تقرير دولي :إنتاج السعودية من النفط وصل لاعلى مستوى منذ 2016

أكد تقرير “ريج زون” الدولي أن إنتاج السعودية من النفط الخام ارتفع بمقدار 230.000 برميل يومياً في تموز (يوليو) الماضي ليسجل مستوى 10.65 مليون برميل يومياً، معتبرا ذلك يمثل ذروة إنتاجية لم يسبق لها مثيل منذ عام 2016 مستندا إلى مسح أجرته وكالة بلومبيرج وشمل عددا من المحللين وشركات النفط وبيانات تتبع حركة السفن.

واشار التقرير المنشور ب”الاقتصادية”الى أن إنتاج منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” من النفط قد ارتفع في شهر تموز (يوليو) الماضي، وذلك مع ضخ السعودية لأحجام قياسية من الإمدادات النفطية بهدف الوفاء بتعهداتها للمستهلكين بتلبية وتأمين الطلب على الخام بشكل مستدام.
وأظهر التقرير الدولي- المعني بأنشطة الحفر – “إن ارتفاع إنتاج النفط الخام تقوده السعودية مع وجود مساهمات من نيجيريا والعراق”، لافتا إلى أن الإنتاج الإضافي لمنظمة أوبك بلغ 300 ألف برميل يوميا ما عوض الخسائر الناجمة عن الانهيار الاقتصادي المتصاعد في فنزويلا والصدامات السياسية في ليبيا وبداية العقوبات الأمريكية ضد إيران” لافتا إلى أن إنتاج أعضاء المجموعة البالغ عددهم 15 عضواً بلغ 32.6 مليون برميل يومياً.
وأضاف التقرير أن “زيادة الإنتاج في السعودية جاءت استجابة لوعود قدمتها للسوق بالعمل على منع الأسعار من الإضرار بالاقتصاد العالمي بعد أن وصل خام برنت إلى أعلى مستوى له منذ ثلاث سنوات فوق 80 دولارا للبرميل في وقت سابق من هذا الصيف”.
وأشار إلى استجابة السعودية لطلبات المستهلكين بضرورة وحتمية فتح صنابير الإنتاج مرة أخرى، خاصة في ضوء توقع خصم حاد وشامل في صادرات إيران النفطية بحلول تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.
وذكر التقرير أن أبرز النتائج المترتبة على اجتماع وزراء “أوبك” في حزيران (يونيو) الماضي هي قناعة المنظمة بأنها قطعت الإمدادات النفطية بشكل مفرط على مدار 18 شهرا وأنها يجب أن تعيد الإنتاج إلى مستوى مطابقة 100 في المائة من الهدف المحدد لخفض الإنتاج في أواخر عام 2016.
وبحسب التقرير فإن مجموعة المنتجين نجحوا بالفعل في إجراء زيادة تدريجية في الإنتاج وتسجيل معدل امتثال بلغ 104 في المائة في تموز (يوليو) الماضي، وهم يقتربون للغاية حاليا من المستويات المستهدفة.
ولفت التقرير إلى أن السعودية ودول الخليج يزيدون الإنتاج عن قناعة بضرورة تعويض نقص الإمدادات من الدول غير القادرة على ذلك، مشيرا إلى أن السياسة النفطية السعودية تساعد على خفض الأسعار بالطريقة التي تلبي تطلعات المستهلكين، حيث تراجعت العقود الآجلة لخام الولايات المتحدة في الشهر الماضي بأكبر درجة خلال عامين، وتم تداولها بالقرب من 68 دولارا للبرميل يوم الأربعاء الماضي في بورصة نيويورك التجارية.
وتواصل دول “أوبك” وحلفاؤها من خارج المنظمة عملية تعويض النقص في المعروض النفطي عبر زيادات إنتاجية تدريجية تبلغ نحو مليون برميل يوميا إلا أن المتابعين للسوق يؤكدون أنها ما زالت متعطشة لمزيد من الإمدادات النفطية.
وفي هذا الإطار، يقول لـ”الاقتصادية”، روس كيندي العضو المنتدب لمجموعة “كيو إتش أي” لخدمات الطاقة، “إن زيادة الإنتاج السعودي من النفط الخام بشكل كبير في تموز (يوليو) الماضي تأتي انطلاقا من المسؤولية القيادية التي تتمتع بها المملكة في سوق النفط ورغبتها في الوفاء بوعودها بأن تمنع صعود الأسعار من الوصول إلى المستويات المدمرة للطلب ومن ثم الإضرار بالاقتصاد العالمي”.
وأوضح كيندي أن أسعار الخام وصلت إلى مستويات مقلقة للغاية للمستهلكين عندما كسرت حاجز 80 دولارا للبرميل قبل أسابيع قليلة، ما جعل كبار المنتجين يستجيبون لنداء المستهلكين بضرورة العودة إلى زيادة الإنتاج مرة أخرى خاصة في ضوء الفجوة المتوقعة في المعروض بعد خصم الصادرات النفطية الإيرانية بسبب العقوبات الأمريكية بحلول تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.
من جانبه، يرى سيفين شيميل مدير شركة “في جي إندستري” الألمانية لتكنولوجيا الطاقة، أن زيادات الإنتاج تطمئن المستهلكين وتدفع في اتجاه استقرار العلاقة بين العرض والطلب، لافتا إلى أن ارتفاع إنتاج النفط الخام في منظمة أوبك يعني بالفعل، وبحسب البيانات والتقارير الدولية فإن الزيادات التى قادتها السعودية وأيضا العراق عوضت بالفعل التراجعات الحادة في إنتاج فنزويلا، كما أنها قادرة على تعويض التهاوي المتوقع في صادرات إيران إلى جانب معالجة تأرجح الإنتاج والانقطاعات المتكررة في ليبيا وأنجولا وغيرها من دول الإنتاج.
وأشار لـ “الاقتصادية”، إلى أنه على الرغم من أن العقوبات الأمريكية على إيران لن تسري قبل تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل إلا أن الجميع يلمس حالة هرب المشترين من النفط الإيراني خوفا من العقوبات الأمريكية التي ستفرض أيضا على عملاء إيران ما لم يتوقفوا عن أي صفقات معها، لافتا إلى أنه في المقابل تركز السياسات النفطية السعودية على تهدئة وتيرة الأسعار تقديرا لعلاقات الشراكة مع الدول المستهلكة.
من ناحيته، يقول لـ “الاقتصادية” أندري جروس مدير إدارة آسيا الوسطى في شركة “إم إم ايه سي” للطاقة، “إن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين – بحسب المؤشرات – تميل إلى التصاعد خاصة مع اعتزام الإدارة الأمريكية فرض رسوم جمركية جديدة بنحو 200 مليار دولار على الواردات الصينية، ردا على تخفيض الصين لليوان تعزيزا لصادراتها”.
ويضيف جروس أن “استمرار تأجج الصراع سيؤدى إلى إضعاف النمو الاقتصادي العالمي وتقليل الطلب على النفط الخام”، مشيرا إلى أن الصين وهي أكبر مستهلك للطاقة بدأت بالفعل من المعاناة من تباطؤ النمو وارتفاع عجز الشركات، معتبرا مخاطر ضعف الطلب على النفط الأمريكي ستتسع وتضير اقتصاديات الدولة الأكبر في إنتاج واستهلاك النفط الخام في العالم.
من ناحية أخرى، زادت أسعار النفط أمس، لتتماسك بعد خسائر تكبدتها في اليومين الأخيرين جراء زيادة مفاجئة في المخزونات الأمريكية وتجدد المخاوف بشأن الخلاف التجاري بين الولايات المتحدة والصين.
وبحسب “رويترز”، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 16 سنتا بما يعادل 0.2 في المائة إلى 72.55 دولار للبرميل بعدما انخفضت 2.5 في المائة يوم الأربعاء.
وزادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي ستة سنتات أو 0.1 في المائة إلى 67.72 دولار للبرميل بعد أن هبطت 1.6 في المائة في الجلسة السابقة.
وتتأثر أسعار النفط بالتوترات الجارية بشأن التجارة العالمية، وينتاب الأسواق القلق إزاء أي تباطؤ للنمو في أنحاء العالم.
وسعى الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلى تصعيد الضغوط على الصين للحصول على تنازلات تجارية عبر اقتراح فرض رسوم جمركية نسبتها 25 في المائة على واردات صينية بقيمة 200 مليار دولار.
وانخفضت أسعار خام برنت ما يزيد على 6 في المائة في حزيران (يونيو) وهبط الخام الأمريكي نحو 7 في المائة، في أكبر انخفاض شهري للخامين القياسيين منذ تموز (يوليو) 2016.
وقالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية “إن مخزونات النفط الخام الأمريكية زادت 3.8 مليون برميل الأسبوع الماضي مع ارتفاع الواردات”، وكان محللون استطلعت آراءهم توقعوا انخفاض المخزونات الأمريكية 2.8 مليون برميل.
لكن تقرير إدارة معلومات الطاقة لم يخل من عناصر تدفع إلى المراهنة على ارتفاع الأسعار، فقد انخفضت مخزونات البنزين 2.5 مليون برميل في حين هبطت مخزونات الخام في نقطة التسليم في كاشينج في ولاية أوكلاهوما 1.3 مليون برميل، وفقا لما أظهرته بيانات الإدارة.