
حالة من التفاؤل واجواء ايجابية تستهل بها أسواق النفط اليوم أول تعاملات الربع الثاني من العام الجاري، 2019، ما يعزز فرص صعود الأسعار.
وبحسب “الاقتصادية”خلال الربع الأول تحقق كثير من الخطوات الناجحة لاستعادة الاستقرار والتوازن في السوق بفضل التخفيضات الإنتاجية المؤثرة التي تنفذها “أوبك+” لخفض المعروض النفطي بنحو 1.2 مليون برميل يوميا.
وتوقع محللون نفطيون أن تواصل الأسواق مكاسبها السعرية خلال الأسبوع الجاري، وهو أول أسابيع الربع الثاني من العام الجاري، الذي من المرجح أن يكون بنهاية هذا الربع قد تم علاج كثير من الصعوبات السابقة الخاصة بوفرة المعروض وارتفاع مستوى المخزونات.
وأشار المحللون إلى أن العقوبات الأمريكية على فنزويلا وإيران تكمل جهود “أوبك” في ضبط المعروض وتزيد من فرص تعافي الأسعار، على الرغم من وجود عدد من العوامل ذات التأثير المضاد، وعلى رأسها المخاوف من تباطؤ النمو العالمي نتيجة عدم حسم مفاوضات النزاعات التجارية بين الولايات المتحدة والصين على الرغم من التقدم المحرز حاليا.
يرى المحللون أن تحقيق خام برنت والخام الأمريكي أكبر مكاسب فصلية في عشر سنوات يعكس نجاح خطة تعامل المنتجين في “أوبك+” مع السوق ودقة قراءتهم للمتغيرات الاقتصادية والعوامل الجيوسياسية ذات التأثير الواسع في السوق النفطية.
في هذا الإطار، يقول لـ “الاقتصادية”، سيفين شيميل مدير شركة “في جي إندستري” الألمانية، “إن وضع السوق إيجابي للغاية في بداية الربع الثاني”، مضيفا أن “ما تحقق من مكاسب بنحو 40 في المائة انتشل السوق من موجة تهاوي الأسعار الحادة التي حدثت نهاية العام الماضي، ويمكن القول إن المنتجين دشنوا شراكة فاعلة ضبطت الأداء في السوق وتفادت الأزمات السعرية، والمضي صوب استدامة التوازن بين العرض والطلب”.
وتوقع شيميل أن تواصل الأسعار مكاسبها خلال الأسبوع الجاري مع تحقيق صعود أفضل على مدى الربع الثاني، مشيرا إلى أن المنتجين في “أوبك” وخارجها بقيادة السعودية وروسيا مصرون على استكمال عملية خفض الإنتاج وعدم إنهائها قبل الأوان وحتى تحقق كامل أهدافها، وفق خطة المنتجين.
من جانبه، يرى روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات، أن معدل نمو الإنتاج الأمريكي شهد بعض التباطؤ فى الأشهر الستة الماضية، وهو ما بث توقعات جديدة في السوق، خاصة أن تقديرات نمو الإنتاج الامريكي اتسمت ببعض المبالغات في فترات سابقة، لكن الصورة تبدلت الآن خاصة مع تباطؤ أنشطة الحفر الجديدة.
وأضاف لـ”الاقتصادية”، أن “مكاسب العقود الأجلة للخام الأمريكي، وعقود خام برنت، تؤكدان حالة الثقة بوضع السوق خلال الفترة المقبلة”.
من ناحيته، أوضح لـ”الاقتصادية”، تورستين أندربو الأمين العام الفخري للاتحاد الدولي للغاز، أن هناك بالفعل حالة من تراجع المخاوف بشأن الركود الاقتصادي العالمي، ويرجع ذلك في الأساس إلى حالة التفاؤل الناشئ عن استئناف المفاوضات التجارية بين واشنطن وبكين.
ولفت أندربو إلى أن العقوبات على إيران وفنزويلا أدت بالفعل إلى تشديد المعروض العالمي، ويرجع لها الفضل جزئيا إلى جانب تخفيضات تحالف المنتجين في “أوبك+” في عودة تعافي الأسعار إضافة إلى تأثير بيانات عن تعافي الطلب خاصة القادم من الاقتصادات الناشئة في آسيا.
بدوره، يتوقع أندرو موريس مدير شركة “بويري” للاستشارات الادارية، أن تكون المكاسب السعرية القوية في الربع الأول هي بالفعل السبب وراء عودة الحديث عن مطالبة المنتجين التقليديين بفتح صنابير الإنتاج مرة أخرى، لكن من الواضح إصرار “أوبك” على المضي في تنفيذ اتفاق خفض الإنتاج وإجراء المراجعة في حزيران (يونيو) المقبل بدلا من نيسان (أبريل) الذي كان مخططا له مسبقا.
وأشار لـ”الاقتصادية”، إلى أن استراتيجية عمل “أوبك” تأخذ في الحسبان مصالح المستهلكين أيضا، وهي تؤكد دوما أنها لا تستهدف مستوى سعريا معينا، وأنها لا تحتاج إلى ضغوط خارجية لتعديل قراراتها، حيث تسعى إلى توازن السوق ورضا جميع أطراف الصناعة، مضيفا أن “هناك قناعة أخرى بأن الأسعار سواء المفرطة في الارتفاع أو الانخفاض، ليست في مصلحة استقرار السوق ونمو الصناعة بشكل مستدام”.
وكانت أسعار النفط صعدت نحو 1 في المائة في ختام الأسبوع الماضي، مسجلة أكبر مكاسبها الفصلية في عشر سنوات بدعم من عقوبات أمريكية على إيران وفنزويلا وتخفيضات الإمدادات، التي تقودها “أوبك” وهو ما طغى على القلق من تباطؤ اقتصادي عالمي.
بحسب “رويترز”، صعدت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت لأقرب استحقاق 57 سنتا، أو 0.84 في المائة، لتبلغ عند التسوية 68.39 دولار للبرميل منهية الربع الأول على مكاسب قدرها 27 في المائة.
وارتفعت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط 84 سنتا، أو 1.42 في المائة، لتبلغ عند التسوية 60.14 دولار للبرميل مسجلة قفزة قدرها 32 في المائة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام.
وهذه هي أكبر مكاسب فصلية للخامين القياسيين منذ الربع الثاني من 2009 عندما صعد كل منهما نحو 40 في المائة.
وأعطت عقوبات أمريكية على إيران وفنزويلا دعما لأسعار النفط هذا العام، وقال مسؤولون أمريكيون الجمعة “إن واشنطن حريصة على أن ترى ماليزيا وسنغافورة ودولا أخرى على دراية بشكل كامل بشحنات النفط الإيراني غير المشروعة والتكتيكات، التي تستخدمها طهران للتهرب من العقوبات”.
من ناحية أخرى، أفادت ثلاثة مصادر مطلعة أن الولايات المتحدة أصدرت تعليمات إلى شركات تجارة النفط ومصافي التكرير للذهاب إلى مدى أبعد في خفض التعاملات مع فنزويلا أو مواجهة عقوبات هي نفسها حتى إذا كانت المعاملات غير محظورة بموجب العقوبات الأمريكية المنشورة.
وما ساعد أيضا على صعود الأسعار هذا العام اتفاق بين منظمة البلدان المصدرة للنفط “أوبك” وحلفاء لها، مثل روسيا، لخفض الإنتاج بنحو 1.2 مليون برميل يوميا، الذي بدأ سريانه رسميا في كانون الثاني (يناير)، ومن المنتظر أن تجتمع الدول المنتجة في حزيران (يونيو).
وتلقى السوق دعما أيضا من تباطؤ في نمو إنتاج الخام في الولايات المتحدة، حيث استقر الإنتاج منذ منتصف شباط (فبراير).
وتوقع بنك “باركليز” في مذكرة أن تتلقى أسعار النفط دفعة في الربع الثاني من العام الجاري بفضل اضطرابات الإمدادات في الولايات المتحدة وفنزويلا، بجانب تلقيها دعما إضافيا من التزام “أوبك” بخططها لتقييد الإنتاج.
يتوقع باركليز أن تبلغ أسعار برنت في المتوسط 73 دولارا للبرميل خلال الربع الثاني، فيما من المتوقع أن تبلغ العقود الآجلة للخام الأمريكي في المتوسط نحو 65 دولارا.
وأضاف البنك البريطاني “لكن من المرجح أن يظل هناك سقف للأسعار هذه المرة، ونعتقد أنه من المستبعد أن تتجاوز 75 دولارا للبرميل لأكثر من ربع سنة واحد، إذ إن السوق أصبحت أكثر مرونة بكثير مما يدرك الناس”.
وعد “باركليز” استمرار غياب خطة طويلة الأجل للمنتجين سيؤدي على الأرجح إلى تقلبات حادة للأسعار في الفترة، التي تسبق الاجتماع المقبل في حزيران (يونيو).
وأضاف أنه “من المرجح أن تعزز الانقطاعات غير المسبوقة للكهرباء في فنزويلا واضطرابات النقل بسبب تسرب كيماوي في قناة هيوستون شيب المخاوف بشأن الإمدادات”.
وأفادت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية في تقرير شهري أن إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة انخفض في كانون الثاني (يناير)، إلى 11.87 مليون برميل يوميا من 11.96 مليون برميل يوميا في كانون الأول (ديسمبر).
وفقا للتقرير، تراجع إنتاج الخام في تكساس 64 ألف برميل يوميا في كانون الثاني (يناير)، عن الشهر السابق في حين زاد الإنتاج في نورث داكوتا بمقدار تسعة آلاف برميل يوميا.
وخفضت شركات الطاقة الأمريكية عدد حفارات النفط العاملة إلى أدنى مستوى في نحو عام، ليواصل التراجع لستة أسابيع متتالية وليسجل أكبر هبوط فصلي في ثلاثة أعوام على الرغم من زيادة قدرها 30 في المائة في أسعار الخام منذ بداية 2019.
وقالت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة، في تقريرها الأسبوعي، الذي يحظى بمتابعة وثيقة، “إن شركات الحفر النفطي أوقفت تشغيل ثمانية حفارات نفطية في الأسبوع المنتهي في الـ29 من آذار (مارس) ليصل إجمالي عدد الحفارات النشطة إلى 816 وهو أدنى مستوى منذ نيسان (أبريل) 2018”.
وتلك هي المرة الأولى، التي ينخفض فيها عدد الحفارات لستة أسابيع متتالية منذ أيار (مايو) 2016 عندما هبط لثمانية أسابيع متتالية.
وعلى مدار الربع الأول، هبط عدد الحفارات بمقدار 69 حفارا، وهو أكبر عدد في فصل واحد منذ الربع الأول من 2016 عندما تراجع 164 حفارا.
وما زال عدد الحفارات النفطية النشطة في أمريكا، وهو مؤشر أولي للإنتاج مستقبلا، مرتفعا قليلا عن مستواه قبل عام عندما كان هناك 797 حفارا قيد التشغيل، بعد أن زادت شركات الطاقة الإنفاق في 2018 للاستفادة من أسعار أعلى في ذلك العام.
وفقا لتقرير “بيكر هيوز”، بلغ عدد حفارات النفط والغاز الطبيعي النشطة في الولايات المتحدة هذا الأسبوع 1006 حفارات، وتنتج معظم الحفارات النفط والغاز