اعادة تشغيل 25 مشروعا نفطيا ضخما هذا العام

أكد تقرير “بتروليوم إيكونوميست” الدولي أن شركات النفط الدولية عادت إلى الاستثمار مرة أخرى على الرغم من تقلبات الأسعار ومن اشتداد المنافسة مع منتجي النفط الصخري الضيق في الولايات المتحدة، حيث يسابق الأمريكيون الزمن للعودة بقوة للسوق من خلال الإنتاج بأقصى قدرات ممكنة بهدف الاستفادة مما ترتب على تحركات المنتجين التقليديين لتقييد المعروض النفطي في الأسواق الدولية.
وأوضح التقرير الدولي- المتخصص في اقتصاديات صناعة النفط – أنه خلال – ما سمي – بسنوات الازدهار النسبي في استثمارات النفط بين عامي 2007 و2013 قامت شركات النفط والغاز باتخاذ نحو 40 قرارا نهائيا بشأن الاستثمار في المشاريع الكبرى كل عام ثم جاء تحطم الأسعار في صيف 2014 لتعيد الشركات حساباتها وتجمد وتلغى عديدا من المشروعات.
وأفاد التقرير بأن الوضع في السوق حاليا يتجه إلى التعافي بشكل جيد ومرض لتطلعات وخطط المستثمرين، لافتا إلى ما ذكرته شركة وود ماكنزي-وهي شركة استشارية دولية – أنه من المتوقع أن تضخ الشركات الحياة في شرايين نحو 20 إلى 25 مشروعا نفطيا كبيرا هذا العام معتبرة أن هذا الأمر يعد دليلا على عودة النمو الاستثماري مرة أخرى.
ونقل التقرير عن بعض المحللين تأكيدهم حدوث بعض المؤشرات الإيجابية فيما يتعلق بتوقعات الاستثمار في المشاريع الجديدة، مشيرا إلى انخفاض التكاليف وتراجع إنفاق الشركات على أغراض الحفر والمعدات والتركيبات.
وفي سياق متصل، عادت أسعار النفط الخام إلى التماسك بعد بيانات لمنظمة “أوبك” كشفت عن ارتفاع مستوى التزام المنتجين بخفض الإنتاج إلى 94 في المائة، وذلك في أعقاب اختتام الاجتماع التقني والفني لخبراء “أوبك” وخارجها في فيينا أمس الأول.
كما تلقت الأسعار دعما موازيا من تراجع المعروض النفطي خاصة تقلص الإمدادات من الإنتاج الأمريكي، وهو ما أدى إلى تحسن الأسعار وتقلص المخاوف من تخمة المعروض وارتفاع مستويات الثقة في تحركات المنتجين التقليديين لضبط المعروض العالمي وإحداث حالة من التوازن في السوق بتضييق الفجوة بين العرض والطلب.
وفي هذا الإطار، قال لـ”الاقتصادية” دييجو بافيا مدير شركة “اينو انرجي” للطاقة في هولندا، إن ارتفاع التزام المنتجين بخفض الإنتاج الذي كشف عنه الاجتماع الفني الأخير بمنظمة “أوبك” جاء في توقيت جيد وقدم دعما قويا لمستوى الأسعار، كما أن تقلبات الإنتاج الأمريكي أسهمت أيضا في انحسار المخاوف نسبيا من تخمة المعروض وتسارع الخطى نحو استعادة التوازن في السوق .
وذكر أن البيانات التي كشف عنها وزير النفط الكويتي عصام المرزوق ورئيس اللجنة الوزارية لمراقبة اتفاق خفض الإنتاج بشأن المخزونات كانت إيجابية بشكل كبير وتمثل خطوة واسعة نحو إنجاز خطة التعافي، خاصة ما أكده بشأن التراجع السريع للمخزونات، حيث تراجعت بنحو 6.5 مليون برميل يوميا في أحد الأسابيع فيما كانت التوقعات المسبقة لا تتجاوز مليوني برميل يوميا.
وأضاف أن اجتماع المنتجين في نوفمبر المقبل سيكون حاسما وواسع التأثير في السوق، حيث من المقرر أن يتوصل المنتجون في “أوبك” وخارجها خلال هذا الاجتماع إلى تقييم نهائي لاتفاق خفض الإنتاج وتحديد هل سيتم مد العمل به أم إنهاء دوره؟ مشيرا إلى أن أغلب التوقعات تصب في مصلحة مد العمل بالاتفاق، خاصة بعد النجاح الذي حققه في الشهور الأخيرة في تقليص المخزونات وتحجيم تخمة المعروض.
من جانبه، أوضح لـ “الاقتصادية” إيفليو ستايلوف مستشار وزارة الاقتصاد البلغارية، أن صادرات “أوبك” النفطية سجلت أعلى مستوى في يوليو الماضي وهو ما استدعى تدخلا سريعا وناجزا بقيادة السعودية التي تتولى الرئاسة الدورية لمنظمة “أوبك” حيث خفضت صادراتها النفطية على نحو مؤثر في أغسطس الجاري بتقليص نحو مليون برميل يوميا، لافتا إلى أن معروض “أوبك” النفطي سيتقلص بأكثر من 400 ألف برميل هذا الشهر.
وأكد أن جهود “أوبك” في احتواء تخمة المعروض في السوق جيدة ومؤثرة خاصة في ضوء احتمال ضم ليبيا ونيجيريا إلى خفض الإنتاج في التعديلات المقبلة على اتفاق خفض الإنتاج، مشيرا إلى أنه في المقابل فإن الإنتاج الأمريكي يتجه إلى التباطؤ وتمثل ذلك في تراجع عدد الحفارات وانكماش الإمدادات وزيادة السحب من المخزونات بوتيرة فاقت كل التقديرات الاقتصادية السابقة.
بدوره، قال لـ”الاقتصادية” ماركوس كروج كبير محللى شركة “إيه كنترول” لأبحاث النفط والغاز، إن الإمدادات الأمريكية من النفط الخام أو الغاز لم تحقق كثيرا من التوقعات السابقة، خاصة ما يتعلق بصادرات الغاز الأمريكي المسال إلى أوروبا التي يراها البعض تهدد هيمنة الغاز الروسي على السوق الأوروبية.
وبين أن ما تم من صادرات أمريكية من الغاز المسال إلى أوروبا جاءت محدودة في صفقات وصلت إلى شرق أوروبا خاصة السوق البولندية، ولكنها غير قادرة على إنهاء تفوق الغاز الروسي الرخيص في المنطقة، لافتا إلى أن الأمر تحدده عوامل العرض والطلب وليس الدوافع السياسية أو العقوبات على روسيا وغيرها من العوامل الأخرى.
وأشار إلى وصول الشحنات الأمريكية أيضا إلى غرب أوروبا وبالتحديد هولندا ولكنها لم تكن سوى شحنات تعويضية بسبب إغلاق بعض المصافي لأغراض الصيانة، مبينا أن الإنتاج الأمريكي من الصعب أن يزيح المنتجين التقليديين رغم المكاسب الواسعة التي حققها إثر الاستفادة من تخفيضات الإنتاج التي قادتها “أوبك” بالتعاون مع المنتجين المستقلين منذ مطلع العام الجاري ويستمر العمل بها حتى مارس المقبل.
وفيما يخص الأسعار، استقرت أسعار النفط أمس، مع تلقيه دعما من احتمال تراجع المعروض العالمي تدريجيا، في حين حد ارتفاع إنتاج النفط الصخري من المكاسب.
واستقر خام القياس العالمي مزيج برنت على 51.66 دولار للبرميل بحلول الساعة 1120 بتوقيت جرينتش. ولم يطرأ تغير على خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي في المعاملات الآجلة ليستقر عند 47.37 دولار للبرميل.
وقال فؤاد رزق زاده محلل السوق في فوركس دوت كوم للسمسرة في العقود الآجلة “تتراجع مخزونات الخام الأمريكية باطراد في الأسابيع الأخيرة”.
وتابع “إذا استمر الاتجاه النزولي لمخزونات النفط نستطيع توقع صعود النفط ولاسيما في ظل القيود الحالية على الإمدادات من أوبك وروسيا”.
وتراجعت مخزونات الخام التجارية الأمريكية نحو 13 في المائة من ذروتها المسجلة في آذار (مارس) الماضي، إلى 466.5 مليون برميل.
وتخطى مستوى إنتاج الخام الأمريكي 9.5 مليون برميل يوميا وهو أعلى مستوى منذ تموز (يوليو)، إلا أن المحللين يقولون إن وتيرة النمو قد تتباطأ قريبا مع خفض شركات الطاقة عدد منصات الحفر.
وارتفعت أسعار النفط بالسوق الأوروبية أمس، لتستأنف الصعود الذي توقف مؤقتا أمس الأول، ضمن عمليات التصحيح من أعلى مستوى في أسبوعين، يأتي هذا بعد تقارير تشير إلى ارتفاع نسبة امتثال المنتجين لاتفاق خفض الإنتاج العالمي، إضافة إلى توقعات استمرار انخفاض مخزونات الخام في الولايات المتحدة.

Print Friendly, PDF & Email