القطاعان النفطي وغير النفطي يقودان النمو الاقتصادي للإمارات في 2019

أفاد معهد المحاسبين القانونيين في انجلترا وويلز ICAEW في أحدث تقاريره للرؤى الاقتصادية، أنه من المرتقب أن يتسارع النشاط الاقتصادي في دولة الإمارات العربية المتحدة إلى 2.2% في 2019، ليرتفع من نسبة تقديرية قدرها 1.7% في 2018. ومدعوماً من تعافي نشاط القطاع غير النفطي، وزيادة الإنفاق العام على المستويين الاتحادي والمحلي، وارتفاع الاستثمارات قبل معرض إكسبو 2020 المرتقب جداً، واستمرار الانتعاش الاقتصادي على مستوى المنطقة.

ويقول تقرير رؤى اقتصادية: الشرق الأوسط للربع الأول 2019، الذي تم إعداده من قبل “أكسفورد إيكونوميكس”، إن معدلات إنتاج النفط في الإمارات قد انتعشت خلال 2018 لتخفّف من حدة الأوضاع في أسواق النفط العالمية، لا سيما بعد فرض الولايات المتحدة عقوبات على صادرات النفط الإيرانية. ومن المتوقع أن ترتفع مستويات الإنتاج أكثر لتصل في المتوسط إﻟﻰ 3.07 مليون برميل في اليوم هذا العام، بزيادة من متوسط 3 ملايين برميل في اليوم في 2018، مما يعكس الاستثمار المتواصل لدولة الإمارات من أجل تعزيز قدرتها الإنتاجية. ومن المتوقع أن ينمو القطاع النفطي بنحو 2% في 2019، ليسجّل أسرع معدل نمو للقطاع في ثلاث سنوات. لكن زيادة الإنتاج ستتأثر بانخفاض أسعار النفط في 2019.

وفي المقابل، من المتوقع أن يتسارع القطاع غير النفطي للإمارات من نسبة تقديرية قدرها 1.3% في 2018 إلى 2.1% في 2019. وسيتم دعم النمو في القطاع غير النفطي من الميزانيات التوسعية والمبادرات الحكومية المتنوعة والمحفّزة للنمو، لا سيما في أبوظبي ودبي، والتي تمثّل مجتمعة ما نسبته 90% من إجمالي الناتج المحلي لدولة الإمارات.

ما أعلنت حكومة دبي عن عدد من المبادرات لدعم النمو، بما في ذلك خفض بعض الضرائب والرسوم، ووضع تدابير للحد من التكاليف الإجمالية لممارسة الأعمال للصناعات الرئيسية. ومن المتوقع للمشاريع الكبيرة التي تم إطلاقها استعداداً لمعرض إكسبو 2020، وكذلك القوانين الجديدة لتأشيرات الدخول، أن تستمر في تعزيز أعداد السياح القادمين إلى دولة الإمارات، مما يساعد دبي على الحفاظ على مكانتها كوجهة عالمية رئيسية للسياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة.

ويقول مايكل آرمسترونغ، المحاسب القانوني المعتمد والمدير الإقليمي لمعهد المحاسبين القانونيين ICAEW في الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا: “قامت دولة الإمارات العربية المتحدة بعمل رائع في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية اللازمة في سياق جهودها لتنويع الاقتصاد وتحقيق أهداف رؤية 2021. ومن المتوقع للمشاريع الكبيرة استعداداً لمعرض اكسبو 2020 وقوانين التأشيرات الجديدة والميزانيات التوسعية ومختلف المبادرات الحكومية الداعمة للنمو أن تساهم في النمو الإجمالي للاقتصاد هذا العام. ويبرز النمو المتوقع للقطاع غير النفطي أجندة العمل الطموحة للإمارات في مشوار التحول الاقتصادي”.

ولكن على الرغم من التحسينات العامة في بيئة الاقتصاد الكلي، ظلت سوق العقارات ضعيفة طوال 2018، حيث واصلت أسعار مبيعات المساكن انخفاضها. وألقت حالة الركود في سوق العقارات بظلالها على سوق دبي المالي، والذي انخفض بنسبة 24% تقريباً على أساس سنوي في فبراير 2019، بينما كانت سوق أبوظبي للأوراق المالية في منآى عن ذلك، حيث نمت بنسبة 8% على أساس سنوي في يناير 2019. ومن غير المرجح أن تشهد الظروف الحالية لسوق العقارات أي انتعاش ملموس هذه السنة، لا سيما في ظل النمو القوي والمتوقع للعرض، والوتيرة البطيئة لسوق العمل والوظائف.

علاوة على ذلك، تباطأ سوق استحداث فرص العمل من 2.6% في الأرباع الثلاثة الأولى من 2017 إلى 1.6% خلال الفترة نفسها من 2018. وبصورة ملحوظة، تأثرت بعض الوظائف في القطاعات الرئيسية؛ فمثلاً انخفض إجمالي التوظيف في قطاع الخدمات، والذي يمثّـل حوالي 20% من إجمالي العمالة، بنسبة 1.3% على أساس سنوي في الربع الثالث من 2018، بينما انخفضت الوظائف في قطاعات “النقل والتخزين والاتصالات” و “التصنيع” بنسبة 4% و 1.1% على التوالي خلال الفترة نفسها.

دول مجلس التعاون الخليجي ستشهد نمواً اقتصادياً طفيفاً في 2019

من المتوقع أن تحقق دول مجلس التعاون الخليجي نمواً اقتصادياً بنسبة 2.3% في 2019، بتحسّن طفيف عن السنة الماضية بمقدار 0.3 نقطة مئوية. وبحسب أحدث تقارير “رؤى اقتصادية: الشرق الأوسط” لمعهد المحاسبين القانونيين ICAEW، سيتأثر اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي بسبب مواصلة “أوبك-بلس” خفض الإنتاج وتراجع أسعار النفط، مع اعتماد النمو بشكل رئيسي على القطاع غير النفطي.

ووفقاً للتقرير، فبالرغم من الحافز القوي للهيئات المسؤولة في دول مجلس التعاون الخليجي من أجل تنويع اقتصاداتها خلال السنوات القليلة الماضية، يستمر النفط في فرض هيمنته، حيث يشكّل ما يصل إلى 46% من إجمالي الناتج المحلي. وعلى هذا النحو، فإن مواصلة “أوبك -بلس” خفض الإنتاج سيحد من مساهمة القطاع النفطي في النمو الكلي في 2019.

وسيتراجع القطاع النفطي أيضاً بسبب انخفاض أسعار النفط، والتي من المتوقع أن تبلغ 64 دولار أميركي للبرميل في 2019، بانخفاض مقداره 7 دولارات للبرميل عن متوسط الأسعار في 2018. ويشير مسار أسعار النفط إلى أن العديد من دول مجلس التعاون الخليجي ستُعاني لتحقيق التوازن في موازناتها للعام 2019، حيث أن السعر اللازم لتغطية نفقاتها هو أعلى بكثير من التوقعات الحالية للسعر، وخاصة في البحرين والسعودية، والتي تحتاج لأن يكون متوسط أسعار النفط في 2019 عند 110 و 78 دولار أميركي للبرميل على التوالي.

ومن المتوقع أن يكون القطاع غير النفطي في دول مجلس التعاون الخليجي بمثابة المحرك الأساسي للنمو في 2019، مع نمو متوقع بنسبة 3.1%، مدعوماً بارتفاع الإنفاق الحكومي، لا سيما في الإمارات والسعودية، واستمرار الإصلاحات والإنفاق على المشاريع مثل كأس العالم 2022 في قطر، ومعرض اكسبو 2020 في الإمارات، بالإضافة إلى الخطط التحفيزية لدعم القطاع الخاص.

ويقول محمد باردستاني، المستشار الاقتصادي لمعهد المحاسبين القانونيين ICAEW، والخبير الاقتصادي الأول للشرق الأوسط في مؤسسة “أكسفورد إيكونوميكس”: “مع تراجع أسعار النفط وخفض الإنتاج في دول مجلس التعاون الخليجي، سيكون القطاع غير النفطي بمثابة المحرك الرئيسي للنمو في 2019. ويبرز تقلب سوق النفط في الآونة الأخيرة حاجة المنطقة إلى بذل جهود مستمرة للتنويع الاقتصادي، بما في ذلك الإصلاحات المالية والهيكلية. وسيتعين على حكومات دول مجلس التعاون الخليجي لعب دور متزايد في تحفيز النمو الاقتصادي خلال 2019”.