الطلب العالمي على النفط مرشح للارتفاع 1.6 مليون برميل يوميا خلال 2018

قالت وكالة بلاتس الدولية للمعلومات النفطية “إن توقعات نمو الطلب لعام 2018 تراوح بين 1.4 مليون و1.6 مليون برميل يوميا، وفي مقابل ذلك توقعت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن زيادة الإنتاج الأمريكي في العام المقبل لن تتجاوز 600 ألف برميل يوميا وهو ما يعني أن زيادة الإنتاج الأمريكي لن تعطل جهود دفع الاستقرار في السوق خاصة إذا أخذنا في الاعتبار نجاح تقييد الإنتاج في دول أوبك بالتعاون مع شركائهم المستقلين”.
وأوضحت الوكالة أن إنتاج دول أوبك تجاوز السقف المحدد في شهر تموز (يوليو) الماضي بنحو 920 ألف برميل يوميا وذلك بعد انضمام غينيا الاستوائية إلى عضوية المنظمة.
وذكر المسح الذي أجرته الوكالة أن الإنتاج السعودي بلغ في تموز (يوليو) 10.05 مليون برميل يوميا وإنتاج العراق 4.48 مليون برميل يوميا وإيران 3.82 مليون برميل يوميا، مشيرا إلى أن إنتاج كل من ليبيا ونيجيريا مجتمعين سجل في المتوسط في الفترة من يناير إلى يوليو نموا بنحو 590 ألف برميل يوميا مقارنة بمستوى أكتوبر الماضي.
ونقل المسح عن بيانات لـ “أوبك” أن انتعاش إنتاج ليبيا بشكل دراماتيكي أدى إلى رفع إنتاج المنظمة في يوليو إلى مستوى قياسي جديد في عام 2017، حيث بلغ إنتاج دول أوبك مجتمعة 32.82 مليون برميل يوميا.
وأشار المسح إلى أنه بحسب تقديرات “أوبك” فان فصل الصيف الحالي هو أفضل فرصة لإعادة التوازن إلى سوق النفط قبل حلول الشتاء حيث يتسم فصل الصيف بقوة الطلب وتقلص المخزونات.
وأوضح أن ليبيا – المعفاة من خفض إنتاج “أوبك” الذي بدأ في الأول من يناير الماضي – بلغ إنتاجها 990 ألف برميل يوميا في يوليو بزيادة 180 ألف برميل يوميا عن يونيو الماضى كما أن نيجيريا – المعفاة أيضا من الاتفاق – سجل إنتاجها 1.81 مليون برميل يوميا بزيادة 30 ألف برميل يوميا خلال نفس الفترة.
ونوهت الوكالة يأن ارتفاع إنتاج نيجيريا وليبيا إلى جانب زيادة إنتاج السعودية لتغطية الطلب المحلي لأغراض تكييف الهواء الواسعة في فصل الصيف رفع الإنتاج الإجمالي لمنظمة أوبك بنحو 920 ألف برميل يوميا فوق سقفها البالغ نحو 31.9 مليون برميل يوميا كما تأثر إنتاج المنظمة بالتحاق غينيا الاستوائية بالعضوية وتعليق عضوية إندونيسيا.
وأشارت الوكالة إلى أن السعودية أنتجت 10.05 مليون برميل يوميا في يوليو الماضي وباستثناء ليبيا ونيجيريا لا يزال امتثال أعضاء منظمة أوبك للحصص المتفق عليها في إطار اتفاق خفض الإنتاج قويا عند 114 في المائة، بانخفاض طفيف عن 116 في المائة في يونيو، استنادا إلى متوسط الناتج من يناير إلى يوليو.
في سياق متصل، توقع مختصون نفطيون أن تواصل أسعار الخام ارتفاعاتها السعرية خلال الأسبوع الحالي بعد أن اختتمت تعاملات الأسبوع الماضي على مكاسب سعرية مدعومة من بيانات الوظائف الأمريكية ونمو الطلب على الطاقة في الولايات المتحدة والصين.
وقال المختصون “إن المكاسب السعرية المتوقعة تجيء على الرغم من استمرار تدفقات الإنتاج الأمريكي والزيادات التي حدثت أخيرا في إنتاج بعض دول منظمة أوبك خاصة ليبيا ونيجيريا المعفاتين من اتفاق فيينا لخفض الإنتاج لدول المنظمة بنحو 1.8 مليون برميل يوميا ويستمر العمل به حتى نهاية مارس المقبل مع احتمال بحث إمكانية مد العمل به لفترة جديدة.
من جهة أخرى، تنطلق اليوم في أبوظبي أعمال اللجنة الفنية الخاصة بمراقبة اتفاق خفض الإنتاج بمشاركة دول أوبك وخارج أوبك وتبحث على مدار يومين آليات زيادة الالتزام بين الدول المنتجة بخفض الإنتاج بما يعزز استعادة الاستقرار والتوازن في سوق النفط الخام.
وفي هذا الإطار، أوضح لـ “الاقتصادية”، المهندس بيرت ويكرينك مدير أنظمة التشغيل في شركة “كيوا” للغاز في هولندا، أنه على الرغم من تأكيدات جميع الدول المشاركة في اتفاق خفض الإنتاج التزامها الكامل بحصص الخفض المقررة إلا أن بعض المصادر الثانوية نوهت بزيادات واسعة في صادرات وإنتاج بعض الدول خلال الشهور المقبلة ومنها العراق إلى جانب الإكوادور وأيضا فنزويلا المهددة بعقوبات أمريكية تطال صادرات النفط بسبب التوتر السياسي في البلاد.
وأضاف ويكرينك أن “اللجنة الفنية ستبحث خلال اجتماعها في أبوظبي في الضمانات والمعايير التي تكفل التزاما أوسع من المنتجين سواء في “أوبك” أو خارجها مع مواصلة التفاوض مع ليبيا ونيجيريا حول تقييد مستوى الإنتاج والأخيرة أعلنت تجاوبها وموافقتها أخيرا على تجميد إنتاجها عند مستوى 1.8 مليون برميل يوميا”.
وأشار ويكرينك إلى أن نجاح اجتماع أبوظبي سيمثل إضافة لجهود تعزيز الاستقرار في الأسواق ودفع الأسعار إلى مزيد من النمو في الأيام المقبلة خاصة أن هناك عددا من العوامل الإيجابية المؤثرة تلقي بظلال قوية على السوق في هذه الفترة ومنها تراجع المخزونات الأمريكية وتسارع نمو الطلب في الصين والولايات المتحدة وتباطؤ الحفارات في الولايات المتحدة من جديد.
من جانبه، يقول لـ “الاقتصادية”، الدكتور أمبرجيو فاسولي مدير مركز دراسات الطاقة في مدينة لوزان السويسرية، “إن فصل الصيف الحالي يعد بالفعل فرصة جيدة لتنشيط ودفع جهود استعادة التوازن في السوق نتيجة مؤشرات الطلب القوية وتراجع المخزونات خاصة من الوقود”، مشيرا إلى إدراك منظمة أوبك جيدة بضرورة تحقيق ذلك عن طريق علاج مشكلة تخمة المعروض.
وأضاف فاسولي أن “وجود جهود مكثفة للسيطرة على طفرة زيادة الإنتاج التي تقودها ليبيا ونيجيريا اللتان استفادتا من الإعفاء من خفض الإنتاج وحققتا أخيرا قفزات إنتاجية واسعة عطلت نسبيا جهود “أوبك” في خفض الإنتاج وعلاج وفرة الإمدادات في السوق”، منوها بأن اجتماع اللجنة الفنية في أبوظبي من المؤكد أنه سيركز على بحث علاج فعال لطفرة الإمدادات وتهيئة الأجواء من أجل تحفيز جهود استعادة التوازن بين العرض والطلب.
وفي رأي فاسولي فإن “أوبك” لا تزال تتمسك بمساندة ليبيا ونيجيريا تقديرا للظروف السياسية في البلدين ولا ترى خطورة في زيادة إنتاجهما بل على العكس ترى “أوبك” أن نمو الطلب قادر على امتصاص أكثر من مليون برميل إضافية في إنتاج المنظمة شاملا إنتاج كل من ليبيا ونيجيريا.
ومن ناحيته، يقول لـ “الاقتصادية”، ماثيو جونسون المحلل في مجموعة “أوكسيرا” البريطانية للاستشارات المالية، “إن توقعات السوق خلال الشهور المتبقية من العام الحالي والعام المقبل إيجابية على نحو واسع خاصة في ضوء التزام واسع بخفض الإنتاج يجيء بالتزامن مع نمو جيد في الطلب وبمعدلات مرضية وتباطؤ النمو في الإنتاج الأمريكي”.
وأضاف جونسون أن “منظمة أوبك ستظل تلعب دورا بارزا في قيادة السوق نحو التوازن والاستقرار ودورها ليس قاصرا على تحفيز بقية المنتجين بل تقوم داخليا على مستوى أعضائها أيضا بتصحيح المسار ووقف أي تجاوزات أو ضعف امتثال للاتفاقات إلى جانب إرسال رسائل إيجابية للسوق حول رؤيتها المستقبلية للصناعة والحفاظ على وحدة وتناغم مواقف المنتجين”.
وكانت أسعار النفط قد ارتفعت في ختام الأسبوع الماضي بعد أن عززت بيانات قوية للوظائف الأمريكية الآمال بنمو الطلب على الطاقة، لكن أسعار الخام انخفضت على أساس أسبوعي متأثرة بارتفاع صادرات “أوبك” وقوة إنتاج الولايات المتحدة.
وبحسب “رويترز”، فقد ارتفعت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت 41 سنتا، أو ما يعادل 0.8 في المائة، إلى 52.42 دولار للبرميل في التسوية بينما زاد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 55 سنتا، أو ما يعادل 1.1 في المائة، إلى 49.58 دولار للبرميل.
وكانت العقود الآجلة للخام قد انخفضت في التعاملات المبكرة قبل أن يحفز تقرير الوظائف المتعاملين على الشراء، وعلى أساس أسبوعي، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت وخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي لأقرب استحقاق بأقل من 1 في المائة، ويقول محللون “إن الأسعار تعرضت لضغوط من جراء ارتفاع إنتاج الولايات المتحدة و”أوبك” إلى جانب زيادة صادرات المنظمة وإن كانت قوة الطلب قد حدت من الخسائر”.
وبينما تقود منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك” جهودا لخفض الإنتاج 1.8 مليون برميل يوميا بالتعاون مع بعض المنتجين المستقلين مثل روسيا، زادت صادرات المنظمة في تموز (يوليو) إلى مستوى قياسي وفقا لتقرير لـ “تومسون رويترز” لأبحاث النفط.
وبلغت الصادرات في تموز (يوليو) 26.11 مليون برميل يوميا بزيادة 370 ألف برميل يوميا جاء معظمها من نيجيريا، وإنتاج روسيا مرتفع أيضا، وأفادت “روسنفت” أكبر منتج للخام في روسيا بأن إنتاجها النفطي نما 11.1 في المائة على أساس سنوي في الربع الثاني من هذا العام.
ويلتقي مسؤولو اللجنة الفنية التي تضم أعضاء من “أوبك” ومن خارج المنظمة في أبوظبي اليوم وغدا لمناقشة سبل تعزيز مستوى الالتزام باتفاق خفض الإمدادات.
وفي الولايات المتحدة، بلغ الإنتاج 9.43 مليون برميل يوميا مسجلا أعلى مستوياته منذ آب (أغسطس) 2015 بارتفاع 12 في المائة عن المستويات المتدنية التي سجلها في حزيران (يونيو) العام الماضي.
والأسعار مرتفعة بنحو 18 في المائة عن المستويات المتدنية التي بلغتها في حزيران (يونيو) الماضي إذ دعم الطلب القوي على وقود النقل في الصيف العقدين القياسيين.
وقلصت شركات الطاقة الأمريكية عدد الحفارات النفطية للأسبوع الثاني في ثلاثة أسابيع لتتباطأ وتيرة تعافي أنشطة الحفر المستمر منذ 15 شهرا في الوقت الذي تعتزم فيه الشركات تقليص الإنفاق في رد فعل على انخفاضات أسعار الخام خلال الأشهر القليلة الماضية.
وقالت “بيكر هيوز” لخدمات الطاقة في تقريرها “إن الشركات خفضت عدد منصات الحفر النفطية بواقع حفارة واحدة في الأسبوع المنتهي في الرابع من آب (أغسطس) لينخفض العدد الإجمالي إلى 765 منصة”.
ويقابل هذا العدد 381 منصة حفر نفطية كانت عاملة في الأسبوع المقابل قبل عام، وزادت الشركات عدد الحفارات في 55 أسبوعا من 62 أسبوعا منذ بداية حزيران (يونيو) 2016، وعدد الحفارات مؤشر مبكر على الإنتاج المستقبلي.
وسجل إنتاج النفط الأمريكي في أيار (مايو) أعلى مستوى في 16 شهرا بفعل زيادة الإنتاج في تكساس وخليج المكسيك بحسب بيانات الطاقة الاتحادية هذا الأسبوع.
وضغطت تلك الزيادة في الإنتاج على أسعار الخام وقادته إلى الهبوط في الأشهر الماضية، ما دفع عددا من شركات الاستكشاف والإنتاج هذا الأسبوع إلى الإعلان عن تقليص خطط الإنفاق المستقبلي.
وكانت تلك الشركات وغيرها قد وضعت برامج إنفاق طموحة لعام 2017 عندما كانت تتوقع ارتفاع أسعار الخام عن مستوياتها الحالية البالغة نحو 49 دولارا للبرميل

Print Friendly, PDF & Email