أكد تقرير “فوربس” الأمريكي أن توقعات بنك “جولدمان ساكس” بأن ذروة الطلب على النفط الخام ستكون في عام 2020 هي توقعات غير دقيقة لأن ذروة الطلب لا يمكن تحديدها بدقة نظرا لسرعة المتغيرات في السوق.
وأوضح تقرير “فوربس” أن البعض يروج لحدوث انخفاض قريب في الطلب على النفط وهو ما أدخل الأسعار فيما يسمى “دوامة الاكتئاب” ولكن هذه التقديرات غير صحيحة والدليل الارتفاع الواسع الأخير في الطلب على البنزين في الولايات المتحدة على الرغم من تضاعف عدد السيارات الكهربائية بنحو ثلاثة أمثال بين عامي 2012 و2016.
وقال التقرير إن الطلب على البنزين سجل في الأسبوع الماضي مستوى قياسيا وهو أعلى مستوى أسبوعي في الولايات المتحدة هذا العام وبلغ 9.8 مليون برميل يوميا، مشيرا إلى أن ارتفاع الطلب على البنزين في الولايات المتحدة ليس موسميا بل من المتوقع أن يستمر كثيرا على هذه الوتيرة المرتفعة.
وأفاد تقرير “فوربس” بأن الولايات المتحدة لا تستهلك فقط حاليا كميات قياسية من البنزين ولكن أنشطة التكرير أيضا تصدر كميات قياسية من النفط الخام والمنتجات النهائية – أكثر من ثلاثة ملايين برميل يوميا- على الرغم من أن الولايات المتحدة لا تزال مستوردا صافيا للنفط.
فى سياق متصل، توقع مختصون نفطيون أن تواصل أسعار النفط ارتفاعاتها السعرية خلال الأسبوع الجاري بعدما أغلقت الأسبوع الماضي على ارتفاعات طفيفة، حيث تتلقى أسعار النفط دعما جيدا من تراجع المخزونات الأمريكية وعودة شبح عدم الاستقرار إلى الإنتاج النيجيري بعد تجدد أعمال العنف في البلاد.
وساعدت المؤشرات الجيدة في النمو المطرد في مستويات الطلب في تعزيز أجواء الثقة في السوق في ضوء تنامي الواردات النفطية في الصين والهند وزيادة الطلب على الوقود في الولايات المتحدة وتباطؤ نمو الحفارات النفطية.
وتلقى جهود تحفيز اتفاق خفض الإنتاج ارتياحا في السوق خاصة عقب المباحثات النفطية السعودية العراقية الناجحة الأسبوع الماضي واقتراب عقد جولة جديدة من مباحثات الخبراء والفنيين في منظمة “أوبك” وخارجها في فيينا يوم 21 آب (أغسطس) الجاري.
وفى هذا الإطار، تقول لـ “الاقتصادية”، أمريتا إنج مدير قسم الطاقة والبتروكيماويات في شركة آي إيه سنجابور، إن اللقاءات المكثفة التي تقودها “أوبك” في هذه المرحلة الراهنة ستقود إلى طفرة في جهود التعاون بين المنتجين حيث أوصى لقاء المنتجين في نهاية الشهر الماضي بمدينة سان بطرسبورج الروسية بعقد لقاءات مكثفة ومتوالية بين المنتجين لرفع مستوى الامتثال لتخفيضات الإنتاج.
وأضافت أمريتا إنج أن آفاقا مبشرة تنتظر الأسعار مع استعادة تدريجية للتوازن في السوق خاصة مع نجاح المحادثات النفطية رفيعة المستوى بين السعودية والعراق التي استهدفت دعم التوافق بين أكبر منتجين في “أوبك” على ضرورة ضمان أقصى درجات الالتزام والامتثال لخفض إنتاج النفط في إطار اتفاق فيينا.
وأشارت أمريتا إنج إلى أن الاجتماع الفني المرتقب في فيينا في 21 آب (أغسطس) الجاري ستكون له تأثيراته أيضا في زيادة زخم وفاعلية الاتفاق وهو ما يجعل أجواء من الثقة تهيمن على خطة عمل المنتجين بما يدعم الأسعار على نحو جيد ومتسارع.
من جانبه، أوضح لـ “الاقتصادية”، لويس ديل باريو المحلل في مجموعة بوسطن للاستشارات المالية في إسبانيا، أن نمو الطلب في الشهور المتبقية من العام الجاري سيجيء بوتيرة سريعة وتفوق التوقعات بحسب تقديرات العديد من الهيئات الدولية المعنية بالطاقة وفى مقدمتها وكالة الطاقة الدولية التي أكدت ذلك في أحدث تقاريرها.
ونوه باريو إلى توقعات الوكالة بنمو الطلب بنحو 1.5 مليون برميل يوميا هذا العام و1.4 مليون برميل اضافية في العام المقبل ما يجعل وضع السوق مبشرا خاصة مع ترجيح نجاح جهود “أوبك” في رفع مستوى امتثال الدول المنتجة لخفض الإنتاج وضم نيجيريا وليبيا مستقبلا وعلاج أوجه القصور في أداء المنتجين في الفترة السابقة.
وأشار باريو إلى أن أسعار النفط مرشحة لمزيد من المكاسب تحديدا خلال الأسبوع الجاري بدعم من نمو الطلب بالتوازي مع زيادة الامتثال بين المنتجين لخفض الإنتاج إضافة إلى التباطؤ الملحوظ سواء في الاستثمارات النفطية الأمريكية أو مستوى الإمدادات وعدد الحفارات النفطية.
من ناحيته، يؤكد لـ “الاقتصادية”، مايكل تورنتون المحلل في مبادرة الطاقة الأوروبية، أن إشارة المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية بعدم استبعاد إجراء تخفيضات جديدة في مستوى الإنتاج تؤكد الرؤية المرنة التي تتبناها السعودية بصفتها الرئيس الدوري لمنظمة أوبك تجاه متغيرات السوق، مشيرا إلى أن الوزير الفالح اشترط توافق وإجماع المنتجين واحتياج السوق لمزيد من التخفيضات، وهما شرطان موضوعيان ويخدمان مصلحة الاستقرار في السوق علاوة على أنهما يدعمان وحدة المنتجين في التعامل مع تطورات السوق.
وتوقع تورنتون أن تكون رئاسة الإمارات لمنظمة أوبك في العام المقبل رئاسة ناجحة وستكون استكمالا لجهود السعودية الواسعة في ضبط الأداء داخل المنظمة كما أن التوافق السعودي ـــ الإماراتي والخليجي بشكل عام سيسهل جهود تطوير الأداء داخل المنظمة الدولية خاصة أن الفترة المقبلة تتطلب مزيدا من الجهود لاستعادة التوازن والاستقرار في السوق وإنجاح الاتفاق المشترك للمنتجين لتقييد الإنتاج وضبط المعروض النفطي في الأسواق الدولية.
من ناحية أخرى وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي،، فقد سجلت أسعار النفط ارتفاعا طفيفا في تعاملات متقلبة في الوقت الذي تقيم فيه السوق أثر انخفاض مخزونات الخام الأمريكية وعدم الاستقرار في نيجيريا إلى جانب النمو القوي في الطلب العالمي في وقت يشهد بطئا في عودة التوازن للأسواق.
وبحسب “رويترز”، فقد ارتفع خام القياس العالمي مزيج برنت 20 سنتا في التسوية بما يعادل 0.39 في المائة إلى 52.10 دولار للبرميل بينما زاد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 23 سنتا، أو 0.47 في المائة، إلى 48.82 دولار للبرميل، وانخفض الخام الأمريكي 1.5 في المائة على أساس أسبوعي بينما نزل خام برنت 0.6 في المائة.
وقالت وكالة الطاقة الدولية “إنها عدلت بيانات الطلب القياسية لعامي 2015 و2016 ما يعني أن انخفاض قاعدة الطلب في عامي 2016 و2017 إلى جانب عدم تغير بيانات الإمدادات المرتفعة قد يؤديا إلى بطء معدل السحب من المخزونات الذي كان متوقعا في البداية”.
وزادت شركات الطاقة الأمريكية عدد الحفارات النفطية للمرة الثانية في الأسابيع الثلاثة السابقة لتستأنف وتيرة تعافي أنشطة الحفر المستمر منذ 15 شهرا، لكن وتيرة الزيادة تباطأت في الأشهر الماضية في الوقت الذي تقلص فيه الشركات خطط الإنفاق مع انخفاض أسعار الخام.
وقالت بيكر هيوز لخدمات الطاقة في تقريرها الذي يحظى بمتابعة وثيقة “إن الشركات زادت عدد منصات الحفر النفطية بواقع ثلاثة حفارات في الأسبوع المنتهي في 11 (أغسطس) ليصل العدد الإجمالي إلى 768 منصة، وهو الأعلى منذ (أبريل) 2015”.
ويقابل هذا العدد 396 منصة حفر نفطية كانت عاملة في الأسبوع المقابل قبل عام، وزادت الشركات عدد الحفارات في 56 أسبوعا من 63 أسبوعا منذ بداية (يونيو) 2016، وعدد الحفارات مؤشر مبكر على الإنتاج المستقبلي.
ومن المتوقع أن يرتفع إنتاج النفط الأمريكي إلى 9.4 مليون برميل يوميا في 2017 وإلى 9.9 مليون برميل يوميا في 2018 من 8.9 مليون برميل يوميا في 2016 بحسب توقعات اتحادية.
وضغطت تلك الزيادة في الإنتاج على أسعار الخام في الأشهر الماضية، وكان عديد من شركات الاستكشاف والإنتاج قد وضع برامج إنفاق طموحة لعام 2017 عندما كان يتوقع ارتفاع أسعار الخام الأمريكي عن مستوياتها الحالية البالغة نحو 48.50 دولار للبرميل.
ورغم تخفيضات الإنفاق التي جرى الإعلان عنها في الآونة الأخيرة فإن شركات الاستكشاف والإنتاج ما زالت تعتزم إنفاق مزيد من الأموال مقارنة بما أنفقته العام السابق.
وهبطت المخزونات الأمريكية بمقدار 6.5 مليون برميل الأسبوع الماضي حسبما أظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة، لكن مراقبي السوق يحذرون من أن انخفاض مخزونات البنزين يأتي بالتزامن من عمليات سحب موسمية.
وفي نيجيريا اقتحم مئات من المتظاهرين منشأة للنفط الخام ومحطة غاز مملوكة لـ “رويال داتش شل” في دلتا النيجر مطالبين بوظائف وتطوير البنية التحتية حسبما قال شاهد عيان. وكانت صادرات النفط النيجيرية من المنتظر أن تبلغ أعلى مستوى في 17 شهرا في (أغسطس) لكنها عاودت التراجع إلى أقل من مليوني برميل يوميا، بعدما أعلنت “شل” حالة القوة القاهرة على خام بوني الخفيف.
الرئيسية تقارير