
قالت شركات تجارة كبرى خلال قمة “رويترز” العالمية للسلع الأولية “إن زيادة العقوبات الأمريكية الوشيكة على طهران ستعزز مخاوف المشترين المحتملين للنفط الإيراني على الرغم من أن الإمدادات المتجهة إلى أوروبا من المرجح بشدة بقاؤها كما هي من دون تعطل”.
ومن المرجح أن يتخذ الرئيس الأمريكي دونالد ترمب خطوة كبيرة ضد اتفاق إيران النووي في نهج أكثر تشددا ضد أنشطة إيران في الشرق الأوسط، وسيكشف ترمب عن ملامح خطته التي تعد نتاج مناقشات استمرت لأسابيع مع فريقه المعني بالأمن القومي.
وأي زيادة كبيرة في العقوبات ستعيد سوق النفط إلى الوضع الذي كانت عليه في بداية هذا العقد عندما كانت واشنطن تتبنى موقفا متشددا إزاء إيران في الوقت الذي ظل فيه الاتحاد الأوروبي يسمح بالتجارة مع طهران قبل أن يعزز العقوبات في عام 2012.
وخفف الاتحاد الأوروبي العقوبات العام الماضي ضمن اتفاق نووي أوسع نطاقا ليمهد بذلك الطريق أمام طهران لتعزيز تجارة النفط وجذب استثمارات بمليارات الدولارات، وقال أليكس بيرد رئيس وحدة النفط في شركة جلينكور “إذا لم تصدق الولايات المتحدة على الاتفاق النووي وزاد التوتر فمن غير المحال بعد ذلك أن يقول بعض الناس: حسنا هذا أمر لا ينبغي أن أقحم نفسي فيه”.
وأضاف أن “التعامل مع إيران أمر معقد بما فيه الكفاية من دون أي عقوبات أمريكية جديدة بسبب عدم وجود تسوية بالدولار حيث إن النظام المصرفي العالمي حساس للرأي الأمريكي بشأن التعامل مع إيران”.
واستأنفت “جلينكور” و”فيتول” التعامل مع إيران العام الماضي، وتحتل الشركتان المرتبتين الثانية والأولى بين شركات تجارة النفط على مستوى العالم، وأوضح إيان تايلور الرئيس التنفيذي لـ “فيتول” إنه يتوقع أن “تصبح التعاملات مع إيران أكثر تعقيدا على الرغم من أن عددا صغيرا من المؤسسات المالية سيظل يسهل التجارة، وإذا قرر ترمب عدم التصديق على الاتفاق النووي فسيكون هناك بعض الأثر، لكنني لا أعتقد أن الأوروبيين سيحذون حذوه، ومن ثم فمن المحتمل أن يكون الأثر محدودا”.
إلى ذلك، ارتفعت أسعار النفط أمس مع تراجع إنتاج الخام ومخزوناته في الولايات المتحدة ما ينبئ بشح في السوق، في الوقت الذي ذكر فيه متعاملون أن بيانات قوية لواردات النفط الصينية دعمت أسعار النفط الخام أيضا.
وأشار المحللون إلى أن الأسواق العالمية أصبحت متوازنة عموما بعد تخمة معروض دامت لسنوات وذلك وسط خفض إنتاجي تقوده منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك”.
وسجل الخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط 50.93 دولار للبرميل مرتفعا 33 سنتا، بما يعادل 0.7 في المائة، عن التسوية السابقة، وارتفع برنت 30 سنتا أو 0.5 في المائة إلى 56.55 دولار للبرميل.
وتدعمت الأسعار أيضا بواردات نفط صينية قوية بلغت في المتوسط 8.5 مليون برميل يوميا بين (يناير) و (سبتمبر)، مسجلة تسعة ملايين برميل يوميا في الشهر الماضى مع تعزز مركز الصين كأكبر مستورد في العالم، وقال بنك “إيه.إن.زد”، “إن واردات النفط الصينية تظل قوية بمعدل نمو 12.2 في المائة منذ بداية السنة، وسيخفف ذلك المخاوف من طلب ضعيف في الصين”.
وأفادت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة انخفضت الأسبوع الماضي مع زيادة مصافي التكرير الإنتاج في حين ارتفعت مخزونات البنزين وتراجعت مخزونات نواتج التقطير.
وهبطت مخزونات الخام 2.7 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في السادس من (أكتوبر) مقارنة بتوقعات المحللين لانخفاض قدره مليونا برميل، وقالت الإدارة “إن مخزونات الخام في مركز تسليم العقود الآجلة في كاشينج في أوكلاهوما زادت 1.3 مليون برميل إلى 63.78 مليون برميل.
وزاد استهلاك مصافي التكرير من الخام 229 ألف برميل يوميا مع ارتفاع معدلات التشغيل 1.1 نقطة مئوية، وزادت مخزونات البنزين 2.5 مليون برميل مقارنة بتوقعات محللين بانخفاض قدره 480 ألف برميل.
وأظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة أن مخزونات نواتج التقطير، التي تشمل الديزل وزيت التدفئة، انخفضت 1.5 مليون برميل مقابل توقعات لهبوط قدره 2.2 مليون برميل، وتراجعت واردات الولايات المتحدة من النفط الخام الأسبوع الماضي 1.1 مليون برميل يوميا إلى 6.35 مليون برميل.
وكانت وكالة الطاقة الدولية قد ذكرت خلال الأسبوع المنصرم أن العرض والطلب العالميين على النفط الخام سيتوازنان بدرجة كبيرة العام المقبل بفعل نمو الاستهلاك الذي سيساعد على تآكل تخمة معروض الوقود غير المستخدم المستمرة منذ ثلاث سنوات وسيعوض معظم الزيادة الحادة في الإنتاج.
وأفادت الوكالة في تقريرها الشهري لسوق النفط أنها ما زالت تتوقع نمو الطلب العالمي على الخام 1.6 مليون برميل يوميا في 2017 ثم تراجعه إلى 1.4 مليون برميل يوميا في 2018.
وذكرت الوكالة أنه “بالنظر إلى 2018 نرى أن ثلاثة فصول من أربعة ستكون متوازنة تقريبا، وذلك مجددا بافتراض عدم تغير إنتاج “أوبك” وبناء على أوضاع طقس عادية. وبالنظر إلى 2018 بأكمله فإن الطلب على النفط والإنتاج من خارج “أوبك” سينموان بنفس القدر تقريبا وقد يكون هذا التوقع الحالي هو سقف التطلعات لارتفاع أسعار النفط”.
ورجحت وكالة الطاقة أن تكون مخزونات النفط التجارية قد تراجعت في الربع الثالث من العام الحالي في انخفاض هو الثاني فقط منذ انهيار سعر الخام في 2014 وذلك بفضل تراجع كميات النفط في المخزونات العائمة أو المنقولة.
وأوضحت الوكالة أن المخزونات التجارية لدول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية انخفضت في (أغسطس) 14.2 مليون برميل إلى 3.015 مليار برميل ليصبح مستوى الفائض 170 مليون برميل فوق متوسط خمس سنوات.
واستقر معروض “أوبك” دون تغير يذكر في سبتمبر عند 32.65 مليون برميل يوميا لكنه انخفض 400 ألف برميل يوميا عنه قبل عام ما يعني أن نسبة التزام المنظمة بخفض الإنتاج 1.2 مليون برميل يوميا بلغت 88 في المائة الشهر الماضي و86 في المائة منذ بداية العام حسبما ذكرت الوكالة.
واتفقت “أوبك” مع شراكائها، بمن فيهم روسيا وسلطنة عمان وقازاخستان، على خفض الإنتاج 1.8 مليون برميل يوميا حتى مارس من العام المقبل، وقالت الوكالة “ما من شك في أن كبار المنتجين جددوا الالتزام بفعل كل ما يلزم لتعزيز السوق ودعم عملية إعادة التوازن الطويلة. وقد تم تحقيق الكثير صوب إعادة التوازن إلى السوق لكن البناء على هذا النجاح في 2018 سيتطلب انضباطا مستمرا”.
وتتوقع الوكالة ارتفاع الطلب على إنتاج “أوبك” من الخام إلى 32.98 مليون برميل يوميا في الربع الثالث من العام الحالي، بما يتجاوز إمدادات سبتمبر، وأن يهبط بعد ذلك إلى 31.87 مليون برميل يوميا في الأشهر الثلاثة الأولى من 2018.