أكد تقرير “شيب آند بونكر” الدولي المتخصص أن أسعار النفط من المتوقع أن تسجل مستوى 50 إلى 60 دولارا للبرميل في المدى المتوسط، معتبرا هذا المستوى السعري جيدا وملائما لاستقرار السوق، وتوجد بيئة اقتصادية جيدة يمكن التنبؤ فيها بتطورات السوق.
وأوضح التقرير أن مستوى 100 دولار للبرميل لم يعد ملائما للسوق بل على العكس يتسبب في كثير من الجوانب السلبية، منها التوتر في الأسواق وزيادة الضغوط على الاقتصاد العالمي.
وكشف التقرير عن التزام واسع ومتزايد لدول خارج “أوبك” بتطبيق تخفيضات الإنتاج التي تتم بالتعاون مع دول أوبك منذ مطلع العام الحالي، مشيرا إلى أنه وفق إحصائيات الشهر الماضي خفضت روسيا إنتاجها بنحو 344 ألف برميل يوميا طواعية، بينما حصتها المقررة في الخفض كانت 300 ألف برميل يوميا.
ونقل التقرير عن جبار اللعيبي وزير النفط العراقي التزام بلاده الكامل بدعم اتفاق خفض الإنتاج الذي تقوده “أوبك”، مشيرا إلى أن مد العمل بتخفيضات الإنتاج سيتم أخذ القرار النهائي بشأنه في اجتماع المنتجين الموسع في نوفمبر المقبل، وأن بغداد ستدعم أي قرار سيتوافق عليه المنتجون.
وفي سياق متصل، مالت أسعار النفط إلى الارتفاع أمس بعد استئناف كثير من المصافي الأمريكية عملها وتجاوز تداعيات إعصار هارفي الذى كان قد أدى إلى ضعف الطلب على النفط الخام نتيجة تعطل عدد كبير من المصافي الأمريكية، وجرت محاولات تدريجية للتعافي على مدار الأيام الماضية.
وتفاعلت السوق إيجابيا مع تصريحات ألكسندر نوفاك وزير الطاقة الروسي الذي أكد فيها أن سوق النفط ستتوازن بشكل كامل في أول أبريل المقبل، وأن خيار تمديد تخفيضات الإنتاج مطروح بقوة ،إذا تأخرت عملية استعادة التوازن في السوق.
وفي مقابل ذلك، توقع عصام المرزوق وزير النفط الكويتي ورئيس لجنة مراقبة اتفاق خفض الإنتاج أن نمو الطلب سيكون أسرع خلال الربع الحالي، ما سيسرع من وتيرة السحب من فائض المخزونات وبالتالي سيقود ذلك إلى توازن كامل في السوق بنهاية العام الحالي.
وفي هذا الإطار يقول الدكتور أمبرجيو فاسولي مدير مركز دراسات الطاقة في مدينة لوزان السويسرية، “إن وضع الإنتاج الأمريكي لم يتعاف بعد وإن كانت بعض المصافي تحاول استئناف نشاطها، لكن وقوع إعصار آخر وهو إرما في منطقة الكاريبي جعل الإنتاج يواجه تحديات وصعوبات العودة إلى مستوى النشاط الطبيعي”.
وأضاف فاسولي أن “التعافي من تداعيات الإعصارين ليس مهمة سهلة وقد تستغرق عدة أسابيع حتى يعود الإنتاج الأمريكي إلى كامل طاقته”، مشيرا إلى أن المخاوف في السوق انحسرت نسبيا ما أدى إلى ارتفاع أسعار النفط وتراجع أسعار البنزين نتيجة الثقة بقدرة السوق على تجاوز التداعيات الراهنة من خلال الاستفادة من المخزونات القائمة بالفعل.
ونوه فاسولي بأن “أوبك” قللت كثيرا من تأثير إعصار هارفي في سوق النفط، حيث أكدت الكويت أن توقف الإنتاج وتعطل نشاط التكرير في المصافي معا جعل فرص زيادة الأسعار محدودة كما أن ضعف الطلب حال دون حدوث اضطراب في السوق مع تعطل الإنتاج الأمريكي.
وأضاف شيميل أن “مؤشرات الطلب جيدة خاصة من السوق الصينية التي تقترب من استعادة معدلات نمو مرتفعة تقترب من 7 في المائة سنويا، كما أن هناك مزيدا من طلبات استيراد النفط للصين من “أوبك” وروسيا، ما يدعم جهود المنتجين في تقييد المعروض وعلاج الفجوة بين العرض والطلب في سوق النفط”.
من ناحيته، يقول رالف فالتمان المحلل في شركة “إكسبرو” للخدمات النفطية في بحر الشمال، “إن تحليل الشواهد الحالية في السوق وتصريحات كبار الدول المنتجة تشير إلى أن المنتجين على وشك التوافق على مد العمل بتخفيضات الإنتاج إلى ما بعد مارس المقبل، وأن الأمر سيتبلور في صورته النهائية في اجتماع المنتجين في نوفمبر المقبل”.
وأضاف فالتمان أنه “رغم جهود “أوبك” لكبح الإنتاج وتقييد المعروض إلا أن منتجي النفط الخام حققوا زيادة في الصادرات بنحو 3.6 في المائة في الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي ليسجلوا مستوى 1.473 مليون طن”، لافتا إلى ضرورة ضم منتجين مؤثرين مثل البرازيل بحجم خفض إنتاجي كبير لضبط المعروض النفطي وتسريع خطوات استعادة التوازن في السوق.
وأشار فالتمان إلى تأكيدات وزير النفط الكويتي بأن في حالة عدم مد العمل باتفاق خفض الإنتاج سيكون الخروج منه بشكل تدريجي لتجنب الصدمات في السوق وهو ما يعكس إصرار المنتجين على دفع جهود الاستقرار وتجنب أي قرارات مفاجئة تقود إلى التوتر وعودة التقلبات مرة أخرى.
من ناحية أخرى وفيما يخص الأسعار، فقد زادت أسعار النفط أمس بعد ارتفاع هوامش التكرير العالمية وإعادة فتح مصاف على الساحل الأمريكي لخليج المكسيك ما أسهم في تحسين آفاق سوق الخام بعد انخفاضات حادة جراء العاصفة هارفي.
وبحسب “رويترز”، فقد ارتفع خام القياس العالمي مزيج برنت إلى 54.02 دولار للبرميل، وزادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 15 سنتا إلى 48.81 دولار للبرميل.
ويجري استئناف تشغيل كثير من المصافي وخطوط الأنابيب والموانئ التي تضررت من الإعصار هارفي قبل عشرة أيام. وحتى أمس الأول الثلاثاء تعطل نحو 3.8 مليون برميل من طاقة التكرير أو ما يعادل 20 في المائة من إجمالي الطاقة التكريرية في الولايات المتحدة، مقارنة بـ 4.2 مليون برميل يوميا في ذروة العاصفة.
وتركز الأنظار أيضا على الإعصار إرما، الذي جرى تصنيفه كعاصفة من الفئة الخامسة ويتجه نحو الكاريبي وفلوريدا وقد يعطل مصافي أخرى ويسبب مزيدا من نقص الوقود.
وتظهر بيانات منصة تومسون رويترز إيكون أن نحو 250 ألف برميل من الطاقة التكريرية اليومية في جمهورية الدومنيكان وكوبا تقع في المسار المباشر لإرما.
ومن المتوقع أن تعطي بيانات مخزون الوقود من إدارة معلومات الطاقة رؤية أوضح لمدى الأثر الذي تركه الإعصار هارفي في مخزونات الوقود، لكن محللين يقولون “إن الحصول على الصورة كاملة سيستغرق أسابيع”.