
لقد تقلص الفارق بين خامي برنت ونايمكس من 6.33 دولارات عند إغلاق الأسبوع الماضي إلى 5.72 دولارات هذا الأسبوع،ونقف عند التقرير الشهري لوكالة الطاقة الدولية الذي أفاد بأن العرض والطلب العالميين على النفط الخام سيتوازنان بدرجة كبيرة العام المقبل، وذلك بفعل نمو الطلب، إلا أن التقرير لم يخل من التناقضات عندما ذكر أيضا تراجع توقعات نمو الطلب العالمي على النفط إلى 1.4 مليون برميل يوميا في 2018 مقارنة بـ 1.6 مليون برميل يوميا في 2017.
وتأخر توازن السوق بحسب هذا التحليل النظري الذي جاء في تقرير وكالة الطاقة الدولية بالرغم من اعترافها بتراجع مخزونات النفط التجارية والمخزونات العائمة! الذي لا يعكس تحركات أساسيات أسواق النفط وتحركاتها المادية Physical Market، حيث لم تسجل شحنات غير مبيعة Unsold Cargoes مع استمرار التحسن في هوامش مصافي التكرير وعمليات الاسترداد من العواصف وبعد الانتهاء من الصيانة الصيفية للمصافي مما قفز بالطلب، وتعكس الارتفاعات الأخيرة في الأسعار التي تقودها البراميل الفورية في آسيا وأوروبا التحسن المستمر في الهوامش الربحية لمصافي التكرير!
ولعلي هنا أشير إلى أن مقياس توازن أسواق النفط لا يصح أن يعتمد على هذا التحليل النظري القادم عن تقرير من يمثل مستهلكي النفط، ولذلك لا نبالغ عندما نقول انه وبالرغم من الضغوط السلبية على الأسعار من رياح معاكسة لأساسيات أسواق النفط والمخاوف من نمو النفط الصخري المبالغ فيها.. إلا أن النمو القادم في الطلب سيمتص أي تأثير لأي زيادة قادمة في الإنتاج أيا كانت!
وبذلك فإن مستويات الأسعار عند 60 دولارا ليست بعيدة المنال بمشيئة الله! حتى وإن كان الإعلام النفطي الغربي يروج إلى أن إعادة التوازن تتجه في طريق بطيء جدا لأن العرض يتجاوز الطلب، ما يعتبر طرحا نظريا من غير معلومات مؤكدة عن كيفية حساب المخزونات الآسيوية خصوصا تلك التي في الصين، أو حتى مخزونان النفط اللوجستية التي تملأ خطوط الأنابيب أو الخزن الاستراتيجي! ولطالما حافظت الصين على بناء مخزوناتها الاستراتيجية وقامت مؤخرا بتخزين اكثر من 200 مليون برميل خلال الأشهر الستة الماضية تحسبا لارتفاع الأسعار!
يأتي الطلب على النفط وسط نمو قوي وتعزيز القطاعات الصناعية بطلب قوي يتجاوز ما كان متوقعا هذا العام، يقوده انتعاش قوي في مبيعات الديزل،ويأتي هذا الانتعاش في الطلب وسط تعزيز القطاعات الصناعية في أميركا وآسيا والمحيط الهادئ وأوروبا،وتستفيد مبيعات الديزل من هذا التسارع في النشاط الصناعي، لأنه الوقود الرئيسي للنقل التجاري للبضائع والمواد الخام، وله حصة متزايدة في سوق الوقود البحري الذي يستعد لانخفاض حاد في نسبة الكبريت من عام 2020.
وكان مؤشر مديري المشتريات التصنيعي في الصين – وهو مؤشر على النشاط الصناعي في المستقبل في أعلى مستوياته منذ أكثر من خمس سنوات، وهذا تجسد واضح لما نشاهده من ارتفاع الطاقة الاستيعابية لمصافي التكرير الصينية إلى أكثر من 11 مليون برميل يوميا.