خفض الإنتاج نجح في تقليل المعروض النفطي في الأسواق العالمية

أكد تقرير “أويل برايس” الدولي أن اتفاق خفض الإنتاج الذى تقوده منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” نجح في تقليل المعروض على نحو كبير في سوق النفط العالمية، رغم أن الامتثال بالاتفاق في بداياته بدا متواضعا لكنه مع الوقت زاد تدريجيا.
وأضاف التقرير أن معظم الإنتاج – الذي تم سحبه – هو من النفطين الثقيل والمتوسط، خاصة إنتاج كل من السعودية والعراق وهما من بين أكبر منتجي النفط المتوسط فيما تعد فنزويلا واحدة من أهم منتجي النفط الثقيل في العالم.
وأشار إلى أن الرمال النفطية الكندية واحدة من أكبر مصادر النفط الثقيل في العالم، وتنتج حاليا نحو مليوني برميل يوميا، غير أن بعض الأحداث أدت إلى توقف الإنتاج مثل الأعصاير والحرائق، ما دفع بعديد من الشركات إلى تعليق العمليات مؤقتا أو تقليصها.
وأفاد التقرير بأن الخام الثقيل أصبح أكثر تكلفة، بينما الخام الخفيف أكثر رخصا ووفرة، مشيرا إلى أن كثافة النفط صارت تؤثر كثيرا في اقتصادياته ووضعه في التجارة الدولية، مشيرا إلى أن النفط الثقيل عموما يتطلب معامل تكرير أكثر تعقيدا لمعالجته، منوها إلى أن النفط الخام الثقيل تعرض لضربة قوية بسبب تخفيضات “أوبك” للإنتاج.
في سياق متصل، توقع مختصون نفطيون أن تواصل أسعار النفط مكاسبها السعرية خلال الأسبوع الجاري، بعد أن اختتمت الأسبوع الماضي على مكسب بنحو 1 في المائة في أعقاب الاجتماع الوزاري الناجح للجنة مراقبة خفض الإنتاج بمقر “أوبك” في فيينا.
كما توقع المختصون أن تتلقى الأسعار دعما جيدا في الأسبوع الجاري من تراجع الحفارات النفطية الأمريكية والتفاؤل بانحسار تخمة المعروض، بسبب ارتفاع نسبة مطابقة المنتجين لخفض الإنتاج، مع توقع تمديد العمل بهذا الخفض في الشهور المقبلة مع ضم منتجين جدد.
ويعزز مسيرة تعافي الأسعار تراجع المخزونات الأمريكية والآفاق الإيجابية لنمو الطلب على الخام خلال العامين الحالي والمقبل، بحسب توقعات “أوبك” ووكالة الطاقة الدولية، بما ينبئ بتوازن قريب في علاقة العرض بالطلب في الأسواق الدولية

وقال (جوي بروجي) مستشار شركة “توتال” العالمية للطاقة، أن تواصل أسعار النفط مكاسبها في الأسبوع الحالي بفضل حدوث تحسن جيد ومؤثر في أساسيات السوق، بعدما تغلبت خطة “أوبك” بالتعاون مع المنتجين المستقلين على نسبة كبيرة من الصعوبات السابقة، خاصة في ضوء تراجع المخزونات ونمو الطلب وتقلص الإنتاج الأمريكي المنافس.
وأضاف بروجي أن تأجيل “أوبك” حسم مد العمل بتخفيضات الإنتاج إلى يناير المقبل – بحسب وزير الطاقة الروسي إلكسندر نوفاك – يؤكد أن “أوبك” وشركاءها المستقلين لا يريدون استباق الأحداث، وأن تكون كل خطوة جديدة مدروسة بشكل جيد وبعد قراءة متأنية لوضع السوق قبل اتخاذ أي قرار، مشيرا إلى أن تنامي الأسعار يقلل الضغوط على المنتجين في اللجوء إلى مد العمل بتخفيضات الإنتاج.
وأعرب بروجي عن اعتقاده بأن تمديد أو تعميق التخفيضات سيجيء في الوقت المناسب قبل نهاية مدة العمل بخفض الإنتاج في مارس المقبل، وربما يكون ذلك من خلال اجتماع غير عادي للمنتجين في يناير المقبل – بحسب تقديرات وزير النفط الكويتي عصام المرزوق.
ومن جانبها، تقول ( شيكاكو أشيجورو )عضو الفريق البحثي في شركة “أوساكا” للغاز، إن المنتجين يركزون في المرحلة الحالية على المتابعة الدقيقة لتطورات السوق وفق آليات جيدة ترصد كل من الإنتاج والصادرات بشكل شهري مشيرة إلى أن اجتماع فيينا الجمعة الماضي ركز على قضية مستوى صادرات الدول المنتجة بشكل أكثر تفصيلا.
وأضافت أشيجورو أن جهود المنتجين تركز أيضا على رفع مستوى الامتثال في تطبيق خفض الإنتاج، وهو ما أدى إلى ارتفاع نسبة المطابقة إلى مستويات غير مسبوقة منذ بدء الاتفاق في يناير الماضي وهي 116 في المائة لافتة إلى أن عملية إدماج الدولتين المعفاتين وهما نيجيريا وليبيا إلى جانب العراق -التي تمتلك خطط واسعة لزيادة الإنتاج- ستزيد من فاعلية ونجاح الاتفاق وتأثيراته الإيجابية في استقرار السوق.

وأشارت أشيجورو إلى أن تخمة المعروض تنحسر بالفعل تدريجيا من الأسواق في الوقت الذى لا يزال فيه المنتجون يعكفون على دراسة أنسب استراتيجية تعامل مع السوق بعد مارس 2018، منوهة إلى أن اجتماع نوفمبر المقبل في فيينا سيمثل فرصة أكبر لتقييم وتدارس أوضاع السوق في ضوء مؤشرات الأسعار وحالة العرض والطلب مع اقتراب نهاية العام، إلى جانب أنه اجتماع موسع للمنتجين، ما يعد فرصة أكبر للتباحث والتوافق على الخطوات المقبلة.
ومن ناحيته، أوضح (ماثيو جونسون )المحلل في مجموعة “أوكسيرا” للاستشارات المالية، أن انخفاض فائض المخزونات النفطية في دول منظمة التعاون والتنمية بنحو النصف خلال عدة أشهر قليلة وبالتحديد منذ يناير الماضي هو دلالة على أن “أوبك” وشركاءها يتحركون بخطوات واثقة وواعية، على الرغم من كل حملات التشكيك التي صاحبت توقيع الاتفاق في ديسمبر من العام الماضي.
وأشار جونسون إلى أن فائض المخزونات النفطية كان قد بلغ 340 مليون برميل في يناير الماضي، وانخفض حاليا إلى 170 مليون برميل، ومن المتوقع أن ينتهي هذا الفائض وتعود المخزونات إلى المستويات الطبيعية ربما قبل نهاية الربع الأول من العام المقبل.
ويعتقد المحلل في مجموعة “أوكسيرا” أن تحقيق أسعار النفط لمكاسب بنحو 15 في المائة خلال ثلاثة أشهر فقط يعطي مزيدا من أجواء الثقة والتفاؤل بتعافي السوق ويدفع المنتجين لتحقيق مستويات أفضل من المطابقة، كما يسهل التوافق على خطة العمل المقبلة بعد مارس 2018 التي على الأرجح ستشهد تمديدا وتعميقا لتخفيضات الإنتاج بما يعطي دفعة جديدة لمستويات الأسعار.
وكانت أسعار النفط الخام قد ارتفعت في ختام تعاملات الأسبوع الماضي نحو 1 في المائة مسجلة أعلى مستويات في شهور، بعدما قال كبار منتجي الخام الذين اجتمعوا في فيينا إنهم قد ينتظروا حتى يناير قبل اتخاذ قرار بشأن تمديد خفض الإنتاج بعد الربع الأول من العام المقبل من عدمه.
وأشار وزراء إلى أن “أوبك” ومنتجين آخرين خارجها يمضون في طريقهم صوب التخلص من تخمة المعروض التي ضغطت على أسعار الخام ثلاث سنوات، وقد ينتظرون حتى  (يناير) قبل أن يقرروا ما إذا كانوا سيمددون تخفيضات الإنتاج التي ينفذونها لما بعد الربع الأول من 2018.