الروبوتات تشهر “البطاقة الصفراء” لمليون عامل في مصانع نايك

نوكس روبنسون، عداء الماراثون المتحمس يمكن أن يستهلك 12 زوجا من الأحذية الرياضية في عام الواحد. مع ذلك، عندما يتعلق الأمر برياضة العدو، يكون أمامه خيار واحد؛ حذاء “فلاينيت ريسر” الخاص بالسباقات من إنتاج شركة نايكي.
بالنسبة إلى كثير من الرياضيين يعمل الجزء العلوي المحبوك والمصمم بطريقة خاصة على إيجاد حذاء أكثر ديمومة وأكثر ملاءمة لمقاس القدم، وهو شيء لم تتمكن من مجاراته سوى قلة من العلامات التجارية الأخرى.
يقول روبنسون، قبل انعقاد اجتماع لنادي رياضة الجري في منطقة الجانب الشرقي السفلى من مانهاتن “أحببت هذا النوع من الأحذية عندما تم إنتاجها للمرة الأولى. كان من رأيي أن شكلها أنيق”. كان هذا الحذاء يذكره بحذاء الجري الذي كان يرتديه والده في الماضي، “ذلك النوع الكلاسيكي من أحذية “نايك” التي نراها في الصور”.
منذ بداية إنتاجه في عام 2012، كان حذاء الجري فلاينيت ريسر يعتبر طفرة تكنولوجية. بإنتاجه من خلال آلة حياكة خاصة، يتطلب هذا الحذاء عمالة أقل وكمية أقل من المواد مما تستخدمه معظم أحذية العدو. لكن الآن أصبحت المادة نفسها أساسا لتجربة أكثر حتى جذرية من قبل، لأن لديها القدرة على إحداث انقلاب في صناعة الملبوسات الرياضية والملبوسات الخفيفة الخاصة بالنشاطات الترفيهية، وتسريع اتجاه مهم في مجال العولمة.
منذ عام 2015، بدأت شركة نايك العمل مع “فليكس”، شركة التصنيع ذات التكنولوجيا العالية التي تعرف بشكل أفضل بإنتاجها لأجهزة فيتبيت لتعقب النشاط، وخوادم لينوفو، من أجل إدخال أتمتة أكبر في عملية تصنيع الأحذية التي تتطلب بخلاف ذلك عمالة مكثفة.
أصبح مرفق شركة فليكس في المكسيك واحدا من أهم مصانع شركة نايكي، فهو مسؤول ليس فقط عن شريحة متنامية من إنتاج الشركة، بل أيضا عن سلسلة من الابتكارات التي سيتم إنتاجها عبر قاعدة الموردين في الشركة، مثل القطع باستخدام الليزر واللصق الآلي.
بالنسبة إلى شركة نايك، اتسم التحول نحو مزيد من الأتمتة بعاملين لهما جاذبية هائلة. من خلال خفض التكاليف، يمكن أن يؤدي إلى تحسن عجيب في هوامش الأرباح، ومن شأنه أن يتيح للشركة أيضا إنتاج تصاميم جديدة بشكل أسرع من أجل اجتذاب الزبائن المتقلبين والمهتمين بالأزياء ـ مقابل علاوة. تبلغ تكلفة زوج من أحذية روش التي تنتجها شركة نايكي 75 دولارا، بينما تصل تكلفة الأنواع الأرقى من أحذية فلاينيت إلى 130 دولارا.

“نايكي” في حاجة إلى دَفعة قوية. بتحقيقها مبيعات بلغت 34.4 مليار دولار في العام المالي 2017، يتعين على الشركة أن تقطع شوطا طويلا لبلوغ طموحها المتمثل في تحقيق إيرادات تصل إلى 50 مليار دولار بحلول 2020. وكان مارك باركر، الرئيس التنفيذي للشركة، قد وضع هذا الهدف في عام 2015، في وقت كانت تبدو فيه الشركة مهيأة لقيادة هذا الاتجاه “الرياضي الترفيهي” المتمثل في ارتداء ملابس التمارين خارج صالات اللياقة البدنية. مع ذلك، هي تكافح منذ ذلك الحين من أجل تعزيز النمو في مواجهة منافسة ساخنة وانتعاش شركة أديداس الألمانية في أمريكا الشمالية.
الاتجاه الإيجابي المحتمل لشركة نايك في مجال زيادة التشغيل الآلي هائل. يقدر محللون لدى “سيتي بانك” أن استخدام عمليات التصنيع في شركة فليكس في مجال إنتاج أحذية إير ماكس 2017 من قبل “نايكي”، أحد أكثر خطوط الإنتاج مبيعا في الشركة، ستؤدي إلى تخفيض تكلفة اليد العاملة بنسبة 50 في المائة، وتكاليف المواد بنسبة 20 في المائة. وهذا وفقا للمحللين جيم سوفا وكيت ماك شين، من شأنه أن يعادل زيادة نسبتها 12.5 نقطة مئوية في الهوامش الإجمالية لتصل إلى 55.5 في المائة.
إذا تولت “فليكس” إنتاج 30 في المائة من الأحذية الرياضية التي تنتجها “نايكي” في أمريكا الشمالية، فسيكون بإمكان “نايكي” توفير 400 مليون دولار من تكاليف الأيدي العاملة والمواد، ما يمثل زيادة نسبتها 5 في المائة في أرباح السهم الواحد، وفقا لتقديرات “سيتي بانك”.
يقول سوفا “نعتقد أن صناعة الملابس ستراقب ذلك عن كثب. إن نجحت في ذلك، يمكن أن نشهد مجالا أكبر لإدخال مزيد من الأتمتة”.
الحافز لاستخدام التشغيل الآلي ليس التكاليف فقط، لكن أيضا مواكبة المستهلكين. فعبر أنحاء الصناعة كافة، أكثر شركات التجزئة نجاحا الآن هي التي تعمل على مسار دائم من المنتجات الجديدة من أجل تلبية الأذواق وعادات التسوق المتغيرة بسرعة. مع ذلك، كانت الشركات بطيئة في تكييف الأحذية الرياضية، بما تشتمل عليه من عمليات التصنيع الأكثر تعقيدا، لتتناسب مع ما يسمى اتجاهات الأزياء السريعة – على الأقل حتى الآن.
يقول نايك دينسون، أحد كبار التنفيذيين في “فليكس”، “إنه مع إنتاج أكثر من مليون زوج من أحذية “نايكي” في مرافقها الموجودة في جوادالاجارا، فهي تعمل على إعادة اختراع تامة للصناعة مع قوة عاملة أصغر بكثير من القوة التي يمكن أن تجدها في آسيا”.

عملت “نايك” على تخفيض ما يقارب 200 مصنع من سلسلة التوريد لديها خلال السنوات الخمس الماضية، للتركيز على عدد أقل من “الشراكات النوعية وطويلة الأجل”.
لكن بالنسبة إلى الشركات الحساسة تجاه علامتها التجارية مثل “نايكي”، التخفيف من اختلال الاقتصادات المحلية الناتج عن إغلاق مصنع ما، بما في ذلك المصانع التي تعاني مشكلات في الالتزام، يمكن أن يكون عملية طويلة ومكلفة، بحسب تارا رانجاراجان، المديرة العالمية للعمليات التشغيلية في منظمة “من أجل عمل أفضل” وهي شراكة بين منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة والمؤسسة المالية الدولية التابعة للبنك الدولي، التي تركز على ظروف العمل في مجال صناعة الملابس.
تقول رانجاراجان “إن الشركات مثل نايكي تنخرط بشكل عميق للغاية في البلدان التي تعم فيها”، بحيث تعمل جنبا إلى جنب مع المسؤولين الحكوميين، وأصحاب المصانع وممثلي النقابات.
وتشير تقديرات منظمة العمل الدولية إلى أن ما يقارب 56 في المائة من العمالة في كل من كامبوديا وإندونيسيا والفلبين وتايلاند وفيتنام معرض لمخاطر كبيرة تتمثل في إدخال التشغيل الآلي على مدى العقد أو العقدين المقبلين. وستكون الوظائف في مجال تصنيع الملابس والأحذية من بين أكثر الوظائف تضررا. وأكثر من 75 في المائة من عمال خطوط إنتاج الأحذية في شركة نايكي يعملون في فيتنام وإندونيسيا والصين.
وفي حال استمرت المبيعات في النمو، فلن تكون هناك خسارة للوظائف في سلسلة التوريد الخاصة بـ “نايك”. يقول إيريك سبرانك، نائب الرئيس التنفيذي للشركة وكبير الإداريين التشغيليين “نحن بالتأكيد نطلع بمهمة إدخال مزيد من التشغيل الآلي والابتكار في الطريقة والأسلوب المستخدم في تصنيع منتجاتنا”. ويضيف “لا نُخفي حقيقة أنها تؤثر في قاعدة اليد العاملة. لكننا لا نتوقع أن يتعرض أي عمال للتسريح. نحتاج بالضبط إلى العدد نفسه من العمال في مجال التصنيع في قاعدتنا من المقاولين الخارجيين”.
مع ذلك، في الوقت الذي تعتزم فيه الشركة مواصلة مزيد من التصنيع الإقليمي، بحيث تجعل إنتاجها يقترب أكثر من عملائها الرئيسيين في أمريكا الشمالية “ستشهد بعض البلدان تغييرا في قاعدة العمل”، بحسب سبرانك. “سنحتاج إلى أن نكون أكثر نشاطا في قاعدة التصنيع الخاصة بنا”.