تعافي أسعار النفط

كتب :محمد الشطي 

يتحدث بعض المراقبين عن احتمال تكرار ما حدث في مارس 2017، عندما كان متوسط أسعار نفط خام برنت يتعافى بشكل متسارع وبلغ 55 دولاراً للبرميل في 7 مارس، ثم هبط 7.7 دولار إلى 47.3 دولار. ويعتقد البعض بإمكانية تكرار المشهد مع كسر أسعار النفط حاجز الستين دولاراً للبرميل، وتعافي أسعار النفط بشكل متسارع خلال الأسابيع الماضية، بحيث ارتفعت من متوسط 55 دولاراً للبرميل في 6 أكتوبر الماضي ليفوق 60 دولاراً للبرميل مع نهاية شهر أكتوبر.

ورغم أن احتمالات حدوث الانخفاض كبيرة من دون اعتبار للاجتماع القادم لـ “أوبك”، ولعل أهم أسباب ذلك السوق الذي مازال يعاني من زيادة في الفائض في المخزون النفطي التجاري في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، رغم انخفاضه خلال أشهر 2017، بحيث تقدره بعض المصادر حالياً بانه يدور حول 160 مليون برميل. ولذلك فإنه من المناسب إجراء مقارنة بين الحالتين آنفتي الذكر والاسترشاد بتوجهات أحداث أسواق النفط، ثم الختام بالإجابة عن تساؤل إمكانية ثبات أسعار نفط خام الإشارة عند المستويات الجديدة، وأعني بذلك الستين دولاراً للبرميل لفترة أطول من خلال توقعات بعض بيوت الاستشارة في السوق.

والحقيقة انه لا يوجد اختلاف حول تعافي أساسيات السوق النفطية بشكل كبير خلال النصف الثاني من عام 2017، من ناحية تناقص المعروض وتعافي الطلب، مقارنة مع النصف الأول من 2017.

وانخفض إجمالي عدد العقود في الأسواق الآجلة من الذروة في فبراير 2017 عند 920 ألف عقد، بينما تقدر حالياً بنحو 587 ألفاً، ما يعني أن الوضع الحالي أفضل ومريح بالنسبة للمضاربين في أسواق النفط، مقارنة بما كان عليه سابقاً في بداية عام 2017.

من جهة أخرى، فقد بلغت واردات الولايات المتحدة من النفط الخام من «أوبك» 3.1 مليون برميل يومياً خلال شهر أكتوبر 2016، وارتفعت إلى 3.6 مليون برميل يومياً خلال شهر يناير 2017، بينما وصلت الواردات 3.2 مليون برميل يوميا خلال شهر يوليو 2017، ثم 2.8 مليون برميل يوميا في شهر أغسطس، حسب الأرقام الرسمية لإدارة معلومات الطاقة الأميركية. وأصبحت السوق النفطية الأميركية والتي هي المؤثر الرئيس في أسواق النفط، وتحديد تحركات المضاربين والمستثمرين أكثر توازناً خلال النصف الثاني، بحيث انخفض المخزون الأميركي التجاري للنفط الخام من 504 ملايين برميل في يناير 2017 إلى 462 مليون برميل في أغسطس 2017.

ورغم تعافي أسعار النفط فقد تأرجح متوسط سعر النفط الأميركي بين يناير وأكتوبر 2017 بين 45 و53 دولاراً للبرميل، وتأرجح نفط خام الإشارة برنت خلال الفترة ذاتها بين 46 و57 دولاراً للبرميل، إلا أن ارتفاع إنتاج النفط الأميركي ظل يدور حول 500 ألف برميل يومياً، بحيث ارتفع من 8.85 مليون برميل يومياً في يناير 2017 إلى 9.34 مليون برميل يومياً في سبتمبر الماضي. ومن المؤشرات الإيجابية هي ارتفاع نسب الالتزام بخفض الإنتاج ضمن اتفاق «أوبك» والمستقلين، والذي أثبت فاعليته في الحد من ارتفاع المعروض في أسواق النفط.

وأعتقد أن السوق النفطية متماسكة وقوية ولكنها تدعم متوسط أسعار نفط خام برنت حول 55 دولاراً للبرميل، وهو الأقرب للثبات لفترة أطول، باعتبار أساسيات ميزان الطلب والعرض، ووسط بروز مؤشرات إيجابية لتوازن أسواق النفط.

وفي هذا السياق، يتوقع إيد مورس من “سيتي بنك” أن ثبات أسعار النفط لفترة أطول حول مستويات الستين دولاراً للبرميل يلفه الكثير من الشكوك، رغم المؤشرات التي يقرأها السوق من تصريحات السعودية وروسيا باستمرار اتفاق خفض الإنتاج الى نهاية 2018، وسط مخاوف من أن ارتفاع الأسعار يدفع بعدد من المنتجين إلى رفع مستويات إنتاج النفط للاستفادة من ارتفاع أسعار النفط.