ارتفاع الطلب على النفط الخام بلا استثمارات جديدة

حذرت وكالة الطاقة الدولية من استمرار ارتفاع الطلب على النفط الخام بمعدلات شديدة التسارع بدون نمو استثماري في المقابل، مشيرة إلى أن أحدث تقديراتها لنمو الطلب لعام 2017 ارتفع بنحو 1.6 مليون برميل يوميا.
وقال تقرير للوكالة إنه إذا استمر هذا المستوى الجيد من نمو الطلب لبضع سنوات، فإنه سيقوم بما هو أكثر من التهام العرض الزائد في السوق حتى أن معدل النمو السريع في الطلب سيؤدي إلى إجهاد الإمدادات في نهاية 2020 مع غياب الارتفاع المقابل في مستوىات الإنتاج.
إلى ذلك، أوضح تقرير “أويل برايس”، أن الوضع يتبدل في السوق فبعد أن كان سوق النفط يغرق في فائض إمدادات النفط الخام منذ أكثر من ثلاث سنوات، فإن “أوبك” نجحت في تدارك الموقف، حيث كافحت من أجل تسريع جهود إعادة التوازن، مؤكدا أن السوق العالمية يمكن أن تتجه إلى أزمة في العرض في غضون سنوات قليلة بسبب الانخفاض الحاد في الإنفاق على الصناعة.
ولفت التقرير إلى أن انخفاض أسعار النفط بنحو النصف من 100 دولار للبرميل قبل عام 2014 وصولا إلى 50 دولارا فقط اليوم أدى إلى حدوث انخفاض مماثل في الاستثمار في مشروعات المنبع، ولكن حتى مع استقرار الأسعار القياسية على مدى العام الماضي تذهب توقعات معظم المحللين إلى تحقيق مكاسب تدريجية ومتواضعة في العام المقبل – اعتمادا على إجراءات “أوبك” -، مؤكدا أنه لا يزال هناك مؤشر على انتعاش متميز في مستوىات الإنفاق على استثمارات النفط الخام.

وأشار التقرير إلى تصور خاطئ لدى البعض وهو أن مشكلة نقص المعروض تبدو بعيدة جدا حاليا نظرا للتطور السريع في إنتاج النفط الصخري الزيتي في الولايات المتحدة واستمرار وجود مستوىات عالية من مخزونات الخام ولكن التصور غير صحيح والمشهد ستتبدل ملامحه بأسرع ما يتصور كثيرون.
وفي سياق متصل، ارتفعت أسعار النفط الخام فرب أعلى مستوى في خمسة أشهر بسبب التزام المنتجين بخفض الإنتاج ودعم كبار المنتجين لفكرة مد العمل بتخفيضات الإنتاج إلى جانب تصريحات عراقية رسمية تؤكد عزم المنتجين تعميق تخفيضات الإنتاج بنحو 1 في المائة.
وما زالت توقعات عواصف جديدة تضرب السواحل الأمريكية تعزز المخاوف في السوق وتكبح نمو الأسعار نتيجة القلق من عودة ضعف الطلب على النفط الخام كما يحد من المكاسب توقعات ارتفاع الإنتاج النفط الصخري الأمريكي للشهر العاشر على التوالي.
وكانت أسعار النفط الخام قد حققت أطول سلسلة مكاسب يومية في شهرين واستقر الخام الأمريكي فوق حاجز 50 دولارا للبرميل فيما يؤدي ضعف الدولار الأمريكي إلى زيادة فرص نمو أسعار النفط الخام وفقا للعلاقة العكسية بينهما.

وأوضح أن انتعاش الأسعار في الأسابيع الماضية كان بفعل توقعات نمو الطلب بمستوىات جيدة بحسب تقديرات وكالة الطاقة ومنظمة أوبك، مشيرا إلى أن هذا الارتفاع جاء في صالح منتجي النفط الصخري الأمريكي بشكل كبير وهو ما جعل إدارة الطاقة الأمريكية تتوقع زيادة الإنتاج الأمريكي على نحو واسع في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل وللشهر العاشر على التوالي.
وذكر أن صعود الأسعار إلى مستوى فوق 50 دولارا للبرميل عزز القدرات الإنتاجية لشركات النفط الصخري التي نجحت في الوقت نفسه في خفض تكاليف الإنتاج على نحو واسع ووصل الكثير منها إلى نقطة التعادل عند مستوى 35 دولارا للبرميل.
من جانبه، إيفليو ستايلوف مستشار وزارة الاقتصاد البلغارية، أن التزام السعودية بالاستمرار في عملية خفض الإنتاج إلى جانب تقليص الصادرات النفطية على نحو مؤثر في تموز (يوليو) الماضي يمثل نجاحا مستقرا في تطبيق اتفاق خفض الإنتاج الذي تقوده منظمة أوبك بالتعاون مع روسيا وعشرة منتجين مستقلين آخرين.
وأشار إلى أن المنتجين سيراجعون الامتثال لخفض الإنتاج في اجتماعهم الجديد في فيينا يوم الجمعة المقبل، متوقعا أن تضيف نتائج الاجتماع مزيدا من الدعم لأسعار النفط الخام بسبب الزيادة المستمرة في مستوى الالتزام بخفض الإنتاج بالنسبة لكل المنتجين في “أوبك” وخارجها مع ترجيح توسعة وتعميق الاتفاق.