انتعاش أسعار النفط مع تراجع نمو الإنتاج الأميركي

قال الموجز الاقتصادي لبنك الكويت الوطني ان أسعار النفط استعادت نشاطها في يوليو لتعكس التراجع الذي سجلته خلال بضعة الأشهر الماضية وتعاود تخطيها حاجز 50 دولارا للبرميل. وقد انعكست الثقة في الأسواق خلال يوليو بفعل العديد من العوامل والتي من ضمنها التزام دول أعضاء أوبك باتفاقية خفض الإنتاج وتراجع سريع في المخزون الأميركي ووجود مؤشرات بتراجع إنتاج أميركا. وقد بلغت أسعار النفط أعلى مستوياتها منذ شهرين في نهاية شهر يوليو، حيث ارتفع سعر مزيج برنت إلى 52.65 دولارا للبرميل فيما ارتفع سعر مزيج غرب تكساس المتوسط إلى 50.17 دولارا للبرميل. وأنهى المزيجان شهر يوليو بارتفاع بواقع 9.9 في المئة و9.0 في المئة على أساس شهري على التوالي وبواقع 24 في المئة و20.6 في المئة على أساس سنوي على التوالي.
استمر إنتاج أميركا بالارتفاع منذ النصف الثاني من العام 2016 ليقف عائقاً أمام اتفاقية خفض الإنتاج ما بين الدول في منظمة أوبك وخارجها. فقد ارتفع متوسط إنتاج أميركا المتحرك لفترة الأربعة أسابيع بواقع 10.9 في المئة على أساس سنوي في الأسبوع المنتهي في الثامن والعشرين من يوليو مع بلوغ الإنتاج مستوى 9.4 ملايين برميل يومياً.
إلا أن التوقعات بشأن إنتاج أميركا قد اتخذ منحى أكثر تحفظاً خلال الأسابيع الماضية تماشياً مع اعتدال وتيرة نمو حفارات التنقيب الأميركية التي ارتفع إجماليها بواقع حفارتين فقط في الأسبوع المنتهي في الثامن والعشرين من يوليو ليصل إلى 766 حفارة، ما يعني أن عددها قد تراجع عن المتوسط المتحرك لفترة ثلاثة الأشهر إلى 5 حفارات. ولكن الانتعاش الذي شهدته الأسعار يعزى بشكل رئيسي إلى تراجع المخزون الأميركي، وذلك بصورة كبيرة في يوليو بنحو إجمالي أسبوعي متراكم بلغ 24.2 مليون برميل. وقد عادت احتياطات النفط حالياً إلى مستوياتها في شهر يناير من العام 2016.
تعهدات خفض الإنتاج
وقد أكدت دول أعضاء أوبك وخارجها خلال اجتماعها الذي عقد في أبوظبي في السابع والثامن من أغسطس 2017 مدى الالتزام باتفاقية خفض الإنتاج بواقع 1.8 مليون برميل يومياً من يناير 2017 حتى مارس 2018.
إذ قامت لجنة مراقبة سوق النفط الوزارية بتتبع الالتزام بخفض الانتاج لفترة ستة الأشهر الأولى منذ الإعلان عن الاتفاقية وذلك في الاجتماع الذي عقد في سان بطرسبرغ في الرابع والعشرين من يوليو 2017. إذ تعهدت بعض الدول الأعضاء في أوبك مثل الكويت والسعودية والإمارات بخفض صادراتها، حيث أعلنت السعودية عن اعتزامها الحد من صادراتها النفطية إلى 6.6 ملايين برميل يومياً في أغسطس بتراجع قدره مليون برميل على أساس سنوي. كما تعهدت نيجيريا أيضاً التي تم إعفاؤها من خفض الإنتاج بالحفاظ على مستوى إنتاجها عند 1.8 مليون برميل يومياً هذا العام.
بالمقابل، صرّح وزير النفط الروسي أن روسيا قد قامت بخفض إنتاجها بواقع 310 آلاف برميل يومياً بنهاية شهر يوليو مقارنة بأكتوبر 2016 وبأن روسيا في أتم الاستعداد للالتزام بالخفض الملزمة به.
وأظهرت بيانات أوبك الأخيرة من مصادر الثانوية أن إجمالي إنتاج المنظمة قد ارتفع في يونيو إلى 32.44 مليون برميل يومياً من مستوى شهر مايو البالغ 32.05 مليون برميل يومياً وذلك بتأثير من زيادة الإنتاج في ليبيا ونيجيريا اللتين تم إعفاؤهما من اتفاقية الخفض. وقد تسبب ذلك في ابتعاد المنظمة عن تحقيق هدفها للإنتاج البالغ 31.75 مليون برميل يومياً مع تراجع وتيرة الالتزام بالخفض إلى 94 في المئة في يونيو مقابل 105 في المئة في مايو. إذ اقترب صافي التراجع في إنتاج أوبك من 1.0 مليون برميل يومياً في بداية العام إلا أن زيادة الإنتاج قد عكست الجهود المبذولة لإعادة التوازن وخفضت صافي التغير في الإنتاج إلى ما يقارب 0.5 مليون برميل يومياً.
أساسيات الأسواق
من المتوقع أن تسجل بيانات مخزون النفط الأميركي التي تعد الأكثر تتبعاً من قبل مراقبي الأسواق تراجعاً أكبر في أغسطس. إذ تتوقع وكالة الطاقة الدولية استمرار تجاوز الطلب مستوى الإنتاج لا سيما مع استمرار تراجع المخزون العالمي في النصف الثاني من 2017. من المحتمل أن يتراجع المخزون بحلول نهاية العام 2017 بنحو 240 مليون برميل يومياً. وقد واجهت الجهات المنتجة للنفط الصخري بعض الصعوبات نتيجة تراجع أسعار النفط إلى أقل من 50 دولاراً للبرميل، الأمر الذي دفعها إلى خفض المصروفات الرأسمالية على مشاريع الحفر والتنقيب. لذا من المفترض أن يساهم كل من انخفاض المخزون وتراجع الإنتاج في دعم استقرار أسعار النفط، الأمر الذي ستظل الأسواق في حالة ترقب لحدوثه.