
عادت أسعار النفط الخام أمس إلى الارتفاع بعد تقلبات وتذبذبات متلاحقة، حيث تلقت الأسعار دعما من انخفاض مفاجئ في المخزونات النفطية إلى جانب جهود منتجي “أوبك +” في تشديد المعروض النفطي في الأسواق، ولكن في المقابل كبحت الإصابات المتسارعة بفيروس كورونا في الولايات المتحدة وعديد من دول العالم فرص تعافي الأسعار بعدما عززت المخاوف مجددا بشأن تعافي الطلب العالمي على النفط الخام والوقود.
ويقول لـ”الاقتصادية”، مختصون ومحللون نفطيون إن جائحة كورونا أثرت سلبا في الطلب العالمي على النفط الخام وأيضا في المواد المكررة ما جعل مشاريع المنبع والمصب على السواء في أزمة انكماش غير مسبوقة، وهو ما اضطر “أوبك +” إلى اعتماد خطة طويلة وعميقة في تخفيضات الإنتاج من أجل دعم الأسعار في ظل هذه الجائحة التي من غير المعروف مداها، الزمني أو حجم الخسائر الفعلية الناجمة عنها ولكن توجد جهود دولية واسعة لاحتواء تلك الآثار السلبية.
وأوضح المختصون أن صناديق التحوط وغيرها من مشتري النفط حولوا أنظارهم نحو الوقود الأسبوع الماضي، حيث اشتروا نحو 20 مليون برميل من البنزين والديزل الأمريكي وزيت الغاز الأوروبي في إطار توقعات بتعاف أسرع فيما يخص الطلب على الوقود، خاصة في ظل موسم القيادة الصيفي في الولايات المتحدة على الرغم من إعادة تطبيق إجراءات تقييد السفر بعد أسابيع فقط من رفعها ما أدى إلى تقلبات في مستوى الطلب على الوقود.
وذكر المختصون أنه ابتداء من بداية الشهر الجديد ستحدث زيادات محدودة في المعروض ومن المتوقع أن تؤدي زيادة الإنتاج المخطط لها من تحالف “أوبك +” لإعادة تنشيط الإنتاج العالمي المغلق إلى دفع الإمداد إلى 91.2 مليون برميل يوميا في آب (أغسطس) و92.5 مليون برميل يوميا في أيلول (سبتمبر) و92.9 مليون برميل يوميا في تشرين الأول (أكتوبر) و93.3 مليون برميل يوميا في تشرين الثاني (نوفمبر) و93.4 مليون برميل يوميا في كانون الأول (ديسمبر).
وفي هذا الإطار، يقول جوران جيراس مساعد مدير بنك “زد أيه إف” في كرواتيا، إن سوق النفط تكافح لمواجهة ضغوط هبوطية حادة خاصة بعدما تزايد بالفعل أثر خطر الموجة الثانية من الوباء في أسعار النفط الخام لافتا إلى أن الأسعار المنخفضة ما زالت تأتي من توقعات انخفاض الطلب على المنتجات المكررة وذلك على الرغم من تقديرات لشركات بحثية دولية مثل “ريستاد إنرجي” التي ترجح أن الموجة الثانية من العدوى قد لا تؤثر في الطلب على النفط بقدر تأثير الموجة الأولى.
وأضاف أن السوق النفطية شهدت تحسنات تدريجية بعدما سجلت مستويات غاية في السوء في نيسان (أبريل) الماضي، موضحا أن الطلب على البنزين أظهر بعض علامات التعافي بعد رفع عمليات الإغلاق حول العالم ولكن التعافي لم يأت بوتيرة ثابتة وإنما تخلله تعثرات وتقلبات بحسب تطورات أخبار الجائحة وتأثيرها في وضع السوق ومعنوياتها.
من جانبها، ترى الدكتورة ناجندا كومندانتوفا كبير محللي المعهد الدولي لتطبيقات الطاقة أن هناك مؤشرات إيجابية عن تراجع تدريجي في مستوى فائض المخزونات النفطية وهو ما يمثل هدفا رئيسا لمجموعة “أوبك +” في خطتها نحو تقييد الإنتاج لاستعادة التوازن بين العرض والطلب في السوق ولكن المخزونات لا تزال أعلى من متوسط الأعوام الخمسة لهذا الموسم وهو ما يعني أن الطريق ما زال طويلا.
وذكرت أن الشهر المقبل سيشهد تطورات جديدة حيث تستعد “أوبك +” لفتح جزئي لصنابير الإنتاج وهو ما يقلق البعض من عودة تخمة المعروض في الأسواق على الرغم من تأكيد منتجي “أوبك +” أن الزيادات ليست موجهة للتصدير وإنما لتلبية الاستهلاك المرتفع صيفا وأن التعويضات التي سيقوم بها بعض المنتجين الأقل امتثالا لخفض الإنتاج في الأشهر الماضية ستجعل زيادات الإنتاج محدودة وغير مؤثرة في الأسعار.