كتب – عبدالله المملوك :
نظمت إدارة العلاقات العامة والإعلام في وزارة النفط الكويتية، اليوم حلقة نقاشية بعنوان “تسرب الغاز من شبكة خطوط انابيب نورد ستريم والتداعيات الاقتصادية والبيئية “، حاضر فيها ممثل أوابك المهندس وائل حامد عبد المعطي، خبير صناعات غازية بالمنظمة، وحضرها عدداً من المهتمين والباحثين من الشئون الفنية والاقتصادية في الوزارة والضيوف من الهيئة العامة للبيئة ومعهد الكويت للأبحاث العلمية ووزارة الكهرباء والماء والطاقة المتجددة والإعلاميين.
اقرأ أيضاً.. روسيا تتّهم لندن بالضلوع في انفجارات خط أنابيب غاز نورد ستريم
وفي بداية الحلقة النقاشية، قالت مدير العلاقات العامة والإعلام في وزارة النفط الشيخة تماضر خالد الأحمد الجابر الصباح، أن الحلقة النقاشية التي تنظمها الوزارة حضورياً تعتبر الأولى منذ تفشى جائحة كورونا، واضطرار الوزارة لعقد الندوات والحلقات النقاشية إلكترونياً عن بُعد طوال العامين الماضيين.
وذكرت ان وزارة النفط حريصة على عودة التفاعل الحضوري في الندوات والحلقات التي تعقدها وذلك لضمان استفادة جميع الحضور من الحلقة النقاشية، وطرح الاسئلة من الحضور، مشددة على ان الوزارة مستمرة في عقد العديد من الحلقات النقاشية خلال الفترة المقبلة والتي ستغطي العديد من القضايا النفطية على الساحة المحلية والعالمية.
من جانبه، قال خبير صناعات غازية في منظمة (أوابك) المهندس وائل حامد عبدالمعطي، أن السوق الأوروبي يعد ثاني أكبر سوق مستورد للغاز عالميا بعد السوق الآسيوي، وتصل درجة اعتماده على الواردات إلى 67%، مشيراً إلى أن روسيا شكلت نحو 32% من إجمالي الطلب الأوروبي على الغاز في عام 2021، لتتصدر بذلك قائمة الدول المصدرة للغاز إلى أوروبا. كما يعد السوق الأوروبي الأكثر تأثراً بارتفاع أسعار الغاز الفورية كونه يتبع نظام التسعير القائم على العرض والطلب في السوق الفوري بما يصل إلى أكثر من 70% من إجمالي الواردات، بسبب عدم رغبته في توقيع عقود طويلة المدة مع كبار المنتجين.
وحول أبرز التداعيات الاقتصادية لحادث تسرب الغاز من خطي نورد ستريم-2 ونورد ستريم-2، أوضح أن تقديرات أوابك بالنماذج الهندسية تشير إلى تسرب نحو 0.75 مليار متر مكعب من الغاز وهي كمية تعادل حمولة 8 ناقلات من الغاز الطبيعي المسال مجتمعة (حمولة 170 ألف متر مكعب لكل منها) والتي تسربت بالكامل في بحر البلطيق إلى الهواء الجوي، بخسائر 1.3 مليار دولار أمريكي. أما من جانب الآثار البيئية الناتجة عن الحادث، فقد أوضح المهندس وائل أنه تسبب في تسرب ما يزيد عن 555 ألف طن من الميثان الذي يعد أشر ضرراً على البيئة من غاز ثاني أكسيد الكربون لقدرته العالية على حبس الحرارة، حيث تعادل هذه الكمية نحو 15.5 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون وهي الكمية التي تطلقها 3.3 مليون سيارة تعمل بالغازولين خلال عام كامل. وعن أبرز الدروس المستفادة من أزمة الغاز الأوروبية، فقد خلصت المحاضرة إلى:
• أهمية تنويع مصادر إمدادات الغاز، وعدم الاعتماد على “مصدر واحد”، وهو ما يبرز أهمية الغاز الطبيعي المسال في تحقيق أمن الطاقة الذي يمكن استيراده من عدة وجهات حول العالم.
• أهمية العقود طويلة المدة لضمان أمن الإمدادات وتجنب تعرض المستهلكين للتقلبات الفجائية والارتفاعات الحادة في أسعار الغاز الفورية
• التوازن بين قضايا المناخ ونزع الكربون من جانب، وتحقيق أمن الطاقة من جانب آخر، لضمان تحقيق منظومة للطاقة المستدامة في المستقبل.
وفي هذا السياق، أشاد خبير أوابك، بمشروع “مرفأ الزور” للغاز الطبيعي المسال في دولة الكويت الذي تم بدأ تشغيله شهر يوليو 2021، وهو المشروع الأكبر من نوعه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بطاقة تغويز تصل إلى 3 مليار قدم مكعب يوميا وسعة تخزين تصل إلى 1.8 مليون متر مكعب. حيث مكن هذا المشروع دولة الكويت من تنويع مصادر إمداداتها من الغاز عبر استيراد الغاز الطبيعي المسال من عدة وجهات، فخلال التسعة شهور الأولى من عام 2022 استقبل مرفأ الزور أكثر من 4.5 مليون طن غاز طبيعي مسال حسب التقديرات الأولية من عدة وجهات شملت دولة قطر، والولايات المتحدة، ونيجيريا، ودولة الإمارات، وسلطنة عمان، وترينيداد وتوباغو وبأسعار معقولة أقل بكثير من الأسعار السائدة في السوق الفوري، بفضل العقود طويلة المدة التي وقعتها مؤسسة البترول الكويتية مع كبار المنتجين ومن بينها العقد المبرم مع شركة قطر للطاقة لاستيراد 3 مليون طن/السنة من الغاز الطبيعي المسال لمدة 15 عاماً. موضحاً أن مثل هذه العقود تضمن توفير الإمدادات بشكل آمن وموثوق ومستدام إلى دولة الكويت، وكذلك تؤمن عائدات للدول المصدرة لضمان استمرار ضخ الاستثمارات في تطوير قطاع الغاز للالتزام بالكميات التعاقدية. علما بأن تكلفة حمولة ناقلة الغاز الطبيعي المسال (حجم 170 ألف متر مكعب) وصلت إلى 140 مليون دولار في السوق الفوري بسبب الارتفاع الحاد في الأسعار، بينما تقدر تكلفتها في العقود طويلة المدة بنحو 35 مليون دولار، وهو ما يعني وفر بعشرات الملايين من الدولارات شهرياً لدولة الكويت.