«أرامكو» تتصدر سوق الاستحواذات النفطية في الشرق الأوسط

تعتبر صفقات الاندماج والاستحواذ بين الشركات النفطية في العالم من أهم ملامح السوق في الأعوام الأخيرة، خاصة بعد التراجع الواسع في أسعار النفط الخام منذ صيف 2014، حيث تعكس تلك الصفقات حالة السباق الحاد في السوق نحو زيادة قوة المراكز المالية وتحسين الكفاءة وزيادة القدرة على الصمود، في ضوء تقلبات السوق وتحديات الانكماش والتباطؤ الاقتصادي.
وبحسب أحدث البيانات، فإن صفقات الاندماج والاستحواذ في المنطقة العربية ارتفعت خلال العام الجاري وتجاوزت 26 مليار دولار، وبلغت حصة قطاع الطاقة من قيمة تلك الصفقات نحو 1.4 مليار دولار، ومن المتوقع أن يزداد النشاط الاقتصادي على نحو واسع في الفترة المقبلة.
وتصدرت شركة أرامكو سوق الاستحواذات والاندماجات في الشرق الأوسط خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2017، بعدما أبرمت صفقة شراء 50 في المائة في مشروع “رابيد” التابع لشركة بتروناس الماليزية، بقيمة سبعة مليارات دولار، لتنقذ بذلك سوق الاندماجات والاستحواذات، بعد انخفاض عدد الصفقات بنسبة 27 في المائة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام.
وفى صفقة أخرى، أحدثت تأثيرا واسعا في الأسواق العالمية، أعلنت شركتا بيكر هيوز للخدمات النفطية وجنرال إلكتريك للصناعة، التوصل إلى اتفاق مع وزارة العدل الأمريكية يتيح لهما إتمام صفقة اندماج قطاعي النفط والغاز لديهما في شركة جديدة سيتم تسجيلها في البورصة، بعد موافقة “جنرال إلكتريك” على بيع قطاع معدات المياه التابع لها.
ومن أشهر الصفقات التي تمت في السنوات الأخيرة، صفقة بيع مجموعة بريتش غاز “BG Group” ثالث أكبر شركة طاقة بريطانية بعد تدهور عملياتها وإدارتها وتراجع سعر سهمها في السوق بنسبة 20 في المائة.
وكان المشتري هو الشركة الإنجليزية الهولندية “شل”، وقيمة الصفقة تبلغ 47 مليار جنيه استرليني (نحو 70 مليار دولار) وفقا لما أعلنته الشركتان في عام 2015.
وفى إطار الشركات العربية العملاقة، نجد أن شركة أدنوك الإماراتية تعتزم دمج ثلاث من شركاتها المتخصصة في الشحن والنقل البحري والخدمات لتأسيس شركة واحدة عالمية المستوى.
وستدمج “أدنوك” كل من “شركة ناقلات أبوظبي الوطنية “أدناتكو” و”شركة الخدمات البترولية “إسناد” وشركة أبوظبي لإدارة الموانئ البترولية “إرشاد”، ومن المتوقع إنجاز هذه المهمة بنهاية 2017.
وفى أحدث صفقات الاندماج المؤثرة في السوق، أعلنت الشركة العملاقة”روس نفط”، كبرى شركات النفط الروسية أنها أكملت بنجاح صفقة شراء حصة نسبتها 49 في المائة من شركة التكرير الهندية الخاصة “إيسار أويل”.
كما أكمل كونسورتيوم استثماري يتكون من “ترافيجورا” الأوروبية ومجموعة “يونايتد كابيتال بارتنرز” (يو سي بي) صفقة استحوذ بموجبها أيضا على حصة أخرى بنسبة 49 في المائة في “إيسار أويل”، وسيحتفظ الأخوان “رويا” مؤسسا الشركة الهندية بحصة تبلغ 2 في المائة.
ولتقييم الموقف في السوق في ضوء صفقات الاندماج العديدة التي تمت الإشارة إلى أمثلة محدودة لها سلفا، قال لـ”الاقتصادية” الدكتور فيليب ديبيش؛ رئيس المبادرة الأوروبية للطاقة، إن صفقات الاستحواذ والاندماج بين الشركات، تعكس حالة الحراك في الاقتصاد الدولي، كما أن ظهور المستثمر أو المشتري الرئيسي في هذه الصفقات يؤكد حالة الثقة والتفاؤل بنجاح الاندماجات الجديدة في أن تكون كيانات اقتصادية أقوى وأكثر ربحية وصمودا في مواجهة تحديات ومتغيرات السوق.
وأضاف، أن الاندماجات تجيء أيضا في إطار تنويع المحفظة المالية والاستثمارية، وهو أمر ضروري لتعظيم الموارد وزيادة القدرات الاقتصادية وفتح مجالات جديدة للاستثمار وبالتالي رفع الكفاءة وتحقيق النمو المستدام.
من جانبه، قال لـ”الاقتصادية” رالف فالتمان؛ المحلل في مجموعة إكسبرو للخدمات النفطية، إنه لا يمكن إنكار أن الاندماجات والاستحواذات بين الشركات النفطية زادت على نحو واسع بعد هبوط أسعار النفط الخام في 2014، وتعتبر إحدى آليات التعامل والتكيف مع ظروف السوق الجديدة.
وأوضح، أنه دون شك أن الكيانات الضخمة خاصة في سوق النفط أقدر على مقاومة الظروف والصعوبات في تطورات السوق، كما أنها أقدر على مواجهة تحديات الأسعار المنخفضة للنفط الخام، وأنها تزيد فرص النمو في المستقبل وتسهل استقدام التكنولوجيا المتقدمة وتبادل الخبرات والنظم الإدارية المتطورة وتحديث البنية التحتية.
من جانبها، أشارت لـ”الاقتصادية” نينا انيجبونجو؛ المحللة الروسية ومختصة التحكيم الدولي، إلى أن الاندماجات لها مزايا عديدة ولذا يزداد اللجوء إليها في أوقات الصعوبات الاقتصادية، مبينة أن الدورة الحالية في عمر سوق النفط – بإجماع الخبراء – هي أصعب دورة اقتصادية في أربعة عقود ولذا من الطبيعي أن تشهد حالات اندماج واستحواذ واسعة.
وقالت إنه يأتي في مقدمة الأهداف الاقتصادية للاندماج تقليل نفقات وتكاليف الإنتاج من خلال إيجاد كيانات اقتصادية عملاقة ذات مراكز مالية قوية وقدرات أكبر على التواؤم مع الضغوط والظروف غير المواتية في السوق.
وأضافت، أن القدرة على إنجاز المشروعات وإضافة التوسعات هي إحدى النتائج الرئيسة لقرارات الاندماج وهو أمر موضع ترحيب واسع سواء على مستوى الحكومات أو القطاع الخاص، ويعزز فرص نمو الشركات وهو مطلوب بشكل ملح في الأسواق العربية خاصة الخليجية.

Print Friendly, PDF & Email