تزايد مشاريع إنتاج الطاقات المتجددة عربياً

 

كتب : وليد خدوري

شكّلت الطاقات المتجددة (الشمس والرياح والمياه) جزءاً ضئيلاً من تلبية الطلب على الكهرباء في الدول العربية. إذ كانت مصر حتى عام 2014، الدولة العربية الوحيدة التي لبّت أكثر من واحد في المئة من الطلب على الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة غير المائية، مثل الشمس أو الرياح.

وبدأ أخيراً ازدياد الاهتمام بمشاريع الطاقات المتجددة في الدول العربية، بعدما اتضح ارتفاع معدل زيادة الاستهلاك السنوية من الكهرباء نحو 7.4 في المئة حتى عام 2021. وساعد السعر المدعوم حكومياً للمنتجات البترولية ظاهرة زيادة الاستهلاك، إضافة إلى صعوبة إمكان منافسة الطاقات المتجددة. ففي أحيان كثيرة، نلاحظ أن السعر المخفض لسعر وحدة الكهرباء يقل عن كلفة الإنتاج والتوزيع. وأدى هذا الأمر إلى تردد الشركات الخاصة للطاقات المتجددة في ولوج هذه الصناعات. ومن دون مراجعة التعرفة الحكومية لأسعار الكهرباء سيستمر وجود عقبة كبيرة أمام مشاركة القطاع الخاص في تأسيس الطاقات المتجددة. وبدأ بعض الحكومات بعد تردد طويل نتيجة ردود فعل الرأي العام، إعادة النظر في تسعيرة التعرفة الكهربائية، بفعل المعدلات العالية والسريعة لازدياد استهلاك الكهرباء سنوياً، وما لا يساعد الحكومات هو شيوع الفساد وتدهور الأداء الحكومي.

واللافت أن حكومات الدول الإقليمية المجاورة منحت إعفاءات ضريبية وقوانين مشجعة للشركات الخاصة، لولوج الطاقة الشمسية، ففرضت قوانين في إحدى الدول لاستعمال الطاقة الشمسية في كل المنازل المبنية حديثاً، ولو لتسخين المياه فقط منذ عام 1973، أي منذ بدء مرحلة ارتفاع أسعار النفط.

وتواجه الطاقات المتجددة في بعض الدول العربية عراقيل إدارية ومؤسسية. إذ على سبيل المثال، تسمح الأنظمة المرعية لشركات الكهرباء الوطنية بشراء الطاقة من المنازل، التي تملك طاقة شمسية إضافية. ومضت سنوات على هذا القرار، لكن لم يُنفّذ بعد. لذا، لجأ بعض أصحاب المنازل الذين يملكون الطاقة الإضافية، إلى تمديد أسلاك كهربائية لدور الجيران لتزويدهم بالكهرباء مباشرة.

ويعاني المواطن في دول عربية خلال هذه المرحلة من استمرار انقطاع التيار الكهربائي وعلى مدى فصول السنة، ويتراوح عدد من الساعات يومياً، ما يسبب إزعاجاً وتذمراً عند المواطنين. وتواجه الدول العربية التي تشهد أزمات أمنية وحروباً، عبء معظم هذه الانقطاعات. إذ أخذ الإرهابيون يتقصّدون وضع محطات الطاقة ووسائل توزيع الكهرباء في أولوية أهدافهم. كما تردد إسرائيل التهديد ذاته في حال هجومها على بلد عربي. إذ يذكر المسؤولون العسكريون الكبار فيها، أن الهدف الأول لعملياتها العسكرية هو تدمير البنى التحتية، بمعنى آخر محطات الكهرباء. وهذا ما حدث بالفعل في أكثر من هجوم. وتشهد أكثر من دولة عربية هجرة آلاف بل ملايين اللاجئين، ما يزيد الضغط على شبكات الكهرباء الوطنية. واقترح الخبراء إنشاء محطات طاقة شمسية صغيرة الحجم، للتعامل مع هذه المأساة واستعمالها لاحقاً لتغذية مناطق ريفية.

ويختلف اهتمام الدول العربية بالطاقات المتجددة من واحدة إلى أخرى. إذ كما يتبين أعلاه، تتعدد الأسباب لاستخدام الطاقات المتجددة. ومنها لاعتبارات طاقوية أمنية، توفير وسائل مختلفة ومتعددة لتوليد الكهرباء في البلاد، وعدم الاعتماد على وسيلة واحدة لذلك. ومحاولة التعامل مع الازدياد السنوي في استهلاك الكهرباء. ولا تُغفل محاولة تقليص التلوث البيئي. كما يُعمل على إمكان الاستمرار في تصدير إمدادات وافية من النفط والغاز. ويوجد تقليص لكلفة استيراد المنتجات البترولية، فضلاً عن إمكان الاستفادة من مصدر طاقوي متوافر في شكل كبير في المنطقة، هي الشمس، والرياح في بعض المناطق.

وافتُتح الأسبوع الماضي مجمع الطاقة الشمسية المركز في دبي بطاقة 700 ميغاوات، وهو يشكل المرحلة الرابعة من مجمع الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية. ويمثل جزءاً من مخطط إمارة دبي لإنتاج الطاقة النظيفة بحلول 2050. ويبدأ تشغيل المجمع الجديد في 2020، وسيولد المشروع ألف ميغاوات بحلول عام 2020 ونحو 5000 ميغاوات بحلول عام 2030.

وأعلنت السعودية أخيراً عن برامج استثمارية بقيمة تتراوح بين 30 بليون دولار و50 بليوناً، لتمويل مخططاتها لتشييد 10 غيغاوات للطاقة الشمسية وطاقة الرياح بحلول 2032. وتعمل وزارة الطاقة والصناعة على متابعة مشاريع الطاقات المتجددة.

ويتقدم المغرب والأردن الدول العربية غير البترولية في مشاريعهما للطاقة الشمسية والرياح. وقطعت المغرب أشواطاً في بناء 2 غيغاوات من الطاقة الشمسية و2 غيغاوات من طاقة الرياح بحلول 2020. ولدى المغرب حالياً منشآت لطاقة الرياح بقدرة 750 ميغاوات. وتنطلق المغرب في تشييد مشروع “نور” للطاقة الشمسية. وبدأ الأردن تشغيل مشروع «طفيلة» للرياح بطاقة 117 ميغاوات. ويعمل الأردن على زيادة طاقة الرياح التي تملكها حالياً، بتشييد محطتين إضافيتين. وأعلنت  الإماراتية عن تمويل مشروع للطاقة الشمسية المركزة في الأردن بطاقة 200 ميغاوات، يبدأ العمل به خلال 2020.

وتخطط مصر بحلول 2020 إلى تطوير محطات طاقة للرياح بطاقة 2.5 غيغاوات، وللطاقة الشمسية المركزة بطاقة 1.7 غيغاوات و100 ميغاوات. لكن نظراً إلى الأزمة المالية التي شهدتها أخيراً، يتضح أن التمويل سيتأخر من قبل مؤسسات التنمية الدولية.