توقعات «أوبك» في انتعاش اسوق النفط حتى نهاية النصف الثاني

رغم حالة عدم اليقين الواسعة في السوق النفطية على مدى الأشهر الأخيرة، إلا أن منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” على قناعة وثقة تامة بأن الأساس السليم قد وضع لسوق النفط من أجل تحقيق استقرار أقوى، وبلوغ انتعاش أكثر انتظاما حتى نهاية النصف الثاني من العام الحالي.
وأوضحت “أوبك” – في أحدث تقاريرها – أنه على الرغم من أن عملية إعادة التوازن إلى السوق قد تستغرق وقتا أطول مما كان متوقعا في نهاية عام 2016 إلا أن جميع المؤشرات والتوقعات تؤكد أن المنتجين والسوق في طريقهما إلى تحقيق الكثير وبأفضل مما يرغبون أو يتطلعون للوصول إليه.
وشدد التقرير على أن جميع الدول المشاركة في اتفاق خفض الإنتاج يجب أن تضمن استمرارها في الوفاء بكل المتطلبات وأن تحافظ على التزاماتها ومطابقتها للتخفيضات والتعديلات الإنتاجية المستهدفة.
وتوقع التقرير أن الروح الطيبة التي تهيمن حاليا على الحوار بين كل الأطراف وأصحاب المصلحة في سوق الطاقة سيكون لها صدى ومردود كبير طويل الأمد على الصناعة، مؤكدا أن هذا التوجه سيساعد على حماية السوق من دورات الأسعار الشديدة في المستقبل.
ونبه التقرير إلى أن روح الحوار والتقارب بين أطراف صناعة النفط التي تنامت أخيرا تسببت في حالة تفاؤل في السوق سواء على مستوى شركات النفط الدولية أو الوطنية، وذلك على الرغم من التحديات المستمرة في السوق على المدى القصير.
وأشار إلى أن الفترة الماضية شهدت نشاطا واسعا وزيادة في اتفاقيات التعاون في مجالات النفط والغاز واتجهت الاستثمارات إلى الارتفاع بعد عامين من الانخفاضات الحادة.
واعتبر التقرير أن الإبداع والابتكار وتنمية الاستثمارات أمور حيوية من أجل مستقبل أفضل وطويل الأجل لهذه الصناعة العالمية الحيوية، مشيرا إلى أن “أوبك” على قناعة تامة بأن الصناعة ما زالت تسير في الطريق الصحيح.
ونوه التقرير إلى أن الحماس والالتزام الذي أبدته دول “أوبك” وشركاؤهم من الدول المنتجة للنفط غير الأعضاء في “أوبك” أنعشا عملية إعادة التوازن في السوق، ما يمهد بالفعل لمستقبل أفضل ولتحقيق الاستقرار الاقتصادي العالمي.
وأفاد التقرير بأنه بعد عدة أشهر من القرارات التاريخية لخفض الإنتاج يتمسك المنتجون بالتفاني في العمل وباستراتيجية تعاون لا تتزعزع تجمع وزراء “أوبك” ونظرائهم من خارج أوبك في إطار “إعلان التعاون” الذي تم التوصل إليه في ديسمبر الماضي وبموجبه بدأ تطبيق خفض الإنتاج ببداية العام الحالي، مشيرا إلى أن المنتجين عازمون على مواصلة قيادة الجهود العالمية لتحقيق استقرار سوق النفط في العالم. وأوضح التقرير أن النتيجة الرئيسة للاجتماع الـ 72 للمؤتمر الوزراي لمنظمة أوبك وشركائها المستقلين الذي عقد في 25 مايو الماضي كان نقطة تحول نحو تكثيف الجهود لدفع السوق نحو التوازن من خلال مد العمل بتعديلات مستويات الإنتاج لمدة تسعة أشهر إضافية حتى مارس من العام المقبل 2018.
وأوضح التقرير أن هذا القرار أكد مرة أخرى أن منظمة أوبك ستظل تمثل أهمية بالغة كقوة إيجابية في السوق، جنبا إلى جنب مع شركائها من الدول المنتجة غير الأعضاء في “أوبك”، مشيرا إلى أن هذا التعاون سيحقق فائدة لجميع المنتجين والمستهلكين وللصناعة والاقتصاد العالمي.
ويرى التقرير أن التزام المنتجين بخفض الإنتاج حقق في الإجمال على مدى الشهور الماضية مستوى عاليا، مشيرا إلى أن مستوى الامتثال المشترك بلغ في مايو الماضي 106 في المائة، بزيادة قدرها أربع نقاط مئوية عن الشهر السابق.
واعتبر التقرير أن أبرز إنجازات المنتجين في الفترة الماضية والسمة الأساسية لهم كانت فعالية الحوار والتعاون المتزايد، وهو ما مثل أكبر رد عملي على عديد من المشككين في جميع أنحاء العالم، مشيرا إلى أن بعض المراقبين كانوا غير متفائلين بشأن قدرة “أوبك” وشركائها على الحفاظ على الوحدة فيما بينهم.
وأشار التقرير إلى أن هؤلاء المراقبين اعتقدوا صعوبة إجماع وتوافق الآراء بين المنتجين، وأن إعلان التعاون المشترك لن يصمد كثيرا، ولكن تطورات السوق خلال الأشهر السبعة الماضية أثبتت بالتأكيد أن هذه التصورات خاطئة.
وقال التقرير إن قرارات “أوبك” دوما أظهرت الشجاعة والاجتهاد وروح التوفيق التي كانت وستظل دائما سمة مميزة لعمل المنظمة، مشيرا إلى أن العالم اليوم لا يزال يتطلع لدور أقوى لـ”أوبك”، وأن تواصل عملها بكفاءتها المعهودة، مضيفا أن “إعلان التعاون” بين المنتجين يعد أمرا لا مثيل له في تاريخ صناعة النفط.
وذكر التقرير أنه نظرا لطبيعة وشدة الانكماش في السنوات العديدة الماضية كان هذا الجهد الجماعي المتضافر مطلوبا بشدة. مشيرا إلى أنه لا يمكن لأحد أن يتصرف بمفرده والاستمرار في هذا الالتزام الواسع كان ضروريا لضمان التوصل إلى الأهداف المشتركة وبنسب نجاح وإنجاز مرضية. ومن جهة أخرى، لفت التقرير إلى أنه من الواضح أن عملية إعادة التوازن إلى السوق كانت أبطأ مما كان متوقعا عمليا في النصف الأول من هذا العام، وكان ذلك بسبب التغيرات الموسمية المتعلقة بتباطؤ الطلب وصيانة المصافي وغيرها من العوامل السلبية، فضلا عن الانتعاش المفاجئ والسريع في إنتاج النفط الأمريكي الضيق، ما حال دون تعاف سريع في سوق النفط.
وأشار التقرير إلى أن السوق ما زالت في خضم عملية إعادة توازن واسعة النطاق، وبالتالي لا تزال هناك قضايا مهمة تحتاج إلى معالجة، مشيرا إلى أن بيئة السوق الحالية لا تزال تمثل تحديا مشتركا لكل المنتجين والمستثمرين.
واعتبر التقرير أن المناقشات والمشاورات التي قادتها منظمة أوبك على مدى العام الماضي فتحت فصلا جديدا ومثيرا في التقارب والتفاعل بين “أوبك” وغيرها من الأطراف والمنظمات أصحاب المصلحة في السوق، منوها إلى أن هذا التقارب شمل بالأساس الدول غير الأعضاء في “أوبك” ومنتجي النفط الصخري والجهات والمؤسسات المالية الفاعلة والمستهلكين والأطراف الدولية الأخرى الأوسع نطاقا.
وكانت أسعار النفط قد ارتفعت في ختام الأسبوع الماضي بعد أن عززت بيانات قوية للوظائف الأمريكية الآمال بنمو الطلب على الطاقة، لكن أسعار الخام انخفضت على أساس أسبوعي متأثرة بارتفاع صادرات “أوبك” وقوة إنتاج الولايات المتحدة.
وبحسب “رويترز”، فقد ارتفعت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت 41 سنتا، أو ما يعادل 0.8 في المائة، إلى 52.42 دولار للبرميل في التسوية بينما زاد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 55 سنتا، أو ما يعادل 1.1 في المائة، إلى 49.58 دولار للبرميل.
وكانت العقود الآجلة للخام انخفضت في التعاملات المبكرة قبل أن يحفز تقرير الوظائف المتعاملين على الشراء، وعلى أساس أسبوعي، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت وخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي لأقرب استحقاق بأقل من 1 في المائة، ويقول محللون إن الأسعار تعرضت لضغوط من جراء ارتفاع إنتاج الولايات المتحدة و”أوبك” إلى جانب زيادة صادرات المنظمة وإن كانت قوة الطلب حدت من الخسائر.
وبينما تقود منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك” جهودا لخفض الإنتاج 1.8 مليون برميل يوميا بالتعاون مع بعض المنتجين المستقلين مثل روسيا، زادت صادرات المنظمة في تموز (يوليو) إلى مستوى قياسي وفقا لتقرير لتومسون رويترز لأبحاث النفط.
وبلغت الصادرات في تموز (يوليو) 26.11 مليون برميل يوميا بزيادة 370 ألف برميل يوميا جاء معظمها من نيجيريا، وإنتاج روسيا مرتفع أيضا، وأفادت “روسنفت” أكبر منتج للخام في روسيا بأن إنتاجها النفطي نما 11.1 في المائة على أساس سنوي في الربع الثاني من هذا العام. ويلتقي مسؤولو اللجنة الفنية التي تضم أعضاء من “أوبك” ومن خارج المنظمة في أبوظبي يومي السابع والثامن من آب (أغسطس) لمناقشة سبل تعزيز مستوى الالتزام باتفاق خفض الإمدادات.
وفي الولايات المتحدة، بلغ الإنتاج 9.43 مليون برميل يوميا مسجلا أعلى مستوياته منذ آب (أغسطس) 2015 بارتفاع 12 في المائة عن المستويات المتدنية التي سجلها في حزيران (يونيو) العام الماضي.
والأسعار مرتفعة بنحو 18 في المائة عن المستويات المتدنية التي بلغتها في حزيران (يونيو) الماضي إذ دعم الطلب القوي على وقود النقل في الصيف العقدين القياسيين.
وقلصت شركات الطاقة الأمريكية عدد الحفارات النفطية للأسبوع الثاني في ثلاثة أسابيع لتتباطأ وتيرة تعافي أنشطة الحفر المستمر منذ 15 شهرا في الوقت الذي تعتزم فيه الشركات تقليص الإنفاق في رد فعل على انخفاضات أسعار الخام خلال الأشهر القليلة الماضية.
وقالت بيكر هيوز لخدمات الطاقة في تقريرها إن الشركات خفضت عدد منصات الحفر النفطية بواقع حفارة واحدة في الأسبوع المنتهي في الرابع من آب (أغسطس) لينخفض العدد الإجمالي إلى 765 منصة.
ويقابل هذا العدد 381 منصة حفر نفطية كانت عاملة في الأسبوع المقابل قبل عام، وزادت الشركات عدد الحفارات في 55 أسبوعا من 62 أسبوعا منذ بداية حزيران (يونيو) 2016، وعدد الحفارات مؤشر مبكر على الإنتاج المستقبلي.
وسجل إنتاج النفط الأمريكي في أيار (مايو) أعلى مستوى في 16 شهرا بفعل زيادة الإنتاج في تكساس وخليج المكسيك بحسب بيانات الطاقة الاتحادية هذا الأسبوع. وضغطت تلك الزيادة في الإنتاج على أسعار الخام وقادته للهبوط في الأشهر الماضية، ما دفع عددا من شركات الاستكشاف والإنتاج هذا الأسبوع إلى الإعلان عن تقليص خطط الإنفاق المستقبلي.
وكانت تلك الشركات وغيرها قد وضعت برامج إنفاق طموحة لعام 2017 عندما كانت تتوقع ارتفاع أسعار الخام عن مستوياتها الحالية البالغة نحو 49 دولارا للبرميل.