النفط يتعافى و يتجاهل العوامل السلبية

تجاهل النفط مجموعة من الأنباء السلبية أمس، في الوقت الذي استفاد فيه المستثمرون والمتعاملون من الخسائر التي تكبدها الخام في وقت سابق ودفعوا الأسعار مجددا صوب 52 دولارا للبرميل وأعلى مستوى في ثمانية أسابيع الذي سجلته هذا الأسبوع.
وارتفعت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت 12 سنتا إلى 51.90 دولار للبرميل بحلول الساعة 1325 بتوقيت جرينتش لتصعد من أدنى مستوى لها في الجلسة البالغ 51.18 دولار للبرميل. وبلغ السعر 52.93 دولار الإثنين الماضي، وهو أعلى مستوياته منذ أواخر أيار (مايو) الماضي.
وزاد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي سنتا واحدا إلى 49.17 دولار للبرميل.
وتراجع العقدان كثيرا في الجلسة السابقة بعد أن قالت “رويال داتش شل”، “إن مصفاة بيرنيس التابعة لها البالغة طاقتها 400 ألف برميل يوميا في هولندا ستظل خارج الخدمة في الأسبوعين المقبلين على الأقل بعد حريق”.
وأظهر مسح مستقل أمس الأول، زيادة غير متوقعة في مخزونات النفط الأمريكية بلغت 1.8 مليون برميل.
وبلغ إنتاج منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك” 33 مليون برميل يوميا في تموز (يوليو) المنصرم، وهو أعلى مستوى له في 2017 رغم تعهد المنظمة ومنتجين آخرين خارجها بخفض الإنتاج.
إلى ذلك، أكد تقرير “بتروليوم إيكونوميست” أن تخفيضات الإنتاج التي تقودها منظمة “أوبك” بالتعاون مع المنتجين المستقلين لا أحد يستطيع التنبوء بدقة بمداها الزمني أو تحديد متى يتم تعليق العمل بها ولكنها بالتأكيد ليست تخفيضات دائمة، مشيرا إلى أن خفض الإنتاج على الأرجح هو عملية إغاثة قصيرة الأجل لإنعاش السوق المثقل بأعباء كثيرة.
وأوضح التقرير أن عودة مستوى المخزونات النفطية في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى المتوسط في خمس سنوات بعد امتصاص فائض المخزونات سيكون مؤشرا على بداية وقف خفض الإنتاج خاصة أن ذلك من المرجح أن يقود إلى تعافي الأسعار إلى مستوى ما بين 55 و60 دولارا للبرميل .
وتوقع التقرير أن تبقى أسعار النفط عند مستويات متوسطة، لافتا إلى أن النفط الصخري الضيق وإمداداته التي تتدفق مع كل تعافي في الأسعار ستظل تضغط على مستوى الأسعار وستبقى سياسات “أوبك” تميل إلى الدفاع ومنع حدوث انهيارات سعرية وذلك عن طريق ضبط المعروض النفطي .
ولا تزال أفاق السوق جيدة في إطار جهود دول الخليج بقيادة السعودية لتقليص الصادرات النفطية والذي يجيء بالتوازي مع معدلات نمو جيدة في الطلب على النفط سواء في الولايات المتحدة أو الصين أو الهند والدول الثلاث يشكلون ركائز الطلب العالمي .
وفي هذا الاطار ، قال لـ”الاقتصادية”، ماندرا نائب رئيس شركة ” ال ام ف ” النمساوية للطاقة، إن التخفيضات الإنتاجية التي تقودها “أوبك” هي إجراء جيد ومؤثر ولكن طريق التخفيضات لازال غير واضح المعالم خاصة المدى الزمني الذي سيتم فيه التوافق على استمرار العمل بتلك التخفيضات وهو الأمر الذي يتوقف بشكل كبير على تغيرات الأسعار ووضع السوق .
وبين أن “أوبك” استعادت قوتها وتأثيرها في السوق وهى تلقى دعما واسعا من مجموعة دول الخليج التي تبذل جهودها لتعزيز دور ومصداقية المنظمة، مشيرا إلى أن “أوبك” لازال لديها الكثير الذي يمكن أن تقدمه للسوق في الفترة القادمة وهى لن تتوانى عن بذل كل جهد ممكن لتعزيز الاستقرار في السوق والارتقاء المستمر بصناعة النفط .
وأضاف أن “أوبك” حاليا تخوض مرحلة إعادة ترتيب البيت من الداخل وذلك بعد أن تلاحظ تراجع نسبي في الالتزام بخفض الإنتاج علاوة على الطفرة الإنتاجية التي قامت بها نيجيريا وليبيا مما قفز بحجم إنتاج المنظمة مرة أخرى وأثار بعض القلق لدى شركائها المستقلين لذا سارعت السعودية التي تتولي قيادة “أوبك” بتنفيذ إجراءات صارمة لضبط المعروض بدأتها بنفسها بتقييد مستوى صادراتها النفطية عند 6.6 مليون برميل وهو مستوى قياسي في الانخفاض .
من جانبه، أوضح لـ”الاقتصادية”، فرانك يوكنهوفر مدير مشروعات سيمنز في بلجيكا وهولندا، أن عودة انتعاش أسعار النفط الخام إلى مستوى فوق 50 دولارا للبرميل ستعزز من جديد الاستثمارات ومستويات الإنتاج لمنتجي النفط الصخري الأمريكي، لافتا إلى أن التخفيضات الخليجية ستظل أكبر وأقوى تأثيرا خاصة مع إقدام السعودية على تقليص مليون برميل يوميا من صادراتها النفطية دفعة واحدة .
وذكر أن الشراكة السعودية الروسية في التعاطي مع سوق النفط ستظل قوية وقائمة بشكل مؤثر على الرغم من أن التخفيضات الإنتاجية الروسية لا تزال اقل من نصف التخفيضات التي أقدمت عليها السعودية ولكن سيبقى الدور الروسي في اتفاق خفض الإنتاج محوريا خاصة فيما يتعلق بقدرتها على التأثير في مواقف العديد من المنتجين المستقلين الآخرين.
بدورها، أكدت لـ”الاقتصادية”، أمريتا إنج مدير قطاع الطاقة والبتروكيماويات في شركة ” أى ايه سنجابور”، أن قيام السعودية والإمارات والكويت بإجراءات مؤثرة في خفض الصادرات النفطية لا يرجع إلى ارتفاع الطلب المحلي كما يتصور بعض المتعاملين في السوق ولكن يأتي في إطار إعطاء دفعة لاتفاق خفض الإنتاج وتعزيز الثقة والشراكة مع المنتجين المستقلين بقيادة روسيا .
وقالت إن بعض مواقف الدول المنتجة في “أوبك” تحتاج إلى مراجعة خاصة الإكوادور التي أعلنت أنها لن تستطع الالتزام بتخفيضات الإنتاج وستلجأ إلى زيادة صادراتها للتغلب على تداعيات صعوبات اقتصادية تواجهها .
وأضافت أن الموقف العراقي أيضا به الكثير من اللبس حيث تخطط العراق لزيادة الإنتاج وتعزيز مستوى صادراتها بنهاية العام فيما تؤكد دوما على التزامها باتفاق خفض الإنتاج، مشيرة إلى أن السوق يترقب كيفية تمكن العراق من الوفاء بالتزاماتها في الخفض في ظل خطط زيادة الإنتاج الواسعة .
وقال معهد البترول الأمريكي إن مخزونات الخام الأمريكية زادت بواقع 1.8 مليون برميل في الأسبوع المنتهي يوم 28 تموز (يوليو) المنصرم، إلى 488.8 مليون برميل ليقوض آمالا بأن انخفاض المخزونات في الآونة الأخيرة كان مؤشرا على تقلص الفجوة بين العرض والطلب في السوق الأمريكية.
وخارج الولايات المتحدة تراجع خام برنت بسبب تقارير نشرت هذا الأسبوع وأظهرت أن إنتاج منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك” بلغ أعلى مستوى له في 2017 عند 33 مليون برميل يوميا، رغم تعهد “أوبك” ومنتجين مستقلين من بينهم روسيا بخفض الإنتاج 1.8 مليون برميل يوميا في الفترة بين كانون الثاني (يناير) الماضي وآذار (مارس) 2018.
وارتفعت أسعار النفط خلال تعاملات السوق الأوروبية أمس، لتستأنف الصعود الذي توقفت مؤقتا أمس الأول، ضمن عمليات التصحيح من أعلى مستوى في عشرة أسابيع ،يأتي هذا وسط آمال عودة التوازن للسوق، مع استمرار “أوبك” والمنتجين المستقلين بالعمل على تقليص وفرة المعروض،ومع مؤشرات على تحسن الطلب العالمي ولاسيما الطلب في الولايات المتحدة والصين أكبر مستهلكين للنفط بالعالم.
وأنهي النفط الخام الأمريكي تعاملات أمس الأول، منخفضا بنسبة 2.8 في المائة، في أول خسارة خلال سبعة أيام، بأكبر خسارة منذ 21 تموز (يوليو) الماضي، بفعل عمليات التصحيح من أعلى مستوى في عشرة أسابيع 50.41 دولارا للبرميل، وفقدت عقود برنت نسبة 2.4 في المائة بعدما سجلت مستوي 52.91 دولارا للبرميل الأعلى منذ 25 مايو.
وفي بيانات غير رسمية أعلن معهد البترول الأمريكي أمس الأول، ارتفاع مخزونات الخام في البلاد بنحو 1.8 مليون برميل، للأسبوع المنتهي 28 يوليو، وتوقع الخبراء انخفاضا بنحو 3.3 مليون برميل، في ثاني ارتفاع خلال ثلاثة أسابيع.
وتشير توقعات المخزونات والتي تصدرها إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إلى انخفاض بمقدار 3.2 مليون برميل ،في خامس انخفاض أسبوعي على التوالي.
وعلى حسب بيانات أولية في أسواق الطاقة ارتفع إنتاج “أوبك” بنحو 210 ألف برميل في يوليو إلى نحو 32.9 مليون برميل يوميا، وهو أعلى لإنتاج المنظمة خلال هذا العام، ويعود هذا الارتفاع إلى تسارع الإنتاج في ليبيا ونيجيريا.
وحققت أسعار النفط ارتفاعا بنسبة 8.3 في المائة على مدار تعاملات شهر يوليو المنصرم، في أول مكسب شهري خلال خمسة أشهر، وبأكبر مكسب شهري خلال 2017، وسط آمال قرب تحقيق التوازن بالسوق.
وتعهدت السعودية والكويت والإمارات بعد اجتماع المنتجين في مدينة سانت بطرسبرج الروسية بخفض الصادرات خلال الأشهر المقبلة بهدف تقليص وفرة المعروض بالسوق.
وفي الولايات المتحدة تحسنت مستويات الاستهلاك، وعلى أثر ذلك انخفضت مخزونات الخام في البلاد بنحو 27 مليون برميل منذ مطلع حزيران (يونيو) الماضي، وفي الصين زادت معامل التكرير إنتاجها في يونيو إلى ثاني أعلى مستوياتها على الإطلاق.
وتراجعت سلة خام “أوبك” وسجل سعرها 49.61 دولار للبرميل أمس الأول، مقابل 49.97 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” أمس، أن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء بالمنظمة حقق أول انخفاض عقب خمسة ارتفاعات متتالية، كما أن السلة كسبت أكثر من دولارين مقارنة بنفس اليوم من الأسبوع السابق والذي سجلت فيه 47.11 دولار للبرميل .