20 وزيراً، غالبيتهم الساحقة من غير ذوي الاختصاص بتقنياته أو باقتصاداته أو حتى سياسته، والأهم، أن أياً منهم لم يمض ما يكفي من وقت لتبني وتحقيق أي هدف إستراتيجي، إذ أن معدل دوران الوزير هو سنة وثلث السنة.
ووفقا لصحيفة”الراى” الكويتية اعتبر تقرير مركز الشال للاستشارات الاقتصادية، أن حقيبة النفط أهم الحقائب الوزارية، وأن مهمتها الأساسية تقوم على التوفيق بين إستراتيجية القطاع طويلة المدى، وإستراتيجية الدولة طويلة المدى في الوقت نفسه، والتي يبلغ إجمالي الإنفاق فيهما نحو 900 مليار دولار.
وذكر أنه إلى جانب أهمية الحقيبة الجيوسياسية في العلاقة مع دول الجوار، والعلاقة السياسية مع المنتجين والمستهلكين الآخرين، فإن دورها أساسي في تعظيم الإفادة من الحاضر، وفي التوفيق ما بين إستراتيجيتها طويلة المدى وإستراتيجية الدولة طويلة المدى.
وأشار إلى أن النفط مصدر كل التمويل للمالية العامة، إذ وفر في سنوات الرواج، ورغم الانفلات المؤذي حينها للسياسة المالية، ما يكفي لبناء طبقة شحم أو احتياطيات مالية.
ولفت «الشال» في تقريره الأسبوعي، إلى أن زمن رواج النفط مرة أخرى لن يتحقق في المستقبل المنظور، مبيناً أنه في زمن ركوده، يظل يمول 90 في المئة من نفقات الموازنة العامة بشكل مباشر، أو إضافة إلى السحب من مدخراته أو الاقتراض بضمانها.وبين التقرير أن فشل السياسة الاقتصادية على مدى أكثر من نصف قرن، في تحقيق هدف تنويع مصادر الدخل، من أجل خفض الاعتماد الكلي على النفط، أبقاه شريان الحياة لحاضر ومستقبل الدولة.
وأكد أن قطاع النفط مصاب بأمراض ثلاثة، فساد له تاريخ منذ ثمانينات القرن الفائت، فحقيبة وزارته ويتبعها بعض قيادييه تمنح لشراء ولاء هذا الفصيل السياسي أو الاجتماعي أو ذاك، ثم بعدها يبدأ الفصيل الجديد بتصفية نفوذ من سبقه لتنشغل قياداته في صراعاتها، منوهاً بأنه تعرض لتفريغ من معظم قياداته الوسطى المحترفة بقانون سياسي جائر للتقاعد المبكر في عام 2009، ما أدى إلى انحدار كبير في مستواه المهني.
وأفاد بأنه في بداية حقبة رواج سوق النفط الأخيرة (2010-2014)، تم تمييز القطاع بكادر بالغ التكلفة والانحراف، بعد ادعاء وزيره في ذلك الوقت بأن ذلك لن يكلف الخزينة العامة فلساً واحداً، وبات حالياً محرقة لأي وزير، لأن كل نافذ أو فاسد، بات يريد حصة في وظائفه، مشيراً إلى أن الكفاءة ليست بالضرورة هي المعيار. وبيّن التقرير أن لدى قطاع النفط إستراتيجية معلنة تهدف إلى البلوغ بإنتاج الكويت إلى 4.75 مليون برميل يومياً بحلول عام 2040، قدّرت تكاليف تنفيذها بنحو 450 مليار دولار، مبيناً أن لدى الكويت إستراتيجية «كويت جديدة» هدفها الأساس تنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط بحلول عام 2035، وبتكلفة بحدود 450 مليار دولار.وأضاف أنه وبينما يمثل الاعتماد على النفط واقعاً معاشاً، تمثل وعود (كويت جديدة) هدفاً محتملاً نتمنى له النجاح، ولكن استقراء تجارب الماضي فيه الكثير من الاحباط.وأشار إلى أنه لو تم الأخذ بمتطلبات التمويل فقط للإستراتيجيتين، نحو 900 مليار دولار، فسيتعذر السير بكليهما معاً، وذلك غير التناقض في أهدافهما.