نظرا لأن الصين هي أكبر دولة باعثة للانبعاثات الغازية في العالم، ولكن كذلك أكبر مستثمر في الطاقة المتجددة، فقد حظيت بالإشادة لتعهدها باتخاذ إجراء ضد التغير المناخي، وفقا لاتفاقية باريس.
ووفقا لـ”الألمانية”، فإنه عندما انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاقية، حظيت الصين مجددا بالإشادة، وهذه المرة لالتزامها بالاتفاقية.
وتوقع المحللون ووسائل الإعلام بأن الصين ستصبح زعيم المناخ الجديد في العالم، ولكن ربما كانوا متفائلين بصورة أكثر من اللازم.
لقد كانت القيادة الصينية موجودة في بروكسل لحضور قمة الاتحاد الأوروبي- الصين عندما صرح ترمب بهذا الإعلان. وصاغت القيادة الصينية مع نظرائها الأوروبيين بيانا يدعم بصورة قوية اتفاقية باريس. وتم تداول مشروع البيان على نطاق واسع.
وتنفس المعنيون بشؤون البيئة الصعداء، وانتظروا لكي يقوم الطرفان بإعلان البيان، ولكنهما لم يفعلا ذلك مطلقا.
وقرر رئيس الوزراء الصيني لي كيه تشيانج استخدام البيان كورقة مساومة لتأمين الدعم الأوروبي لتحصل الصين على “وضعية اقتصاد سوق” لدى منظمة التجارة العالمية. وعندما لم يحدث ذلك، رفض لي كيه توقيع البيان الخاص بالمناخ.
وفي الوقت الذي تزداد فيه عزلة أمريكا، دخلت الصين دائرة الضوء باعتبارها الزعيم غير المحتمل للعالم في مجالات مثل المناخ والتجارة. ولكن كما يوضح ما حدث في بروكسل، فإن رحلة الصين تجاه القيادة العالمية تشبه عملية اتخاذ خطوتين للأمام وخطوة للخلف. ويقول المراقبون إن الافتقار إلى الشفافية والميل لعدم الالتزام بالقواعد يقوضان طموح الصين الكبيرة للغاية.
وقال جيانج شيشو الأستاذ بجامعة شنغهاي لصحيفة جلوبال تايمز، التي تديرها الدولة إن “تولي القيادة العالمية أمر كبير، وما زال مبكرا للغاية بالنسبة للصين” في إشارة لدور البلاد في مكافحة التغير المناخي.
وكانت الصين قد استثمرت 78.3 مليار دولار في الطاقات المتجددة العام الماضي، متفوقة على الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على السواء. وقد تعهدت الصين باستثمار 360 مليار دولار إضافية بحلول عام 2020، كما أنها بالفعل توظف أكثر من 40 في المائة، من القوة العاملة في قطاع الطاقة المتجددة في العالم.
ولكن المنتقدين يقولون إن الصين لا تقود بمعنى تقديم المقترحات، والعمل على إقناع الآخرين، أو تجاوز الأهداف التي وضعتها لنفسها. وبالإضافة لذلك، تواصل الصين تصدير محطات الطاقة التي تعمل بالفحم وغيرها من التكنولوجيات التي تسبب التلوث.
ولكن بمجرد أن يبدأ العالم في الحديث عن الصين كقائدة، تبدو أنها بالفعل في منتصف الطريق.
وقال ميكو هوتاري من معهد ميركس الصيني في برلين “نحن نقلل من تقدير قوة الإدراك”.
كما تقوم الصين ببناء نفسها كمدافع عن التجارة الحرة، على عكس إجراءات ترمب الحمائية.
وكان الرئيس الصيني شي جين بينج قد ألقى خطابا بارزا في كانون الثاني (يناير) الماضي، دفاعا عن التجارة الحرة والعولمة، في دافوس. وكرر رئيس الوزراء الصيني، أخيرا نفس الأفكار لدى افتتاحه فعاليات تعرف بدافوس الصيفي في مدينة داليان الصينية.
وقال لي كيه في إشارة لمحاولات ترمب الدفع لتبني اتفاقيات تجارة “عادلة” ورسوم إضافية، إن التجارة الحرة “شرط مسبق للتجارة العادلة”. وقد تعهد لي كيه بتعزيز فرص العمل في قطاعات الصناعة والخدمات الصينية، ومعاملة الشركات الأجنبية والمحلية بصورة متساوية.
وأكد المنتقدون أنه من الناحية العملية، لدى الصين بعض من أصعب الحواجز في طريق أسواقها. وكانت شركات أوروبية قد قالت الشهر الماضي إنها تواجه صعوبة في القيام بأعمال في الصين، كما أنها تشعر بأنه أصبح غير مرحب بها بصورة أكبر من ذي قبل.
وأضاف جويرج وتكي المستشار بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية “لقد رسخ الأوروبيون والأمريكيون الهيكل التجاري كقوى اقتصادية- والآن نحن نبتعد عن ذلك”.
وذكر أنه في هذا السياق، من المرجح أن تختار الصين الاتفاقيات الثنائية على الحصول على إجماع بين عدة أطراف.
وقال هوتاري “الصين تتحمل المسؤولية عندما يكون الأمر مفيدا لها- وحين ذاك وفق شروطها الخاصة”، مبينا أن العلاقات الدولية في وجهة النظر الصينية ستكون ثنائية ومبهمة بدون كثير من القواعد أو المؤسسات لحماية الدول الأصغر ولكن “في ظل نواد تكون الصين فيها الجالسة على عجلة القيادة”.
ومع ذلك، فإن بنك استثمار البنية التحتية الآسيوية ومشاركة الصين في مهام الأمم المتحدة لحفظ السلام، تعد أمثلة إيجابية لقيادة الصين في الشؤون الدولية.
وتعد سياسة الصين الأجنبية والاقتصادية الأكثر طموحا هي مبادرة الحزام والطريق، التي تهدف لإيجاد شبكة تجارة وبنية تحتية في أنحاء أوراسيا وإفريقيا.
المبادرة إيجابية من حيث المبدأ، لأنها تعزز العولمة، وذلك بحسب ما قاله السفير الألماني في الصين مايكل كلاوس للصحافيين على هامش فعاليات لنادي المراسلين الأجانب في الصين. كما أنها تجلب الاستثمارات للدول التي لم تكن تقليديا جذابة للمستثمرين- حيث إن ثلثي الدول المشاركة في المبادرة لديها تصنيفات ائتمانية سيادية أقل من تصنيف الاستثمار.
ولكن أوروبا وأمريكا، اللتين كانتا متحفظتين بشأن المشروع، يجب أن تصبحا أكثر مشاركة وتضيفا إليه توجها شفافا يعتمد على القواعد، يأخذ في الاعتبار المعايير الاجتماعية والبيئية، بحسب ما قاله السفير.
وأضاف كلاوس “أنها عولمة بسمات صينية: هرمية ومتوافقة بقوة مع بكين”.
الرئيسية طاقة متجددة