
منعت المخاوف من انفجار اجتماعي وخطة التحوّط الطاقي التي بدأت تونس في تنفيذها منذ 6 شهور، من زيادة جديدة في أسعار الوقود كان يفترض أن تنفذ بداية شهر يوليو/تموز الجاري، وفقاً لحزمة التعديل الآلي التي تعتمدها الحكومة منذ أكثر من عامين.
وحسب مراقبين، فإن حكومة يوسف الشاهد تسعى إلى تجنب صدور أي قرارات “استفزازية” للمستثمرين والمواطنين، قبل خوض غمار الانتخابات التشريعية القادمة، في أكتوبر/تشرين الأول، بالإضافة إلى الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية يوم 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2019.
وتوقع مصدر مسؤول أن تحافظ أسعار الوقود على استقرارها إلى نهاية العام الحالي. وقال المسؤول، لـ”العربي الجديد”، إن الاحتياطي من الطاقة الذي تم تأمينه من شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي في إطار الخطة الحكومية للحفاظ على سلامة الموازنة العامة، مكّن من تجنب ثغرات في المالية العمومية كان يفترض ترميمها عبر التعديل الدوري في سعر البنزين.
وأضاف المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، أن التزام المؤسسات المالية الدولية بصرف شرائح القروض لتونس في آجالها، وزيادة الإيرادات الضريبية، ساعد في الإبقاء على أسعار الوقود عند مستوياتها الحالية.
وكان التونسيون ينتظرون أن تعلن الحكومة، مع نهاية الربع الثاني من السنة الجارية، زيادة جديدة في أسعار المواد النفطية، غير أن الحكومة فندت كل التوقعات، محافظة على الأسعار التي تم إقرارها في آخر تعديل، نهاية مارس/آذار الماضي.
وحسب حزمة التعديل الدوري التي تم الاتفاق بشأنها مع صندوق النقد الدولي، تعدل الحكومة أسعار الوقود بمعدل 4 مرات في السنة، وفق أسعار السوق العالمية.
وبدأت تونس، في نهاية العام الماضي، تنفيذ أول عملية تحوّط عبر الموافقة على تدخّل صندوق النقد الدولي في عملية تغطية مخاطر متمثلة في حماية ميزانية الدولة من ارتفاع أسعار النفط وتأثيرها المباشر على كلفة الدعم. وحسب بيانات رسمية، أتاحت عملية التحوّط المنجزة، تغطية حوالي ثلث إجمالي واردات تونس السنوية من النفط لمدة 12 شهرا، لتشمل 8 ملايين برميل، ما يمثل 30 بالمائة من الواردات الصافية لتونس من النفط الخام، بقيمة 65 دولاراً للبرميل.
ويمثل توفير احتياطات نفطية من الآليات الجديدة رهانا حكوميا للحد من تداعيات واردات الطاقة على الموازنة، كما تمنع هذه الخطة غضب القطاعات الاقتصادية (صناعة وزراعة وخدمات) من ارتفاع كلفة الطاقة وتأثيرها على القدرة التنافسية للمؤسسات والاقتصاد المحلي، حسب مراقبين.
وفي نهاية مارس/آذار الماضي، رفعت الحكومة أسعار البنزين بنحو أربعة في المائة، في أول زيادة هذا العام. وبررت وزارة الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة، الزيادة آنذاك، بالارتفاع المتواصل لأسعار النفط ومشتقاته العالمية، ليصل خام برنت إلى نحو 69 دولاراً للبرميل آنذاك.
ويرى الخبير المالي صادق جبنون، أن أسبابا مختلفة منعت الحكومة من المجازفة بزيادة أسعار المحروقات، من بينها النتائج المتحققة من عملية التحوّط.
وأضاف الخبير المالي، لـ”العربي الجديد”، أن الحكومة تتجنب أيضا انفجار الوضع الاجتماعي الذي قد يخلفه ارتفاع جديد في الأسعار، لافتا إلى أن الزيادة لها كلفة كبيرة على المؤسسات الاقتصادية التي باتت عاجزة عن دفع فواتير الكهرباء، وهو ما قد يضطرها إلى تسريح العمال أو الغلق.