معهد أكسفورد يؤكد ارتفاع الطلب العالمي في 2018

قال محمد باركيندو الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك”، “إن هناك مؤشرا يدعو إلى التفاؤل، وهو النمو العالمي للطلب على النفط، الذي من المقدر ارتفاعه بنحو مليوني برميل يوميا في النصف الثاني من العام المقبل”، مبينا أن هذه الزيادة في الطلب ستسهم في مزيد من التخفيضات في مخزونات النفط التجارية.
وأضاف باركيندو، “لقد شهدنا أخيرا، تباطؤا طفيفا في نمو المعروض من خارج “أوبك”، خاصة من النفط الصخري الأمريكي”.
وأكد فى لقاء مع معهد أكسفورد الدولي للطاقة في لندن، أنه على الرغم من حدوث انتعاش سريع نسبيا في إنتاج النفط الخام الأمريكي المتوقف سواء برا أو بحرا فإن الفوضى التي أثارها إعصار هارفي، فضلا عن إعصار إيرما، ستظل بلا شك تترتب عليها آثار تتجاوز بكثير ساحل الخليج الأمريكي لعدة أشهر خاصة فيما يتعلق بعوامل مثل تدفقات المصفاة والتدفقات التجارية، وتسعير الخام والمنتجات، والطلب على النفط على المدى القصير.
ولفت باركيندو إلى أن التأثيرات المتعددة، والسرعة المتفاوتة التي سيتم بها استرداد المرافق النفطية الأمريكية في المنطقة، تجعل من الصعب استقراء كيفية تأثيرها في الأسواق.
وذكر باركيندو أن دورات الأسعار كانت دائما جزءا من سوق النفط الخام وهي جزء من طبيعته المتطورة، مشيرا إلى أن ديناميكيات السوق والهياكل تتغير وكذلك خصائص تلك الدورات السعرية.
وأوضح باركيندو أن منظمة “أوبك” أجرت بحوثا مطولة بشأن دورات الأسعار حيث حددت ست دورات سعرية رئيسية منذ أوائل السبعينيات ولكل دورة من هذه الدورات تم تحليل الخسائر والمكاسب فيها باستخدام أسعار السلة المرجعية لمنظمة “أوبك”.
وأشار إلى أن هذه العملية كانت مفيدة للغاية بالنسبة إلى المنظمة، حيث كشفت عن بعض أوجه التشابه المهمة بين الدورات السعرية فضلا عن بعض الاختلافات.
وتابع “على سبيل المثال، في بعض الأحيان كان الاقتصاد يقود دورة الأسعار وبالتالي كان الطلب هو المحرك الرئيسي للأسعار وفي أوقات أخرى، كان العرض هو محرك الأسعار كما هي الحال عليه في الدورة الحالية وفي أوقات أخرى أدت مجموعة من العوامل غير العرض والطلب إلى ارتفاع الأسعار”.
واضاف باركيندو “علاوة على ذلك، علينا أيضا أن نعترف بأن العوامل غير الأساسية، مثل الأنشطة المالية والمضاربة كانت في الآونة الأخيرة عاملا مهما يؤثر في الأسعار”.
وأوضح أنه مع ذلك وعلى الرغم من بعض أوجه التشابه القائمة مع الدورات السابقة، إلا أن حجم انخفاض الأسعار في الدورة الحالية هو الأعلى مقارنة بجميع الدورات من حيث القيمة الحقيقية، مضيفا أن “الانخفاض الأخير في أسعار النفط كان أكثر حدة بكثير من انخفاض أسعار السلع الأساسية الأخرى، وهو ما يختلف تماما مقارنة بانهيار أسعار النفط في الفترة 1985-1986 عندما شهدت جميع أسعار السلع الأساسية انخفاضا حادا”.
وذكر أنه في جميع الحالات التي تم فيها بلوغ مستويات قصوى في الأسعار، أدت إلى حالة من الكساد وكثيرا ما كان لهذه الآثار انعكاسات سلبية جدا، وأسهمت في إيجاد بيئات أسعار شديدة التقلب وهي ليست في مصلحة المنتجين أو المستهلكين على السواء.
وقال باركيندو، “علينا التذكر أن انخفاض أسعار النفط سيئ للمنتجين اليوم ويؤدي إلى أوضاع سيئة للمستهلكين غدا كما أن ارتفاع أسعار النفط أمر سيئ أيضا للمستهلكين اليوم ويؤدي إلى وضع سيئ للمنتجين غدا”.
وسلط باركيندو الضوء على بعض إحصائيات عن سوق النفط في السنوات الأخيرة، مشيرا إلى انخفاض سعر سلة “أوبك” المرجعي بنسبة 80 في المائة، على نحو حاد ومفاجئ بين يونيو 2014 ويناير 2016، حيث أدى إلى اختناق الاستثمارات، إذ انخفض الإنفاق على التنقيب والإنتاج بنسبة 27 في المائة، في عامي 2015 و2016، كما أدى انهيار الأسعار الأخير إلى تجميد الاستثمارات أو وقفها بنحو تريليون دولار، كما فقدت آلاف الوظائف
وأضاف باركيندو أنه “علاوة على ذلك شهدت هذه الفترة أيضا تسجيل مستوى مخزونات كبير، حيث ازدادت مخزونات منظمة التعاون والتنمية إلى مستوى فائض بلغ 380 مليون برميل فوق متوسط السنوات الخمس في نهاية تموز (يوليو) 2016”.
وأكد باركيندو أن خطورة هذه التطورات أدت إلى قيام “أوبك” بإجراء مشاورات مكثفة بين الدول الأعضاء في منظمة “أوبك” وبين الدول غير الأعضاء في منظمة “أوبك”، واصفا إياها بأنها لا تزال إيجابية للغاية وأدت إلى حالة منال توافق في الآراء حول ضرورة الإسراع لإعادة التوازن إلى سوق النفط العالمية بطريقة جماعية.
وقال “إن هناك التزاما كبيرا من 24 دولة منتجة نحو إنجاح خطة خفض الإنتاج”، مضيفا “نحن نتطلع إلى رؤية عودة استقرار السوق المستدامة”، مشيرا إلى أن العالم يعترف أنه بدون هذه التخفيضات الإنتاجية كان من الممكن أن تشهد السوق مزيدا من التقلب الشديد، الأمر الذي ستكون له آثار سلبية بعيدة المدى على المنتجين والمستهلكين والمستثمرين والصناعة والاقتصاد العالمي على نحو كبير.
وذكر باركيندو أن أحدث البيانات لشهر يوليو 2017 تظهر أن مخزونات النفط التجاري لمنظمة التعاون والتنمية حول 195 مليون برميل فوق المتوسط لمدة خمس سنوات، بانخفاض 145 مليون برميل عما يقرب من 340 مليون برميل في بداية عام 2017.
وأوضح أن المخزونات العائمة شهدت اتجاها تنازليا منذ حزيران (يونيو) الماضي، وبوجه عام تشير بيانات صناعية لعام 2017 إلى أن النفط الخام في المخازن العائمة قد انخفض بأكثر من 30 مليون برميل منذ بداية العام.
وبين أنه حتى في الولايات المتحدة، شهدت السوق تسعة أسابيع متتالية من تراجع مخزونات النفط الخام على مدى شهري يوليو وأغسطس وقد بلغ هذا الانخفاض ما مجموعه 51 مليون برميل
كما رفعت منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك” في تقريرها الشهري توقعاتها للطلب في 2018 وقالت “إن الإعصارين اللذين ضربا الولايات المتحدة في الأسابيع الأخيرة لهما آثار لا تذكر في الطلب”.
وتقف السوق في مواجهة تداعيات الإعصار إيرما على الطلب في الوقت الذي بدأت فيه مصافي النفط العمل في أعقاب الإعصار هارفي، وهو ما يعزز توقعات استهلاك النفط الخام.
وارتفع سعر خام القياس العالمي مزيج برنت 32 سنتا إلى 54.16 دولار للبرميل بحلول الساعة 1235 بتوقيت جرينتش من سعر الإغلاق الماضي. وفي وقت سابق جرى تداول خام برنت منخفضا عند 53.42 دولار للبرميل.
وزاد سعر خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 17 سنتا إلى 48.24 دولار للبرميل. وجرى تداوله منخفضا عند 47.73 دولار للبرميل في وقت سابق.
وقالت المنظمة التي تضم 14 دولة “إن إنتاجها من النفط انخفض في آب (أغسطس) بمقدار 79 ألف برميل يوميا من مستوى الإنتاج البالغ 32.76 مليون برميل يوميا في تموز (يوليو) ودون توقعات الطلب”.