شهدت أسعار النفط مزيدا من المكاسب أمس لتتجاوز 52 دولارا للبرميل قبيل نشر تقرير أسبوعي عن مخزونات النفط الأمريكية الذي يتوقع أن يظهر تراجع المخزونات للأسبوع السادس، إلا أن الشكوك حول الامتثال لاتفاق خفض إنتاج الخام وتقوده منظمة أوبك حد من المكاسب.
وبلغت صادرات “أوبك” من النفط الخام مستوى قياسيا في تموز (يوليو) وهو ما يرجع في الأساس إلى زيادات في نيجيريا وليبيا عضوي “أوبك” المعفاتين من اتفاق خفض الإنتاج الممتد حتى آذار (مارس) 2018، وتسبب انتعاش إنتاج النفط الليبي وزيادة إنتاج نيجيريا في عرقلة جهود “أوبك” الرامية إلى خفض المعروض النفطي.
وبحسب “رويترز”، فقد زاد خام القياس العالمي مزيج برنت 34 سنتا إلى 52.48 دولار للبرميل، بعدما انخفض على مدار يومين، وارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 30 سنتا إلى 49.47 دولار للبرميل.
وقال معهد البترول الأمريكي “إن مخزونات الخام في الولايات المتحدة انخفضت أكثر من المتوقع الأسبوع الماضي مع تراجع الواردات وارتفاع استهلاك مصافي التكرير، في حين زادت مخزونات البنزين على غير المتوقع.
وهبطت مخزونات النفط الخام 7.8 مليون برميل على مدى الأسبوع لتصل إلى 478.4 مليون برميل بينما توقع المحللون انخفاضها 2.7 مليون برميل، وزادت مخزونات الخام في نقطة التسليم في كاشينج في ولاية أوكلاهوما 319 ألف برميل بحسب المعهد.
وأظهرت بيانات معهد البترول ارتفاع استهلاك الخام في مصافي التكرير 91 ألف برميل يوميا، وزادت مخزونات البنزين 1.5 مليون برميل بينما توقع المحللون في استطلاع تراجعها 1.5 مليون برميل.
وتراجعت مخزونات نواتج التقطير التي تشمل الديزل وزيت التدفئة 157 ألف برميل بينما كانت التوقعات أن تنخفض 131 ألف برميل، وانخفضت واردات الخام الأمريكية الأسبوع الماضي 30 ألف برميل يوميا إلى 7.6 مليون برميل يوميا.
من جهتها، أكدت منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” أن الاجتماع الفني للمنتجين في أبوظبي يومي الإثنين والثلاثاء الماضيين اتسم بالأجواء البناءة والمثمرة ما سيجعل النتائج التي تم التوصل إليها مع الدول المنتجة في هذا الاجتماع تعمل على تيسير التوافق التام في برنامج عمل المنتجين للفترة المقبلة وبشكل يدعم استقرار السوق.
وأوضح تقرير “أوبك” – عن نتائج أعمال الاجتماع الفني في أبوظبي – أن إعلان التعاون المشترك بين المنتجين لا يزال يتمتع بالثبات والالتزام بالوفاء بكافة الواجبات من قبل كل المنتجين، مشيرا إلى تأكيد كل من دول الإمارات والعراق وقازاخستان وماليزيا دعمها الكامل لآلية الرصد القائمة واستعدادها للتعاون الكامل مع اللجان الوزارية والفنية المشتركة في الأشهر المقبلة من أجل التوصل إلى التوافق التام.
وأشار التقرير إلى مشاركة عديد من الدول في هذا الاجتماع الفني غير العادي والمشترك بين دول أوبك وخارجها، حيث شاركت السعودية رئيس مؤتمر “أوبك” إلى جانب روسيا والكويت، حيث ستقوم روسيا والكويت اللتان تتوليان الرئاسة المشتركة للجنة مراقبة اتفاق خفض الإنتاج بتقديم تقارير المتابعة إلى اللجنة الوزارية.
واتفقت “أوبك” وروسيا ومنتجون آخرون على خفض إنتاج الخام بنحو 1.8 مليون برميل يوميا حتى آذار (مارس) 2018 للتخلص من تخمة المعروض العالمي ودعم الأسعار.
ونوه التقرير بأنه سيتم استكمال أعمال هذا الاجتماع الاستثنائي باجتماع فني جديد للدول المنتجة يعقد في فيينا يوم 21 أغسطس الحالي، لافتا إلى أن الاجتماع ركز على تحسين مستويات المطابقة من أجل التعجيل بإعادة التوازن في سوق النفط العالمية لمصلحة المنتجين والمستهلكين على حد سواء، مشيرا إلى أنه بناء على ذلك، عقدت اجتماعات من أجل مواصلة تقييم تطورات سوق النفط مع الإمارات والعراق وكازاخستان وماليزيا حيث عرضت هذه الدول رؤيتها لمستويات الإنتاج الخاصة بهم وآفاق السوق.
وبحسب التقرير فإن اجتماع اللجنة الفنية المشتركة بين دول “أوبك” وخارج “أوبك” الذى انعقد بشكل استثنائي في أبوظبي ركز على مدى توافق المنتجين مع تخفيضات وتعديلات الإنتاج التي جاءت في اتفاق فيينا الذى تم مد العمل به حتى مارس من العام المقبل 2018.
وقال التقرير “إن اجتماع أبو ظبي جاء في ضوء الرئاسة المقبلة لدولة الإمارات لمنظمة أوبك في عام 2018″، مشيرا إلى التزام دولة الإمارات القوي والثابت بالتنفيذ الكامل وفي الوقت المناسب لتعديلات الإنتاج من جانب دول أوبك وشركائهم المستقلين.
وأضاف التقرير أن “اجتماع أبوظبي جاء نتيجة اتفاقات تم التوصل إليها في اجتماع لجنة الرصد الوزاري المشترك في مدينة سانت بطرسبرج في روسيا نهاية الشهر الماضي حيث تم الاتفاق بين الوزراء على عقد عدد من الاجتماعات الإضافية على المستوى الفني في دول أوبك والمستقلين لتسريع جهود تصحيح المسار في سوق النفط”.
في سياق متصل، فقد شهدت أسعار النفط مزيدا من المكاسب، إلا أن الشكوك حول الامتثال لاتفاق خفض الإنتاج وتقوده منظمة أوبك حد من المكاسب، في الوقت الذي ما زالت فيه “أوبك” تسعى حثيثا إلى إنجاح الاتفاق، مؤكدة أن الفترة المقبلة ستشهد التزاما أوسع وأكثر تأثيرا من قبل المنتجين سواء الأعضاء في المنظمة أو خارجها لأوفق الحصص المقررة.
وتابعت السوق المباحثات الناجحة التي أجراها المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية مع نظيره العراقي جبار لعيبي التي ركزت على تنسيق المواقف ودعم استقرار سوق النفط وتوحيد جهود المنتجين خاصة كبار المنتجين في منظمة أوبك.
وفي هذا الإطار، أوضح لـ “الاقتصادية”، جوي بروجي مستشار شركة توتال العالمية للطاقة، أن تأكيد منظمة أوبك ارتفاع نسبة الامتثال لخفض الإنتاج في الفترة المقبلة لم يأت من فراغ إنما هو نتاج اتصالات ومشاورات مكثفة تجري بين المنتجين خاصة بعد اجتماع مدينة سان بطرسبورج نهاية يوليو الماضي”.
ونوه بروجي باستشعار المنتجين الموقف الدقيق في السوق والرغبة في تسريع معدل استعادة التوازن ما سهل كثيرا من توافق المنتجين على ضرورة ضبط مستويات الإنتاج خاصة داخل منظمة أوبك التي شهدت ارتفاعات إنتاجية مفاجئة في شهر يونيو الماضي بسبب ضعف الامتثال والزيادة الواسعة في إنتاج ليبيا ونيجيريا المعفاتين من خفض الإنتاج.
من جانبه، قال لـ “الاقتصادية”، ماركوس كروج كبير محللي شركة “إيه كنترول” للطاقة، “إن المباحثات بين وزيري الطاقة السعودي والعراقي تجيء في توقيت مهم لدعم استقرار السوق وتنسيق المواقف بين كبار المنتجين في منظمة أوبك بعدما لوحظ انخفاض نسبي في التزام العراق بخفض الإنتاج علاوة على خططها التوسعية الكبيرة في الإنتاج والتصدير خلال الشهور المقبلة، وهو ما يتصادم مع جهود “أوبك” لتقييد الإنتاج وضبط المعروض النفطي العالمي من أجل التعجيل بتوازن السوق”.
وأضاف كروج أن “العراق لجأت أيضا إلى زيادة صادراتها النفطية للولايات المتحدة تعويضا عن تقليص السعودية للتصدير إلى السوق الأمريكية”، مشيرا إلى أن هذا الأمر ليس في مصلحة وحدة المنظمة ولا استقرار السوق، ومن ثم جاءت أهمية المباحثات المركزة لتنسيق المواقف بين أكبر منتجين في منظمة أوبك من أجل دفع اتفاق خفض الإنتاج إلى مزيد من الفاعلية والتأثير والحفاظ على مواقف المنتجين موحدة ومنسقة.
من ناحيتها، تقول لـ “الاقتصادية”، شيكاكو أشيجورو عضو الفريق البحثي في شركة “أوساكا” للغاز، “إن شركات النفط الدولية تركز على قضية تنوع موارد الطاقة باعتبارها المنظومة المستقبلية لمزيج الطاقة”، مشيرة إلى أن استثمارات النفط يجب أن تركز على رفع مستويات الكفاءة وتطبيق المعايير البيئية حتى تتمكن من الاستمرار والمنافسة مستقبلا.
وأشارت أشيجورو إلى أن استثمارات الطاقة تتجه بسرعة نحو مشاريع الغاز وتنمية مصادر الطاقة المتجددة مضيفة أن شركات دولية مثل “توتال”، و”شتات أويل”، تتوسع حاليا في مشاريع طاقة الرياح والطاقة الشمسية منوهة بأن شركة “شل” على سبيل المثال أعلنت أخيرا عن استثمار سنوي بقيمة مليار دولار في مبادرات الطاقة المتجددة.
وأكدت أشيجورو أن النفط الخام سيظل مهيمنا على مزيج الطاقة خاصة المنتجات التي تخرج من المشتقات النفطية وتدخل في مجالات مثل الطب وغيرها ويصعب إيجاد بدائل لها من غير النفط.
الرئيسية أهم الأخبار