مطابخ النفط وألوانه

بقلم : المهندس أحمد العربيد
النفط ألوان، قد تظن انه أسود فقط، «ان بعض الظن إثم». وقد يشطح تفكيرك الى عصور الديناصورات النباتية، فيذهب الظن بك أكثر الى اللون الأخضر، او ينتابك الرعب وانت حالم في وسط مناجم التعدين إذ النار بلونها الاحمر تلتهب من تحته و تتلظى، او تفيق من حلمك وانت تنظر الى إصفرار الشمس عند غروبها فتعتقد انه أصفر، أو تكون غارقا في العشق فتراه بنفسجيا.
النفط في الحقيقة هو المال والاقتصاد والسياسة والثروة والصناعة والتقنية، وهو الدواء في المصحات والنسيج في الثياب والإطار في السيارة، هو في كل الحياة دون ان تعلم وهو يفاجئك من حيث لا تعلم.
في عام 1999 قام الأستاذ العالم مايكل اكنومايس (Michael Economides) والاستاذ العالم رولند اوليني (Ronald Oligney)، بتأليف كتاب قيم ومفيد جدا بعنوان «ألوان النفط»، وقد اصبح هذا المؤلف مرجعا هاما في المكتبة النفطية.
جاء في هذا الكتاب: أن اللون الأسود في الحقيقة هو خليط لمركبات كثيرة مختلفة التكوين تجعل للنفط قدرة امتصاص للضوء عالية تستوعب كل انعكاسات الضوء، فاللون الاسود يعكس بريق كرستالات الماء الغالبة على سطح الارض. كل ما حولنا على الأرض من غاز وسوائل ومواد صلبة هي أصلا مكونة من جزيء مرتبط بجزيء آخر او مرتبط بجزيأين إثنين مختلفين فيما عدا النفط. أي أن النفط يمكن ان يرتبط بعدد كبير من الاجزاء خلافا لكل التكوينات الاخرى على سطح الارض، فإن لم يجد من الجزيئات ما يندمج معه فإنه يقوم بالاندماج مع نفسه ليكون منتجا جديدا.!!!!
أليست هذه المعلومة مذهلة لأهل النفط. هذه المعلومة تؤكد لنا علميا ونظريا ان الدولة التى تملك النفط هي في الحقيقة تملك اللقيم لكل الصناعات الموجودة على سطح الارض، ويمكننا القول ايضا ان النفط هو مفتاح كل الحضارات والصناعات القادمة.
عندما تنطق في اللغة العربية كلمة نفط عليك بكسر النون و تسكين الفاء، وفي اللغة الإنكليزية فإن كلمة Petroleum جاء اصلها في اللغة الاغريقية من كلمتين (Rock oil).
ان من غير الصحيح اعتبار النفط سائلا، فهو يتشكل في الحالات الثلاث، الغازية والسائلة والصلبة. ويمكن العثور على النفط في اعماق تصل الى 6 كيلومترات تحت سطح الارض، وفي الغالب فإن درجة الحرارة وقوة الضغط هما العاملان اللذان يحددان نوعية النفط و درجة انفصال مكوناته عن بعضها عن بعض.
دعونا نجيب على بعض الأسئلة الهامة. مثلا، كيف تم تكوين النفط؟ ولماذا يوجد النفط في مناطق بوفرة كبيرة كما هو في الخليج العربي الذي يحتوي على ما يقارب ثلثي النفط في العالم، بينما لا نجد ذلك في مناطق أخرى قريبة؟ يمكن القول إن اكثر النظريات تصديقا هي النظرية العضوية وهي ان تكوين النفط جاء من تراكم مواد عضوية في اماكن محددة تراكمت عليها طبقات ارضية لملايين السنوات الجيولوجية تسمى «الحقب»، ثم تحللت هذه العضويات و بدأت تحركا من مكان لآخر بفعل الضغط داخل الطبقات الارضية (بما يسمى هجرة النفط) من موقع لآخر تحت سطح الارض، حتى استطاع الانسان اكتشافها في المواقع التي هي فيها حاليا. وهناك نظريات جيولوجية اخرى.
من أكثر نظريات النفط إمتاعا هي ان النفط في تاريخ هجرته من حقبة جيولوجية لاخرى ومن طبقة جيولوجية الى أخرى، كان يمتطي ظهر الماء لان النفط اقل كثافة من الماء، إن الهجرة تستهدف البحث عن طبقات أرضية تتميز بمسامات متصلة داخلها و بين صخورها ليتسنى للماء والنفط التحرك حتى يصطدم بصخور صلدة غير نافذة ليستقر النفط فيها و يستكمل تكوينه، وتذهب هذه النظرية إلى ان هناك مطابخ يتوقف فيها النفط ليستكمل نضجه ويتم تقديمه في صورته النهائية عند اكتشاف الانسان له. من المعلوم ان الكويتيين يعشقون المطابخ فلا غرابة ان نجد تحت طبقاتنا الأرضية مطبخا نفطيا كويتيا.
بعد تقديم هذه الحقائق النفطية، التى تتجه لضرورة البحث عن سياسة هادفة لحسن استغلال الثروات النفطية لأن هذه الثروات تملك قوة هائلة باستطاعتها خلق مصدر دخل ثان لدولة الكويت
وثالث ورابع والى ما شاء الله.
لن تتمكن السلطة التنفيذية وحدها من إحداث حسن الاستغلال للثروات النفطية فعليها تشجيع القطاع الكويتي الخاص والقطاع الاجنبي لمساعدتها في إحداث النقلة النوعية بما يدفع ان تكون الكويت عاصمة للنفط في العالم.

Print Friendly, PDF & Email