النفط ومشروع الجزر

بقلم : د. حمد اسماعيل الانصاري

منذ اكتشاف النفط في الكويت في ثلاثينيات القرن الماضي ونحن نعتمد على ذلك المورد الناضب على أنه المورد الأساسي وربما الوحيد للدخل. وما زلنا بعد مرور ما يقارب الثمانين عاماً لم نجد طريقة أخرى أو مورداً اقتصاديا آخر غير بيع النفط الخام!

إن إيجاد مورد دخل جديد للدولة لم يعد ترفاً أو أمراً يمكن تأجيله، فما حدث خلال السنوات الأخيرة من هبوط حاد في أسعار النفط العالمية وتذبذبها يدق ناقوس الخطر، خصوصاً بعد دخولنا مرحلة عجز حقيقي وليس دفترياً في الميزانية العامة للدولة وبداية استخدام الحلول الترقيعية؛ كرفع أسعار البنزين واقتراح البديل الاستراتيجي وغيرها من رفع لاسعار الكهرباء والماء… الخ، لذلك فقد أثار الاهتمام مشروع تطوير الجزر الكويتية الذي تم طرحه في الفترة السابقة كمصدر جديد للدخل بالإضافة لتصدير النفط.

وفي الحقيقة إن مشروع تطوير الجزر يعتبر من أبرز المشاريع التي طرحت منذ فترة طريلة، وهو على الرغم من كل ما يمكن أن يُثار حوله من انتقادات وملاحظات وتساؤلات، إلا أنه من الناحية المعنوية قد يعيد للنفوس المحبطة شيئاً من الأمل بعودة الاعتبار للتنمية لبلدنا… ولكن حتى لا نبالغ في التفاؤل علينا أيضا أن ندرك أن أهمية هذا المشروع تكمن بالأساس في كونه سيمثّل مصدراً جديداً لدخل الدولة، ولكن ما يتم تداوله بأن الجزر ستخضع لقوانين خاصة وإدارة مجلس أمناء غالبيته من شخصيات دولية، وتسهيلات خاصة لتشجيع المستثمر الإجنبي، يجعلنا نتخوف من عدم إسهام هذا المشروع في تمويل ميزانية الدولة بشكل جدي، حيث إن غالبية المشاريع التي طرحت لتسويق المشروع تعتمد على السياحة والتبادل التجاري أو الترانزيت، أي أنها ليست أنشطة إنتاجية، بل أنشطة يكون فيها المستفيد الأول والأخير منها هو المستثمر، لذلك فمن المهم أن يتم توضيح ما اذا كان هناك ضرائب ستفرض على المستثمرين بحيث تعود بالفائدة على الدولة والمواطن، كذلك يجب ألا يغيب عن أذهاننا أهمية أن يكون لهذه المشاريع التنموية دور كبير في توفير فرص العمل للمواطنين والإسهام في حل مشكلة البطالة وتخفيف العبء على الجهاز الوظيفي للدولة.

في الختام، يبدو أن هناك رغبة جادة لإنجاز هذا المشروع، وهو ما يعطينا نوعاً من الأمل، خصوصاً بعد الإخفاقات المتتالية للحكومات المتعاقبة في تنفيذ خطط التنمية التي جرى طرحها خلال العقود الأخيرة، لذلك يجب علينا أن نؤدي دورنا في نشر الوعي في المجتمع، فخلال العقود السابقة تم ترسيخ الثقافة الاستهلاكية عند المواطنين، وآن الأوان لتغيير هذه الثقافة، وأن يعي المواطن أن فائدته الحقيقية من أي مشروع يقام على هذه الأرض هي ما يدخل منه من أموال في خزينة الدولة وما يوفره من فرص العمل له ولابنائه، وليس فقط ما يدخل في جيب التاجر أو المستثمر الأجنبي!

Print Friendly, PDF & Email