الكويت مهيأة للتكيف مع سعر النفط المنخفض

قال معهد التمويل الدولي في تقرير بعنوان: المرونة أمام انخفاض النفط: إن الكويت لا تزال أكثر دول التعاون اعتماداً على النفط، إذ يسهم هذا القطاع بنحو 55 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، و90 في المئة تقريباً من الصادرات، ومكون كبير في ميزانية الدولة، مع ذلك، وكسائر نظرائها في دول التعاون، تحتاج الكويت إلى تعديل أوضاعها في ظل المرحلة الجديدة التي تتسم بطول فترة انخفاض أسعار النفط. وفي هذا السياق، طرحت السلطات خطة تنمية، بهدف تخفض الاعتماد على النفط، وتحويل البلاد إلى مركز تجاري وثقافي في المنطقة بحلول عام 2035 وتنطوي الرؤية على إصلاحات اجتماعية اقتصادية، واستثمارات كبيرة في البنية التحتية، وتم إدراج جزء منها في خطة التنمية الخمسية.
وتضع الخطة في تصوراتها إنفاق 112.5 مليار دولار على 521 مشروعاً خلال الفترة ما بين 2016 و2020 ومن المقرر أ‍ن يأتي ثلثها من القطاع الخاص، وبالنظر إلى المخطط الطموح، من المهم الإشارة إلى أن 421 مشروعاً تم نقلها من الخطة الخمسية السابقة إلى الحالية، مما يشير إلى بعض المشاكل في التنفيذ.

ولجذب المزيد من رأس المال الخاص الأجنبي، تحتاج السلطات إلى تحسين بيئة الأعمال وتنافسية الاقتصاد، إذ تتخلف الكويت عن دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى من حيث التنافسية العالمية وممارسة أنشطة الأعمال)، وفي الوقت الحالي تحتل الكويت مرتبة متأخرة جداً من حيث سهولة بدء أنشطة أعمال جديدة، ويرجع ذلك أساساً إلى إجراءات الترخيص التجاري وشرط تقديم جميع الوثائق شخصياً احياناً، ومن شأن تحسين مناخ الأعمال والقدرة التنافسية أن يساعد على عملية التنويع وتحفيز القطاع الخاص.

أشار التقرير إلى أن التأخير المحتمل في تنفيذ المشاريع الرأسمالية بسبب الاحتكاكات السياسية في مجلس الأمة يمكن أن يؤثر سلبياً في آفاق النمو. ومن شأن معارضة الإصلاحات من قبل بعض المشرعين أن تؤخر التقدم في تنفيذ خطة التنمية الجديدة. كما أن انخفاض أسعار النفط بدرجة أكبر مما هو عليه في السيناريو الأساسي الذي وضعه المعهد، قد يؤدي إلى تعزيز أوضاع المالية العامة بشكل أقوى وضعف الاستثمار الخاص.
ومن الناحية الأخرى، يرى التقرير أن اتفاقيات الشراكة بين القطاعين العام والخاص والمشاريع الرأسمالية لديها القدرة على اجتذاب المزيد من رؤوس الأموال والخبرات الأجنبية، مما يساعد القطاع غير النفطي على أن يصبح محركاً للنمو الاقتصادي. وبوجود مصدّات مالية ضخمة، فإن الكويت في وضع جيد يمكنهّا من الصمود أمام انخفاض أسعار النفط لفترة طويلة. ومع ذلك، ينبغي أن يبقى التركيز منصّباً على الإصلاحات الهيكلية وتحسين بيئة الأعمال.
وقال معهد التمويل الدولي في التقرير إن الكويت مهيئة جداً للتكيف مع انخفاض أسعار النفط، نظراً إلى تدني مستوى ديونها والمصدّات المالية الهائلة، مما يتيح للسلطات تطبيق ضبط تدريجي لإصلاح أوضاع المالية العامة. وأضاف أن النمو غير النفطي سيظل قوياً، مدفوعاً بالاستثمارات، وهو أعلى بكثير من المتوسط المسجل في دول مجلس التعاون الخليجي. أما المخاطر الرئيسية المتعلقة بالنظرة المستقبلية فتتمثل في إمكانية تأخر المشاريع الرأسمالية، وتراجع أسعار النفط، وتفاقم التوترات الجيوسياسية الإقليمية.

وجاء في التقرير أنه رغم انخفاض أسعار النفط، فإن نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي غير النفطي ظل قوياً عند حوالي 3 في المئة في 2016، بفضل جملة المشاريع القوية والانضباط المالي التدريجي الذي تجنب خفض النفقات الرأسمالية والأجور. وبعد توقفها بسبب الاحتكاكات السياسية، انطلقت المشاريع المدرجة في خطة التنمية في عام 2014، مما خلق زخماً قوياً في القطاع غير النفطي. بعد سنوات من التأخر، تفوق نمو القطاع غير النفطي في الكويت على النمو في دول مجلس التعاون الخليجي.
ويتوقع معهد التمويل الدولي أن يصل النمو غير النفطي إلى %4 في عام 2017، مدعوماً بمشاريع البنية التحتية الطموحة. وتشير المؤشرات الرئيسية (بما في ذلك سوق الأسهم والواردات والائتمان إلى الاقتصاد) إلى نمو قوي، كما يشير تطوير عدة مشاريع رئيسية إلى زخم إيجابي. ومن شأن سير عملية إنشاء مطار الكويت الدولي وفق المخطط، وتأكيد المؤسسة العامة للرعاية السكنية الانتهاء من 36 ألف منزل جديد في عام 2017، أن يساهما في تحقيق استقرار وانتعاش القطاع العقاري بعد عامين من حركة التصحيح التي شهدها.

وعلى الرغم من أن النشاط الاقتصادي غير النفطي ما زال قوياً، فإن انخفاض إنتاج النفط الخام في الكويت نتيجة اتفاق «أوبك» في نهاية 2016، قد يؤدي إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بشكل عام بنسبة 0.5 في المئة. أما حصة النفط من إجمالي الناتج المحلي في الكويت فتتجاوز 50 في المئة، وهي الأعلى بين مصدري النفط في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
بالنسبة إلى العام المقبل، يفترض التقرير أن تواصل «أوبك» اتفاقية خفض الإنتاج حتى مارس 2018. هذا الأمر قد يتضمن زيادة طفيفة بحوالي 1 في المئة في الناتج المحلي الإجمالي النفطي للكويت، الأمر الذي سيؤدي إلى ارتفاع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بشكل عام بنسبة 2.4 في المئة في 2018.
وبعيداً عن المدى القصير، قال معهد التمويل الدولي إنه يتوقع نمو الاقتصاد بين 2.5 في المئة و3 في المئة، مدفوعاً بالزيادة في الإنتاج النفطي والاستثمارات، ومدعوماً بالتعافي التدريجي في أسعار النفط.

للمرة الأولى منذ عقدين، يشهد الحساب الجاري في 2016 عجزاً. خلال الفترة بين عامي 1995 و2015، سجل الحساب الجاري للكويت متوسط فائض يساوي 28 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، الأمر الذي ساعد البلاد على زيادة صندوق ثروتها السيادية إلى أكثر من 600 مليار دولار في السنوات الأخيرة. لكن مع الهبوط الحاد الذي تعرضت له أسعار النفط، تحول الحساب الجاري من فائض يساوي حوالي 54 مليار دولار في 2014 إلى عجز بقيمة 5 مليارات دولار في 2016. ونتيجة لذلك، تراجعت تدفقات رأس المال المقيم للخارج، المكونة بصورة كبيرة من أسهم واستثمارات أجنبية في الخارج، في عامي 2015 و2016. ويتوقع التقرير أن يتحول الحساب الجاري إلى فائض صغير من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة %0.6 في عام 2017 بفضل التعافي التدريجي في أسعار النفط. وعلى عكس بلدان مجلس التعاون الخليجي الأخرى، لا يزال نمو الواردات في الكويت قوياً، مدعوماً من الطلب المحلي القوي على رأس المال والسلع الصناعية.02+ــp23ــ ديسك وقال معهد التمويل الدولي في التقرير «إن الكويت مهيئة جداً للتكيف مع انخفاض أسعار النفط، نظراً إلى تدني مستوى ديونها والمصدّات المالية الهائلة، مما يتيح للسلطات تطبيق ضبط تدريجي لإصلاح أوضاع المالية العامة». وأضاف أن النمو غير النفطي سيظل قوياً، مدفوعاً بالاستثمارات، وهو أعلى بكثير من المتوسط المسجل في دول مجلس التعاون الخليجي. أما المخاطر الرئيسية المتعلقة بالنظرة المستقبلية فتتمثل في إمكانية تأخر المشاريع الرأسمالية، وتراجع أسعار النفط، وتفاقم التوترات الجيوسياسية الإقليمية.