توافق “أوبك والمستقليين” يقود النفط إلى تحقيق مكاسب هائلة

رغم أن نتائج اجتماع وزراء النفط في لجنة مراقبة خفض الإنتاج في مقر منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” في فيينا جاء أقل من تطلعات السوق خاصة فيما يتعلق بحسم ملفات تعميق وتمديد التخفيضات إلا أن أسعار النفط أغلقت على مكاسب بنحو 1 في المائة نتيجة لما أعلنته اللجنة عن ارتفاع نسبة المطابقة لتخفيضات الإنتاج إلى 116 في المائة على مستوى جميع المنتجين في “أوبك” والمستقلين.
وكان للاجتماع الخامس للجنة مراقبة خفض الإنتاج مردود جيد على السوق بسبب مشاركة عدة دول في أعمال الاجتماع بالرغم من أنهم ليسوا أعضاء في اللجنة، وهم العراق وليبيا ونيجيريا، وهو ما فسره المراقبون بأن المواقف القلقة التي يسببها إنتاج الدول الثلاث في طريقها إلى الاحتواء حيث أبدت تلك الدول رغبتها في العمل بقوة مع بقية المنتجين لإنجاح اتفاق التعاون المشترك وسرعة تحقيق التوازن في السوق.
وكان المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية الغائب الحاضر في الاجتماعات، حريصا على المشاركة في الاجتماع هاتفيا، وحث جميع الدول الحضور على مزيد من العمل المكثف لرفع مستوى المطابقة، كما أثنى على مشاركة العراق وليبيا ونيجيريا في الاجتماع مثمنا جهودهم في التعاون مع بقية المنتجين.
وأبدت اللجنة ارتياحها لنمو الطلب على النفط خلال العام الحالي، وتوقعات بتحقيق مستوى أفضل في العام المقبل، ومن المقرر أن تجتمع اللجنة الوزراية في فيينا يوم 29 نوفمبر المقبل قبل يوم واحد من الاجتماع الوزراء الموسع لدول “أوبك” والمستقلين لطرح تقييمات جديدة وخطوات مرتقبة لزيادة توازن واستقرار الأسواق النفطية.

وكشفت “أوبك” أنه خلال النصف الأول من العام الحالي، وبفضل الجهود الجماعية للمنتجين المشاركين في خفض الإنتاج فقد سحبت الدول المنتجة ما يقرب من 350 مليون برميل من مجموع المعروض النفطي العالمي.
وأفادت “أوبك” – في أحدث تقاريرها – أن التخزين العائم آخذ في الانخفاض منذ حزيران (يونيو) الماضي، مشيرا إلى أن البيانات أكدت أن مخزونات النفط العائمة قد انخفضت بأكثر من 30 مليون برميل منذ بداية العام.
وأوضح التقرير أن قرارات تعديل الإنتاج المهمة التي اتخذتها 24 دولة في “أوبك” وشركائهم المستقلين في نهاية 2016، والتى تم تجديدها في أيار(مايو) قد استجابت للحاجة الملحة إلى تحقيق إعادة التوازن إلى السوق ودفع جهود التعافي وتصحيح المسار إلى الأمام.
ونوه التقرير إلى أن خفض الإنتاج أسهم في تحفيز فائض المخزونات المتراكمة على الانكماش، معتبرا أن مقياس تراجع المخزونات هو المؤشر الرئيس لدى المنتجين ويتم رصده عن كثب من جميع المشاركين في “إعلان التعاون”.
وأشار التقرير إلى أن فائض المخزونات بدأ بالفعل في التراجع، وهو الاتجاه الحالي المسيطر على السوق، منوها إلى أنه في الربع الأول من العام الجاري كان وضع السوق مختلفا، فقد ارتفعت خلاله مخزونات النفط التجارية في منظمة التعاون والتنمية بنحو 44 مليون برميل يوميا، وهي نسبة أعلى بكثير من المتوسط الموسمي الذي يبلغ 36 مليون برميل.
ولفت التقرير إلى أن هذه الزيادة الكبيرة في المخزونات خلال الربع الأول من العام كانت بسبب موسم صيانة المصافي على الصعيد العالمي، موضحا أنه خلال شهري يناير وفبراير الماضيين تراجعت الإنتاجية بنحو مليون برميل يوميا بسبب أعمال الصيانة في الولايات المتحدة وحدها.
وذكر التقرير أنه من المهم أيضا أن نتذكر أن الربع الرابع من عام 2016 كانت فترة ارتفاع إمدادات كبيرة، وخلال الفترة من سبتمبر إلى نوفمبر 2016 ارتفع إنتاج الدول خارج “أوبك” بنحو 1.8 مليون برميل يوميا، في حين أن إنتاج “أوبك” زاد أيضا بنحو 500 ألف برميل يوميا، وكانت هذه الارتفاعات تحتاج إلى زيادة مقابلة في الطلب العالمي بنحو 200 ألف برميل يوميا في الربع الرابع من العام الماضي، ومع ذلك فقد بدأت المخزونات التجارية في منظمة التعاون والتنمية في الانخفاض في الربع الثاني من العام الحالي.

وأفاد التقرير أن بيانات شهر يوليو الماضي تظهر أن مخزونات النفط التجارية لدى منظمة التعاون والتنمية انخفضت إلى مستوى 195 مليون برميل فوق المتوسط في خمس سنوات بانخفاض قدره 145 مليون برميل من قرب مستوى 340 مليون برميل في بداية العام الحالي ثم انخفض مستوى فائض المخزونات في أغسطس إلى 170 مليون برميل.
وبحسب التقرير فإنه لا يزال هناك بعض القلق من إنتاج الولايات المتحدة، باعتبارها خارج أي تنسيق على خفض المعروض النفطي منوها إلى أن الإنتاج الأمريكي كان قد ارتفع بشكل كبير في الربع الأول من العام الجاري، ولكن أخيرا وبالتحديد في الأسابيع التسعة الماضية شهدنا تراجعا في مخزونات الولايات المتحدة وبالأخص في شهري يوليو وأغسطس الماضيين، وبلغ إجمالي السحب من المخزونات أكثر من 51 مليون برميل زيادة مقارنة بالفترة ذاتها في عام 2016.
ويقول التقرير إن الأسبوع الأخير من الشهر الماضي شهد تعافيا فعليا في مستوى مخزونات الخام الأمريكي عند مستوى 4.5 مليون برميل وكان هذا متوقعا بعد توقف المصافي عقب إعصار هارفي المدمر الذي ضرب أنشطة التكرير في ولايتي تكساس ولويزيانا.
وأضاف التقرير أنه بحسب آخر اجتماع للجنة الوزارية المشتركة لمراقبة خفض الإنتاج في فيينا يوم الجمعة الماضي، فإن الجهود التي بذلتها منظمة “أوبك” والدول خارجها مستمرة في تحقيق نتائج إيجابية بفضل الجهود المشتركة للمنتجين لتحقيق هدف إعادة التوازن للأسواق.
وأثنى التقرير على الارتفاع المتواصل في مستويات المطابقة لتخفيضات الإنتاج سواء على مستوى دول “أوبك” أو خارج المنظمة المشاركة في “إعلان التعاون” التي وصلت وفق آخر الإحصائات إلى مستوى 116 في المائة.
وأفاد التقرير أن اللجنة المعنية بمراقبة خفض الإنتاج أعربت بالفعل في كل اجتماع تعقده عن ارتياحها الكبير للنتائج المتحققة حتى الآن، وللتقدم المطرد في جهود التعاون وللتوافق التام في مواقف المنتجين الذين يواصلون في الوقت ذاته تشجيع جميع الدول المشاركة على الاستمرار في محاولة تحقيق المطابقة الكاملة لصالح المنتجين والمستهلكين على حد سواء.

من ناحية أخرى وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، فقد ارتفعت أسعار النفط نحو 1 في المائة في تسوية تعاملات نهاية مسجلة أعلى مستويات في شهور بعدما قال كبار منتجي الخام الذين اجتمعوا في فيينا إنهم قد ينتظروا حتى يناير قبل اتخاذ قرار بشأن تمديد خفض الإنتاج بعد الربع الأول من العام القادم من عدمه.
وقال وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك بعد انتهاء اجتماع منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك” مع المنتجين المستقلين “أعتقد أن يناير هو أقرب موعد يمكننا فيه حقا أن نتحدث بمصداقية عن وضع السوق، فيما ذكر وزراء آخرون أن قرارا بشأن تمديد التخفيضات قد يتم اتخاذه في نوفمبر عندما تعقد المنظمة اجتماعها الرسمي التالي.
وأشار وزراء آخرون إلى أن “أوبك” ومنتجين آخرين خارجها يمضون في طريقهم صوب التخلص من تخمة المعروض التي ضغطت على أسعار الخام ثلاث سنوات، وقد ينتظرون حتى كانون الثاني (يناير) قبل أن يقرروا ما إذا كانوا سيمددون تخفيضات الإنتاج التي ينفذونها لما بعد الربع الأول من 2018.
ويضع اتفاق الإنتاج حدودا قصوى لإنتاج الدول المشاركة فيه من داخل “أوبك” وخارجها، لكنه لا يفرض أي قيود على مستوى الصادرات، ما سمح لبعض المنتجين بالإبقاء على صادراتهم مرتفعة نسبيا من خلال السحب من احتياطياتهم.
إضافة إلى ذلك، فقد شجع ارتفاع أسعار الخام منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة على زيادة الإنتاج، وهو سبب آخر يفسر استغراق السحب من المخزونات العالمية وقتا أطول من المتوقع.
وبحسب “رويترز”، فقد ارتفع خام القياس العالمي مزيج برنت 43 سنتا، أو ما يعادل 0.8 في المائة، في التسوية إلى 56.86 دولار للبرميل وهو مستوى يقل سنتا واحدا عن الأعلى خلال الجلسة، الذي كان أيضا الأعلى منذ مارس.
وارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي في تسوية العقود الآجلة 11 سنتا، أو 0.2 في المائة إلى 50.66 دولار للبرميل، وعلى أساس أسبوعي، حقق برنت مكاسب بلغت 2.2 في المائة بينما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط 1.5 في المائة.

وارتفعت أسعار النفط نحو 7 في المائة منذ بداية الشهر الجاري بعد أن انخفضت في خمسة من بين الأشهر الستة السابقة، بما في ذلك تراجعها نحو 6 في المائة في أغسطس في الوقت الذي أسهمت فيه زيادة الإنتاج الأمريكي في تعزيز تخمة الإمدادات العالمية.
ومن المنتظر أن يزيد إنتاج النفط الصخري الأمريكي للشهر العاشر على التوالي في أكتوبر ليسجل 6.1 مليون برميل يوميا بحسب توقعات حكومية أمريكية صدرت في الأسبوع المنصرم.
وعلى الرغم من أن عديدا من شركات التنقيب والإنتاج قلصت استثماراتها هذا العام جراء انخفاض أسعار الخام، فإنها ما زالت تخطط لإنفاق مزيد من الأموال هذا العام مقارنة بالعام الماضي.