أكد تقرير “وورلد أويل” الدولي أن التوتر السياسي في كردستان العراق هو الحافز الرئيس في تحقيق مكاسب في أسعار النفط الخام في الفترة الحالية، مشيرا إلى حقيقة أن السوق قد بدأ الآن يتفاعل بشكل أسرع مع المخاطر الجيوسياسية نتيجة وجود وفرة أقل من المعروض النفطي في الأسواق.
وقال التقرير الدولي إن نحو 120 ألف برميل يوميا تضخها حكومة إقليم كردستان من الحقول التي تطالب بها بغداد معرضة لخطر مباشر في حين أن أي تحرك من جانب تركيا المجاورة لإغلاق خط أنابيب كردستان سيؤدي إلى حدوث اضطراب أكبر في المنطقة – بحسب تقدير عديد من المحللين الدوليين.
ولفت التقرير الدولي -المتخصص في صناعة النفط – إلى أن العراق يعتبر ثاني أكبر منتج في منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” ويضخ أكثر من 4.47 مليون برميل يوميا من الحقول في جنوب البلاد، مبينا أنه من ناحية أخرى تعتمد المنطقة الكردية على خط أنابيب إلى ميناء جيهان التركي لتصدير معظم النفط الخام إلى السوق كما ينقل خط الأنابيب نحو 100 ألف برميل يوميا من الحقول النفطية في كركوك.
ونقل التقرير عن محافظ كركوك نجم الدين كريم تأكيده أن الشحنات القادمة من كركوك تجمع بين النفط الخام الذي تضخه شركة نفط الشمال العراقية المملوكة للدولة وحكومة إقليم كردستان العراقية.
وفي سياق متصل، مالت أسعار النفط الخام إلى التماسك النسبي بعد أن حققت مكاسب قياسية في بداية الأسبوع نتيجة تصاعد الصراع بين العراق والأكراد على إمدادات النفط من كركوك ويأتي هذا الصراع بالتزامن مع صراع آخر نتيجة التوتر في العلاقات السياسية بين الولايات المتحدة وإيران بسبب الخلاف على البرنامج النووي لطهران ومدى الالتزام بالاتفاق الدولي في هذا الشأن.
وتشعر “أوبك” بالرضا عن التحسن المستمر في تقلص المخزونات وتعافي الأسعار إلى مستويات تقترب من 60 دولارا للبرميل فيما تكثف جهود لرفع مستوى الامتثال لتخفيضات الإنتاج ويترقب السوق الاجتماع الوزاري للمنتجين في نوفمبر المقبل الذي قد يسفر عن توافق بشأن مد العمل بتخفيضات الإنتاج إلى ما بعد مارس 2018.
وفي هذا الإطار، قال لـ”الاقتصادية” أوسكار أنديسنر مدير إدارة الشرق الأوسط في الغرفة الفيدرالية النمساوية، إن المخاطر العالمية التي يتعرض لها سوق النفط الخام تصاعدت على نحو واسع في الأيام القليلة الماضية بسبب الصراع بين العراق والأكراد على إمدادات النفط في شمال العراق وأيضا تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران بسبب البرنامج النووي لطهران نتيجة التشكك الأمريكي في وفاء إيران بالتزاماتها تجاه الاتفاق الدولي في هذا الشأن.
وأكد أن سيطرة القوات العراقية على حقول كركوك النفطية رفع مستوى المخاوف من صدام مسلح قد يؤثر على استقرار سوق النفط بسبب احتمال تعطل الإمدادات وحدوث اشتعال متوقع في أسعار النفط الخام خاصة بعدما تقلصت وفرة المعروض السابقة بسبب جهود دول “أوبك” في خفض الإنتاج.
وأوضح أن القوات العراقية وجهت ضربة اقتصادية قوية بالفعل لكردستان عندما نجحت في السيطرة على جميع الحقول النفطية في كركوك، مشيرا إلى أن التحركات العراقية ستجعل بعودة الاستقرار إلى الإمدادات من شمال العراق وبالتالي تخفف من انعكاسات هذه التوترات السياسية على سوق النفط .
بيتر فينش مدير وكالة موديز للاستثمار في التشيك، أن الإنتاج الأمريكي من النفط الخام يسرع الخطى نحو التعافي بعد الخسائر السابقة الناتجة عن الإعصارات ويعزز فرص انتعاشه بوتيرة سريعة بنمو الأسعار إلى نحو 57 دولارا للبرميل لخام برنت الذي من المتوقع أن يحقق مزيدا من المكاسب ويكسر حاجز الـ 60 دولارا بسبب التوترات الحالية في الشرق الأوسط وهو ما يشجع المنتجين الأمريكيين على المسارعة في زيادة الإنتاج بأقصى القدرات الممكنة.
وأوضح أنه بحسب توقعات وكالة الطاقة الدولية فإنه من المرجح أن يبلغ إنتاج الولايات المتحدة من النفط الخام 9.4 مليون برميل يوميا في النصف الثاني من عام 2017 أي بزيادة 340 ألف برميل يوميا عن النصف الأول من عام 2017 كما من المتوقع أن يبلغ الإنتاج الأمريكي في العام المقبل 2018 نحو 9.9 مليون برميل يوميا، متجاوزا بذلك المعدل السابق البالغ 9.6 مليون برميل يوميا في عام 1970، استنادا إلى توقعات الطاقة على المدى القصير، مشيرا إلى أن قوة الطلب وتخفيضات “أوبك” على الأرجح ستتمكن من امتصاص هذه الزيادات المتوقعة في الإمدادات الأمريكية.
وفيما يخص الأسعار، تماسكت أسعار النفط الخام أمس، لتحتفظ بمكاسب حققتها في الوقت الذي يهدد فيه الصراع بين القوات العراقية والكردية الإمدادات من شمال العراق في حين يتزايد التوتر السياسي بين الولايات المتحدة وإيران. وصعد خام القياس العالمي مزيج برنت خمسة سنتات إلى 57.87 دولار للبرميل، بحلول الساعة 0730 بتوقيت جرينتش، مرتفعا بواقع الثلث تقريبا عن مستوياته في منتصف العام. ولم يسجل خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي تغيرا يذكر ليستقر عند 51.78 دولار للبرميل.
وسيطرت القوات العراقية على مدينة كركوك النفطية التي كانت خاضعة لسيطرة الأكراد أمس الأول، في رد فعل على استفتاء صوت فيه الأكراد على الانفصال. وذكرت تقارير غير مؤكدة أن القوات الكردية أوقفت إنتاج نحو 350 ألف برميل يوميا من النفط من حقول رئيسة.
ويتزايد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، ما يرفع علاوة المخاطر العالمية للنفط.
وارتفعت أسعار النفط بالسوق الأوروبية، لتواصل الصعود لليوم الثالث على التوالي، مقتربة من أعلى مستوى في ثلاثة أسابيع، وسط تصاعد المخاوف بشأن توقف إمدادات النفط من إقليم كردستان العراق، مع استمرار القتال حول حقول النفط في كركوك بين القوات العراقية والقوات الكردية، كما وجدت الأسعار دعما من ارتفاع التوترات السياسية بين الولايات المتحدة وإيران.
وارتفع الخام الأمريكي إلى مستوى 52.15 دولار للبرميل، بحلول الساعة 08:55 بتوقيت جرينتش، من مستوى الافتتاح 51.91 دولار، وسجل أعلى مستوى 52.18 دولار، وأدنى مستوى 51.66 دولار.
وصعد خام برنت إلى مستوى 58.10 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 57.88 دولار، وسجل أعلى مستوى 58.17 دولار، وأدنى مستوى 57.62 دولار.
وأضاف النفط الخام الأمريكي عند تسوية أمس الأول، نسبة 1.0 في المائة، في ثاني مكسب يومي على التوالي، وسجل أعلى مستوى في ثلاثة أسابيع عند 52.35 دولار للبرميل، وصعدت عقود برنت بنسبة 1.3 في المائة، وسجلت مستوى 58.46 دولار للبرميل الأعلى منذ 27 سبتمبر الماضي.
بدوره، رفع بنك أوف أمريكا ميريل لينش توقعات أسعار النفط خلال الربع الأخير من العام الحالي، وعزا ذلك إلى احتمالات وجود عجز بنحو 230 ألف برميل بالمعروض العالمي، ورفع سعر خام برنت إلى 54 دولارا للبرميل من 50 دولارا، وبالنسبة للخام الأمريكي يتوقع البنك 49 دولارا للبرميل من 47 دولارا.
وارتفعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 55.47 دولار للبرميل أمس الأول، مقابل 55.12 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء بالمنظمة حقق أول ارتفاع له عقب انخفاض سابق، كما أن السلة كسبت نحو دولارين مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 53.70 دولار للبرميل