حرائق مصافي النفط.. مجهولة النسب والأسباب ؟!!

73 عاماً على تأسيس المصافي ولا تزال معايير الأمان غائبة
ملايين الدنانير تخصص سنوياً لمعايير الأمن والسلامة .. أين هي؟!
بيانات الحريق الصادرة عن الشركة تخلو من نتائج التحقيق .. لماذا؟
غياب الخبرات والعمالة الفنية المدربة وراء اندلاع الكثير من الحرائق سنوياً
الحريق الأخير في وحدة إسالة الغاز .. مسؤولية جنائية أم تجاهل مستمر ؟

كتب – عبدالله المملوك:

أثارت حادثة حريق وحدة إسالة الغاز رقم 32 في مصفاة الأحمدي ، مخلفاً خسارة بوفاة عاملَينِ وإصابة عمال، 3 منهم حالتهم حرجة جداً، ودماراً لوحدة التكرير.

ووفق ما أعلنته شركة البترول الوطنية الكويتية في بيانها 14 يناير 2022 ، والتي نتج عنها وفاة عاملين من عمال المقاول من الجنسية الآسيوية وتسجيل 10 إصابات ، 7 منها لمستشفى العدان لاستكمال العلاج و5 منها إصابات بحروق شديدة واثنتين بحروق متوسطة و3 إصابات بحروق طفيفة في عيادة المصفاة ، وبأن الشركة تمكنت من السيطرة الكاملة على الحريق الذي اندلع في الوحدة ، بالإضافة إلى عدم تأثر عمليات التصدير جراء الحريق ، كما لم تتأثر عمليات التسويق المحلي وعمليات تزويد الكهرباء والماء نظراً لكون الوحدة المتضررة خارج الخدمة.

وفي كل سيناريو لحريق المصافي ، يصدر بياناً يتضمن السيطرة والخسائر وتشكيل لجنة تحقيق محايدة – في الغالب لا يتم معرفة نتائج تحقيقها – وذلك طيلة 73 عاماً مضت منذ تأسيس أول مصفاة في الكويت عام 1949 وهي مصفاة الأحمدي ، مروراً بتأسيس مصفاة ميناء عبد الله عام 1958 وانتهاءً بتأسيس مصفاة الشعيبة عام 1968 والتي تم إغلاقها في 31 مارس عام 2017 ، ما أدى إلى تراجع كميات التكرير من 934 ألف برميل يومياً إلى 734 ألفاً والتي من المتوقع أن تزيد إلى 1.4 مليون برميل يومياً مع دخول مشروع الوقود البيئي الخدمة والتشغيل.

وبغض النظر عن ضعف تلك البيانات وغياب مهنيتها – في معظم الأحيان- ناهيك عن قدرتها في مواجهة أسباب الحرائق بشجاعة ، نجد تلك البيانات لا تخرج عن سيناريو ممل في الغالب ، يبدأ بإطفاء الحريق والسيطرة عليه ووقوع إصابات أو حالات وفيات ونقلها إلى مستشفى الأحمدي ، وتشكيل لجنة تحقيق محايدة في الغالب لا يعرف نتيجة أسبابها أو التحقق منها.

والبيان الأخير الذي أصدرته شركة البترول الوطنية ، جاء شبيهاً ببيانات الحوادث السابقة التي وقعت قبل ثلاثة أشهر قليلة مع اختلاف تاريخ الحادث وأرقام الوحدة التي وقع بها الحريق.

ومع تكرار الحوادث ، تتكرر البيانات نتائج لجان التحقيق التي لا تعلن في الغالب أو يكون مصيرها التحفظ ولا يتم تحميل مسؤوليتها لأحد، كما لا نرى موقفاً شجاعاً من القياديين النفطيين بتحمل المسؤولية التقصيرية، الأمر الذي زرع الخوف بقلوب العاملين بالمصفاة، ولم تعد تصاريح القياديين النفطيين وبيانات الشركة مبعث اطمئنان لهم.

كل ذلك يجعل الكثيرين يتسائلون : هل الشركة تفتقد الخبرات المطلوبة لإدارة المصافي واجراءات الأمن والسلامة الصناعية لمنع تكرار الحوادث والحرائق فيها؟
وتثير حرائق المصافي العديد من التكهنات حول أسباب وقوعها والتي تتنوع بين : افتقاد الكثير من العاملين بإجراءات الامن والسلامة الصناعية ، عدم اتخاذ تدابير الأمن والسلامة الصناعية بمنطقة العمل بوجود معدات قد تتسبب في إحداث شرارة اشتعال في منطقة الحادث ، بالإضافة لعدم التأكد من معايير الأمن والسلامة المستخدمة من قبل المقاول.

وتأتي تلك الحرائق على الرغم من الميزانيات الكبيرة التي تتمتع بها برامج الأمن والسلامة في تلك المصافي ورصد ما بين 10 إلى 15 مليون دينار سنوياً لها ضمن مصروفات التشغيل الخاصة بميزانية المصافي ، حيث تمكن إجراءات الأمن والسلامة التي يتم وضعها وفق المعايير والمقاييس العالمية القائمين على المصافي من احتواء الحرائق بسرعة كبيرة ، إلا أن نتائج التحقيقات التي تقوم بها الشركات التابعة لمؤسسة البترول الكويتية وعلى رأسها شركتي نفط الكويت والبترول الوطنية ظلت دون إعلان واضح عن المتسببين بها.

ومع غلق مصفاة الشعيبة عام في 31 مارس 2017 ، تراجع حجم التكرير إلى 736 ألف برميل يومياً ، والتي سيضاف إليها 400 ألف برميل يومياً مع الانتهاء من المصفاة الجديدة ليصبح إجمالي ما يتم تكريره 1.36 مليون برميل يومياً.