ساد جدل وسط عدد من المسئولين وخبراء البترول والطاقة بشأن مدى قدرة مصر على تحقيق الاكتفاء الذاتى من الغاز الطبيعى بنهاية العام الحالى، وفقًا لتصريحات حكومdة مؤخرًا.
قال المهندس “طارق الملا” وزير البترول والثروة المعدنية، إن عام 2018 سيشهد تحقيق الاكتفاء الذاتى من الغاز الطبيعى بعد الانتهاء من مشروعات عدة لتنمية حقول الغاز المكتشفة.
وأضاف الوزير أنه من المتوقع ارتفاع إنتاج مصر من الغاز الطبيعى بواقع مليار قدم مكعب يوميا، ليصل إلى 6.2 مليار قدم خلال العام الحالى.
وبحسب الخبراء فإن الاكتفاء الذاتى كمفهوم يُقصد به أن تكفى حصة مصر منفردة لتلبية احتياجاتها الداخلية من الغاز الطبيعى، الأمر الذى لن يتم تحقيقه نهاية العام الحالى أو خلال 10 سنوات مقبلة.
ويقصد بالاكتفاء الذاتى الذى تصرح به الحكومة -وفقا للمسئولين- التوقف عن استيراد الغاز من الخارج، والاكتفاء بالإنتاج المحلى، والذى يضم حصة مصر المنتجة من الامتيازات البترولية والأخرى المشتراة من الشركاء الأجانب العاملين محليا.
وعن مدى قدرة مصر على وقف الاستيراد الخارجى بنهاية العام، أكدوا إمكانية تنفيذ ذلك، ولكن الاستمرار فى وقف الاستيراد بلا رجعة إلى سنوات أخرى مقبلة مرهون بعدة شروط، أبرزها تحقيق اكتشافات جديدة على غرار كشف «ظهر» فى البحر المتوسط، لا سيما فى ظل التناقص الطبيعى فى إنتاجية الحقول، والارتفاع المتتالى فى احتياجات قطاعى الصناعة والكهرباء من الغاز.
وتوقع المهندس أسامة كمال، وزير البترول الأسبق، أن تستغنى مصر عن الاستيراد من الخارج بنهاية العام الحالى، وفقًا لمخططها ومستهدفاتها، ولكن لن يتم تحقيق الاكتفاء الذاتى الكامل من الغاز، والذى يعنى كفاية حصة مصر المنتجة لتلبية احتياجاتها دون الشراء من الشركات الأجنبية العاملة محليا.
يذكر أن إنتاج مصر من الغاز ارتفع حاليا إلى 5.5 مليار قدم يوميا «عقب الإنتاج المبدئى لحقل ظهر، مقابل 5.1 مليار قدم مكعب يوميًا فى 2017، و4.4 مليار قدم مكعب فى 2016.
وكانت مصر تستورد نحو 10 شحنات غاز شهريا العام المالى الماضى، بتكلفة يبلغ متوسطها 250 مليون دولار، وبدأت فى خفضها تدريجيا، تمهيدا للاستغناء نهائيا عن الشراء من الخارج بنهاية العام، لاسيما مع التوسع فى إنتاجية المشروعات التنموية وعلى رأسها حقل «ظهر».
يشار إلى أنه تم بدء الإنتاج التجريبى من حقل ظهر فى البحر المتوسط بنهاية العام الماضى، بطاقة مبدئية -200 350 مليون قدم مكعب غاز طبيعى يوميا، ترتفع لتتجاوز مليار قدم العام الحالى.
وتوقع أسامة كمال، وزير البترول الأسبق، تحقيق الاكتفاء الذاتى فعليا من الغاز الطبيعى، ووقف عملية الشراء الداخلية التى تتم من الشركات الأجنبية العاملة فى مصر بحلول عام 2022.
بينما أكد المهندس مدحت يوسف، استشارى البترول والطاقة، ورئيس مجلس إدارة شركتى موبكو وميدور سابقا، أن مصر تستطيع التوقف عن استيراد الغاز الطبيعى من الخارج نهاية العام الحالى، مع الاستمرار فى شراء حصة الشركاء الأجانب العاملين فى مجال البحث والتنقيب محليا.
ولفت إلى أن وقف الاستيراد من الخارج سيحقق وفورات ومزايا إضافية لمصر، حتى مع الاستمرار فى شراء حصة الشركات داخليا، إذ “الأخير” يتم بمتوسط سعر 5.88 دولار للمليون وحدة حرارية، مقابل ما يقترب من 10 دولار يتم إنفاقها على كل مليون وحدة من الغاز المستورد من الخارج.
وأوضح يوسف أن سعر الغاز المستورد من الخارج يرتبط بسعر خام برنت العالمى، ومع ارتفاع سعر “الأخير” ليقترب حاليا من 70 دولارًا للبرميل فإن أسعار الغاز ستأخذ فى الارتفاع تدريجيا، الأمر الذى يعنى جدوى الإسراع فى تنفيذ مخطط الدولة فى وقف الاستيراد من الخارج، لا سيما فى ظل وفوراته الكبيرة للحكومة.
ولفت إلى أن الإسراع فى الإنتاج من المشروعات التنموية طبقا للمعدلات المستهدفة شرط رئيسى لتحقيق مخطط وقف الاستيراد من الخارج، مضيفًا أن الحكومة تعول على تلك المشروعات وعلى رأسها حقل “ظهر”.
ويعد حقل ظهر أحد أهم الاكتشافات البترولية التى حققها قطاع البترول فى السنوات الأخيرة، ويضم الحقل الذى اكتشفته شركة إينى الإيطالية فى أغسطس 2015، احتياطيات تقدر بنحو 30 تريليون قدم مكعب.
وتتشارك كل من شركة إينى الإيطالية وروسنفت الروسية وبى بى الإنجليزية فى الحقل بنسب 60 – -30 %10 على الترتيب، ولكن هى المشغل الرئيسى للحقل.
وعلى صعيد متصل، قال مصدر حكومى -رفض ذكر اسمه- إن مصر بحاجة إلى 3 اكتشافات على غرار «ظهر» لكى تحقق الاكتفاء الذاتى الكامل من الغاز، والذى يعنى عدم شرائها من الشركات الأجنبية خارجيا أو داخليا.
وأوضح أن متوسط حصة مصر من جملة إنتاج الغاز الحالى والبالغ 5.5 مليار قدم يوميا، تبلغ نحو %45 تقريبا، وما زال الاستيراد من الخارج مستمر حتى الآن، حتى إن انخفض عدد الشحنات المستوردة مقارنة بعام 2017.
ولفت المصدر إلى أن الحكومة قادرة على وقف الاستيراد بنهاية العام، ولكن لابد من تحقيق اكتشافات جديدة على غرار «ظهر» تغنى مصر عن معاودة الاستيراد من الخارج خلال السنوات المقبلة.
وتابع فى حال لم تحقق مصر اكتشافات جديدة مثل «ظهر»، وفى ظل التناقص الطبيعى لإنتاجية الحقول، والارتفاع المتتالى فى احتياجات قطاعى الصناعة والكهرباء، فقد تعاود مصر الاستيراد من الخارج خلال 2019 أو بعدها بفترة قليلة.
وأوضح المصدر أن الاكتفاء الذاتى بمفهوم كفاية حصة مصر لتلبية احتياجاتها أمر من الصعب حدوثه فى ظل الاكتشافات الراهنة، إذ إن حصة مصر فى حال تم الإنتاج من كل المشروعات بالطاقة القصوى لن تتجاوز 3.5 مليار قدم مكعب يوميا، مقابل استهلاك يتجاوز حاجز 6 مليارات قدم يوميا.
وتابع أن مصر تعتمد خلال الـ5 – 6 سنوات المقبلة على مناطق شمال الإسكندرية وغرب المتوسط و”ظهر” بشكل رئيسى لتعظيم ثرواتها من الغاز الطبيعى.
جدير بالذكر، أن حقل “ظهر” يتصدر قائمة المشروعات التنموية التى تستهدف الحكومة من خلالها زيادة إنتاجية الغاز، إذ إنه من المستهدف إكمال المرحلة الأولى من المشروع ليصل الإنتاج تدريجيا إلى أكثر من مليار قدم مكعب غاز يوميا.
وتضم القائمة المرحلة الثانية من مشروع شمال الإسكندرية غرب الدلتا، بمعدلات إنتاج تتراوح ما بين 500 – 700 مليون قدم مكعب غاز يوميا، ويتم تنفيذ المشروع من خلال تحالف يضم كلا من شركة “بى بى” الإنجليزية، وشركة ديا الألمانية.
وكان الرئيس عبدالفتاح السيسى قد افتتح المرحلة الأولى من المشروع التى تضم حقلى تورس وليبرا، منتصف العام الماضى، بطاقة إنتاجية تصل لحوالى 700 مليون قدم مكعب يوميا.
وتتضمن القائمة أيضا حقل أتول، إذ إنه من المستهدف الانتهاء من مراحل مشروع تنميته فى منطقة شمال دمياط للوصول بالإنتاج إلى نحو 500 مليون قدم مكعب يوميا من الغاز.
وكان المهندس طارق الملا، وزير البترول، قد أعلن عن بدء الإنتاج التجريبى من حقل آتول بطاقة إنتاجية تقدر بنحو 300 مليون قدم مكعب من الغاز الطبيعى يوميا، ويقدر احتياطى الغاز بحقل أتول بـ1.5 تريليون قدم مكعب و31 مليون برميل من المتكثفات.
ويعتبر حقل نورس من المشروعات التى تعتمد عليها الحكومة فى إنتاج الغاز الطبيعى، إذ يعد هذا الحقل أحد أهم الحقول المنتجة للغاز، ويبلغ إجمالى إنتاجه نحو مليار قدم مكعب و10.6 ألف برميل متكثفات، و230 طن بوتاجاز يوميا.