النفط يتراجع وسط توقعات بتباطؤ وتيرة استعادة توازن السوق

انخفضت أسعار النفط بعد أن قالت وكالة الطاقة الدولية أمس “إن ضعف التزام بعض دول أوبك بتخفيضات الإنتاج يطيل أمد استعادة السوق توازنها رغم نمو قوي للطلب”.
وتأثرت الأسعار باستمرار المخاوف من تخمة المعروض رغم انخفاض مخزونات الخام الأمريكية بأكثر من المتوقع، ويراقب المستثمرون عن كثب تأثير التوترات بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية في السوق عموما.
وبحسب “رويترز”، فقد بلغ خام القياس العالمي مزيج برنت 51.83 دولار للبرميل بانخفاض سبعة سنتات بعد أن تراجع 50 سنتا أو ما يعادل نحو 1 في المائة إلى أدنى مستوياته منذ الأول من (أغسطس).
وتراجع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي عشرة سنتات إلى 48.49 دولار للبرميل بعد أن انخفض 1 في المائة إلى أدنى مستوياته منذ 26 (يوليو)، ولامست أسعار النفط أول أمس أعلى مستوياتها في شهرين ونصف الشهر، لكنها تراجعت لتغلق منخفضة نحو 1.5 في المائة، ونزلت أسعار الخام الأمريكي عن 50 دولارا للبرميل وسط المخاوف المرتبطة بتخمة المعروض.
وانخفضت مخزونات الخام الأمريكي الأسبوع الماضي مع زيادة إنتاج المصافي بينما ارتفعت مخزونات البنزين وتراجعت مخزونات نواتج التقطير، وتقلصت مخزونات الخام بمقدار 6.5 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في الرابع من (أغسطس) مقارنة بتوقعات محللين بانخفاض قدره 2.7 مليون برميل.
وارتفعت المخزونات في محطة التسليم في كوشينج في أوكلاهوما بواقع 569 ألف برميل، وأظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة أن استهلاك المصافي زاد بواقع 166 ألف برميل يوميا بينما ارتفع معدل الاستفادة من طاقة المصافي الإنتاجية بواقع 0.9 نقطة مئوية إلى 96.3 في المائة، وهو أعلى مستوى منذ (أغسطس) 2005.
وارتفعت مخزونات البنزين 3.4 مليون برميل مقارنة بتوقعات في استطلاع لآراء المحللين بانخفاض قدره 1.5 مليون برميل، وهبطت مخزونات نواتج التقطير التي تشمل الديزل وزيت التدفئة بواقع 1.7 مليون برميل مقارنة بتوقعات هبوط قدره 131 ألف برميل، وتقلصت واردات الولايات المتحدة من الخام الأسبوع الماضي بمقدار 496 ألف برميل يوميا.
من جهة أخرى، أشارت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الشهري إلى أن واشنطن تدرس فرض عقوبات على فنزويلا تشمل حظر صادرات أمريكية بنحو 100 ألف برميل من الخام الخفيف ومنتجات التكرير لها.
وذكرت الوكالة الدولية أن ذلك قد يزيد التكلفة التشغيلية للإنتاج التي تقدر بنحو 30 دولارا للبرميل، إذ ستضطر كراكاس في تلك الحالة إلى البحث عن موردين أبعد كبديل ربما من نيجيريا أو الجزائر، مضيفة أن “من شأن ذلك الإجراء تقليص الإنتاج من حزام أورينوكو حيث سيحرم المنطقة من مصدر مهم للخام الخفيف الذي يستخدم لتخفيف الخام الثقيل جدا الذي تنتجه”.
وأفادت وكالة الطاقة الدولية أن الطلب العالمي على النفط سينمو بوتيرة أسرع من المتوقعة هذا العام بما يسهم في تقليص تخمة المعروض رغم ارتفاع إنتاج الخام في أمريكا الشمالية وضعف التزام “أوبك” بتخفيضات الإنتاج.
وعدلت الوكالة توقعاتها لنمو الطلب في 2017 إلى 1.5 مليون برميل يوميا مقارنة بـ 1.4 مليون برميل يوميا في تقريرها الشهري السابق، متوقعة نمو الطلب بمقدار 1.4 مليون برميل يوميا إضافية في العام المقبل.
وقالت وكالة الطاقة التي تتخذ من باريس مقرا لها “لا بد أن يجد المنتجون ما يشجعهم في الطلب، الذي ينمو على أساس سنوي بوتيرة أقوى مما كان متوقعا في البداية”.
وأضافت الوكالة التي تقدم المشورة للدول الصناعية بخصوص سياسة الطاقة “ستتعزز الثقة في أن استعادة التوازن ستستمر إذا لم يبد بعض المنتجين المشاركين في اتفاقات الإنتاج مؤشرات على ضعف عزيمتهم في الوقت الذي يعززون فيه مراكزهم”.
وتعكف منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك” على خفض الإنتاج نحو 1.2 مليون برميل يوميا بينما تعمل روسيا ومنتجون آخرون خارج المنظمة على خفض الإنتاج 600 ألف برميل يوميا حتى (مارس) 2018 بهدف دعم أسعار النفط.
وأفادت وكالة الطاقة أن نسبة التزام “أوبك” بالتخفيضات تراجعت إلى 75 في المائة في (يوليو) وهو أدنى مستوى لها منذ بدء العمل بتخفيضات الإنتاج في (يناير)، مشيرة إلى ضعف التزام الجزائر والعراق والإمارات بتخفيضات الإنتاج.
وإضافة إلى ذلك، سجلت ليبيا الدولة العضو في “أوبك” المعفاة حاليا من التخفيضات زيادة حادة في الإنتاج، ونتيجة لذلك، ارتفع إجمالي إمدادات النفط العالمية 520 ألف برميل يوميا في (يوليو) ليزيد 500 ألف برميل يوميا عن المستويات المسجلة قبل عام.
وما يزيد من التحديات التي يواجهها منتجو النفط لدعم أسعار الخام نمو الإنتاج خارج “أوبك”، إذ من المتوقع أن يرتفع إنتاج “المستقلين” بواقع 0.7 مليون برميل يوميا في 2017 وبمقدار 1.4 مليون برميل يوميا في 2018 بفعل زيادات الإنتاج القوية في الولايات المتحدة التي لا تشارك في التخفيضات.
غير أن قوة نمو الطلب العالمي تساعد على التخلص من الخام الفائض، وكشفت الوكالة الدولية عن انخفاض في المخزونات في الدول الصناعية في (يونيو) و(يوليو).
وتظل المخزونات مرتفعة 219 مليون برميل فوق متوسط خمس سنوات، المستوى الذي تستهدفه “أوبك” بخفض الإنتاج، كما عدلت وكالة الطاقة الدولية بيانات الطلب التاريخية لعامي 2015 و2016 في الدول النامية لتخفضها 0.2-0.4 مليون برميل يوميا.
ونتيجة لتلك المراجعات التاريخية، خفضت وكالة الطاقة التقديرات الأساسية للطلب لعامي 2017 و2018 بنحو 0.3-0.4 مليون برميل يوميا ومن ثم خفضت الطلب على نفط “أوبك” بنفس القدر.
وأشارت الوكالة إلى أن خفض الرقم الأساسي للطلب في 2017 مع عدم تغير أرقام المعروض في المقابل يترتب عليه انخفاض المخزونات في وقت لاحق من العام بوتيرة أقل مما كان يعتقد في البداية على الأرجح.
وجاءت التغييرات في الأساس مع تعديل وكالة الطاقة بيانات الطلب التاريخية لإندونيسيا وماليزيا وإيران بالخفض في حين عدلت بيانات الهند بالرفع وأبقت على بيانات الصين دون تغيير إلى حد كبير.
ورفعت “أوبك” توقعاتها للطلب على نفطها الخام في 2018 بسبب تنامي الاستهلاك العالمي وتباطؤ نمو إمدادات المنتجين المنافسين، لكن قفزة جديدة شهدها إنتاج المنظمة تشير إلى أن السوق ستظل تشهد فائضا في المعروض رغم جهود كبح الإنتاج.
وذكرت المنظمة في تقريرها الشهري أن العالم سيحتاج إلى 32.42 مليون برميل يوميا من نفطها في العام المقبل بزيادة 220 ألف برميل يوميا على التوقعات السابقة.
وأبدت “أوبك” أيضا تفاؤلها بالنمو الاقتصادي في 2018 وتقول “إن مخزونات النفط في الاقتصادات المتقدمة انخفضت في (يونيو) وستنخفض أكثر في الولايات المتحدة”، في مؤشر على أن جهود خفض الإنتاج التي تقودها “أوبك” تؤتي ثمارها.
وقال مصدر في “أوبك”، “إن السعودية أكبر منتجي النفط أخطرت المنظمة بأنها خفضت إنتاجها إلى 10.01 مليون برميل يوميا في (يوليو) من 10.07 مليون برميل يوميا في (يونيو)، ويعني هذا أن إنتاج السعودية انخفض دون مستوى إنتاجها المستهدف في إطار اتفاق “أوبك” البالغ 10.058 مليون برميل يوميا.
لكن المنظمة التي تضم 14 دولة منتجة أشارت أيضا إلى أن إنتاجها من النفط في (يوليو) جاء أعلى من الطلب المتوقع، بقيادة زيادات في إنتاج ليبيا ونيجيريا عضوي “أوبك” المعفين من التخفيضات التي تقودها “أوبك” بهدف التخلص من فائض المعروض.
وزاد إنتاج “أوبك” 173 ألف برميل يوميا في (يوليو) إلى 32.87 مليون برميل يوميا بقيادة إنتاج العضوين المعفين علاوة على السعودية أكبر مصدر للنفط، وتعني تلك الأرقام أن نسبة التزام “أوبك” بتعهدها بخفض الإنتاج بلغت 86 في المائة، انخفاضا من 96 في المائة في التقديرات الأولية لشهر (يونيو)، لكن معدل الامتثال يظل مرتفعا وفقا لمعايير “أوبك”.