هل المحركات الكهربائية صديقة للبيئة؟ «2»

هل المحركات الكهربائية صديقة للبيئة؟ «1»
م. عبدالرحمن النمري
بقلم: م. عبدالرحمن النمري

عودا على بدء، تناولت في المقال الأول من هذه السلسلة المحركات الكهربائية، التي صاحبها زخم إعلامي قوي خلال السنوات القليلة المنصرمة، وذلك بغرض التسويق لها وتصويرها على أنها صديقة للبيئة. ذكرت أن هناك تحركا ملحوظا من بعض دول العالم، خصوصا الدول الأوروبية لسن تشريعات وتنظيمات للمساعدة على زيادة الحصة السوقية لهذا النوع من المحركات وانتشارها، وعرجت على بعض الأرقام المهمة عن مستقبل عدد المركبات التي تعمل بالمحركات التقليدية ذات الاحتراق الداخلي، مقارنة بعدد المركبات التي تعمل بالمحركات الكهربائية. بناء على بعض الدراسات المستقبلية، ومنها الأرقام الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، وخلصنا في المقال السابق -من وجهة نظر شخصية- إلى أنه ليس هناك تهديد مؤثر في الوقود الأحفوري بسبب السيارات الكهربائية، وأنه لا يمكن بأي حال من الأحول أن نصفها بأنها صديقة للبيئة والطاقة الكهربائية المستخدمة لتشغيلها ناتجة عن مولدات للكهرباء تعمل على الفحم، كما في كثير من دول أوروبا! ولا يمكن أيضا وصفها بأنها صديقة للبيئة وبطاريات الليثيوم التي تخزن هذه الطاقة الكهربائية فيها ذات عمر قصير جدا، وفي التخلص منها خطر على البيئة!
ختمت المقال السابق بسؤال سيكون بإذن الله تعالى محور هذا المقال والسؤال هو: “هل سيقف صانعو السيارات ذات المحركات التقليدية، وصناع القرار في الدول المنتجة للنفط مكتوفي الأيدي؟”.
اطلعت قبيل أسابيع على مشاركة “أرامكو” السعودية للمرة الأولى في معرض جنيف الدولي للسيارات في سويسرا الذي امتد إلى عشرة أيام من اليوم السابع من آذار (مارس) إلى اليوم الـ17، واستعرضت فيه “أرامكو” السعودية عددا من تقنيات المحركات التي تسهم في رفع مستوى الكفاءة، وأيضا الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. الحقيقة: إن مشاركة “أرامكو السعودية” التي نفخر بها جميعا كسعوديين بطاقاتها الهائلة في مجال البحث والتطوير في هكذا معارض ومؤتمرات، هي خطوة موفقة جدا وتشكر عليها، فمشاركتها وغيرها من الشركات والجهات النفطية ذات الثقل العالمي مطلب مهم وملح ليس بغرض مشاركة الأفكار والتقنيات وحسب، بل أرى في حضورها تحجيما للمبالغات الإعلامية التي يهدف بعضها إلى التشكيك بكل ما يتعلق بالنفط ومستقبله، التي تعمل في المقابل على إظهار المحركات الكهربائية بغير مظهرها الحقيقي وإنزالها في غير منزلها. لا أشك أبدا أن في حضورها رسالة واضحة بأننا كنا وما زلنا نسخر كل طاقاتنا ومواردنا لعمل كل ما يلزم للحفاظ على البيئة ورفع كفاءة الطاقة، فمن التقنيات والابتكارات التي لفتت انتباهي، وشاركت بها “أرامكو السعودية” في معرض جنيف: تقنية احتجاز الانبعاثات الكربونية الخارجة من عوادم السيارات، وتقنية الإشعال بضغط البنزين، وتقنية المحركات التي تعمل بطريقة المكابس المتقابلة. الجدير بالذكر أن لـ”أرامكو السعودية” شبكة بحوث عالمية في مجال وسائل النقل في كل من الظهران، وديترويت، وباريس، وبكين، بالتعاون مع فرق بحثية وجهات أكاديمية وصناعية لتطوير التقنيات التي تشمل محركات الاحتراق الداخلي المتقدمة.
ختاما، لا يعتريني شك في أن المصالح الشخصية لبعض الجهات والمنظمات والشركات غير الاحترافية تدفعها أحيانا إلى عدم المصداقية، وتارة للصمت وأخرى لشن حملات إعلانية وإعلامية مضللة، فماذا نحن فاعلون؟