صفعة مزدوجة توجهها الصناعة النفطية في الولايات المتحدة الأميركية للمنتجين في منطقة الشرق الأوسط، الذين لا يزالون يعيشون في الوقت الراهن حالة من الترنح نتيجة انهيار أسعار النفط في 2014.
ووفقاً لتقرير نشرته وكالة «بلومبرغ»، فإن صراعاً قوياً يحتدم في السوق النفطي على الزيوت الخفيفة، التي تحتوي على نسبة منخفضة من الكبريت، وأقل كثافة من الأصناف الثقيلة، مشيراً في الوقت عينه إلى أن الإمدادات الأميركية تؤثر على أسعار هذه الخامات، بالإضافة إلى الوقود المصنوع منها.
وبحسب صحيفة “الراى” الكويتية بيّن التقرير أن النفط الخفيف الذي يتم ضخه في حقول النفط الصخري في الولايات المتحدة يشق طريقه إلى آسيا بشكل متزايد، الأمر الذي أدى إلى تخفيض المبيعات من قبل منتجين من أمثال السعودية. وبالإضافة إلى ذلك، تقوم أميركا بتصدير كمية قياسية من الوقود المكرر، مما يسهم في تخمة عالمية في البنزين والنافثا.
ولفت التقرير إلى أن ذلك يضر بعضاً من أكبر أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) التي تستعد لكبح إنتاج النفط الخام في محاولة لاستقرار السوق.
ويضطر منتجو الشرق الأوسط – الذين لا يزالون الموردين المهيمنين إلى آسيا – إلى التعامل مع المنافسة الأميركية في النفط الخام عن طريق خفض أسعارهم للدفاع عن حصتهم في السوق، وفي الوقت نفسه، تتنافس المصافي مع شحنات الوقود المزدهرة في الولايات المتحدة التي تسببت بتخفيض عوائدها من صنع المنتجات المعالجة.
وقال المحلل في شركة الاستشارات الصناعية «إنرجي أسبكتس» المحدودة، فيرندرا تشاوهان «ليس من المستغرب أن يضطر المنتجون في الشرق الأوسط إلى خفض أسعار النفط الخام الخفيف»، مبيناً أنه على مدار عام 2018 كانت المصادر الرئيسية لنمو إنتاج النفط العالمي تشمل الخام الخفيف من حقول النفط الصخري في أميركا وأيضاً في السعودية.
وبينما يعمل منتجو الشرق الأوسط مثل السعودية والإمارات على تخفيض أسعار خاماتهم من الزيت الخفيف، فإن الصادرات الأميركية إلى الدول الآسيوية مثل الهند، وكوريا الجنوبية آخذة في الارتفاع، حتى الوقف الموقت من جانب الصين بسبب حربها التجارية مع الولايات المتحدة لم يؤثر بشكل كبير على التدفقات الإجمالية لهذا العام.
وفي الوقت الذي اشتدت فيه المنافسة بين المنتجين في الشرق الأوسط والبائعين من النفط الأميركي منذ عام 2016، حتى مع وجود خامات أميركية أثقل نسبياً مثل «Mars» و«Poseidon» القادمة إلى آسيا، فإن المنافسة، وبشكل خاص، شديدة على الدرجات الأخف.
وبحسب التقرير، يتمتع كل من «موربان» الذي تنتجه أبو ظبي، و«الخفيف جداً» السعودي بعوائد مماثلة للوقود، بالإضافة إلى خصائص كيميائية شبيهة بخام النفط الصخري.
وبيّن التقرير أن المنافسة ليست مقتصرة مع التدفقات من النفط الصخري الأميركي، ولكن أيضاً مع الأصناف الإقليمية الجديدة مثل خام «أم اللولو» في أبوظبي، و«الخفيف الممتاز» الكويتي.
وعلى الرغم من التخفيضات الأخيرة في الأسعار، فإن الخامات الخفيفة من منتجي الشرق الأوسط تظل معوقة نسبياً مقابل النفط الأميركي قبل حلول عام 2020، عندما تصبح القواعد الدولية الجديدة التي تفرض استخدام الوقود الأقل تلويثاً في السفن.
ولا يزال محتوى الكبريت في درجات مثل العربي الخفيف جداً والموربان، أعلى من مستويات الخام في الولايات المتحدة، مما يعني أنه يجب معالجتها أكثر قليلاً للحصول على وقود أنظف.
وعلى صعيد المنتجات المكررة، أوضح تقرير «بلومبرغ» أن الإنتاج المتنامي من النفط الصخري واستخدامه في مصافي الولايات المتحدة يؤدي إلى فائض محلي من الوقود سيتم تصديره إلى الأسواق الدولية، أو نقل الشحنات التي تتحرك من آسيا إلى المشترين في أماكن أخرى مثل أميركا اللاتينية.
ووفقاً لبيانات صادرة عن وزارة الطاقة الأميركية، فقد ارتفع متوسط صادرات الولايات المتحدة من المنتجات النفطية
في المئة حتى الآن خلال 2018.
وتشير تقديرات شركة «ESAI Energy» إلى أن الفائض الأميركي من البنزين يقدر بنحو 80 ألف برميل يومياً في عام 2019، مما سيدفع بالصادرات اليومية من المواد الجاهزة والممزوجة إلى أكثر من مليون برميل في العام المقبل.
وبحسب المحلل في شركة «ESAI Energy»، إيان بيج، فإن أحجام البنزين الفائضة في الولايات المتحدة ستواجه منافسة شديدة في السوق العالمية التي تشهد فائضاً، متوقعاً أن تجد هذه البراميل طريقها إلى أميركا اللاتينية والأسواق الأخرى، مما يؤدي إلى حالة من النزوح للواردات من أوروبا وآسيا.
من جانب آخر، لفت التقرير إلى هبوط هوامش التكرير في سنغافورة إلى أدنى مستوى في أكثر من 4 سنوات في وقت سابق من هذا الشهر، وذلك بسبب عدد من العوامل، منها ارتفاع في إمدادات المنتجات النفطية في حوض الأطلسي، فضلاً عن ارتفاع الصادرات من الصين وكوريا الجنوبية. وبلغت عوائد صناعة الوقود 77 سنتاً للبرميل خلال الأسبوع الماضي مقارنة بمتوسط 2.71 دولار خلال العام الماضي.
ووفقاً لبيانات جمعتها «بلومبرغ»، فقد بلغ متوسط التدفقات الشهرية للمقطرات الخفيفة الأميركية مثل مكونات النافثا والبنزين إلى آسيا نحو 552 ألف طن متري هذا العام، أي ثلاثة أضعاف الحجم على مدار العامين الماضيين.
وفي هذا السياق، قال تشاوهان «لقد شعرت أسواق المنتجات النفطية بالآثار السيئة لإمدادات النفط الخام الخفيف لبعض الوقت، مع ضعف أداء في هوامش الربحية للبنزين، وهذا يحد من قدرة شركات التكرير على معالجة البراميل الأخف وزناً بشكل تدريجي».
الخام الكويتي
يهبط 3.36 دولار
واصلت أسعار النفط انتكاستها بعد موجة صعود استمرت أشهراً عدة، لتقترب أمس من أدنى مستوياتها في 18 شهراً.
وهوى برميل النفط الكويتي 3.36 دولار دفعة واحدة في تداولات الأربعاء، ليبلغ 49.63 دولار، مقابل 52.99 دولار كان قد سجلها في تداولات يوم الجمعة الماضي.
وفي الأسواق العالمية، تراجع النفط أكثر من واحد في المئة في ظل تعرض الأسعار لضغوط من مخاوف تخمة معروض الخام، إلى جانب بواعث القلق من تباطؤ الاقتصاد العالمي.
ويتجه «برنت» صوب خسائر بنحو 30 في المئة هذا العام، في حين انخفض عقد الخام الأميركي نحو 25 في المئة.