مناهضي «أوبك».. هل تغيرت قناعاتكم؟ «2»

بقلم: م. عبدالرحمن النمري

عودا على بدء، ذكرت في المقال السابق أن منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” خلال 60 عاما منذ تأسيسها في (سبتمبر) أيلول من عام 1960، واجهت تحديات كثيرة ومنعطفات خطيرة في مسيرتها من معارك بين بعض الدول، وقضايا اقتصادية وسياسية وجيوسياسية وطبيعية وفنية ألقت بظلالها على العالم بأسره وبلا شك أثرت في “أوبك” وأعضائها، فهم جزء لا يتجزأ من هذا العالم يجري عليهم ما يجري عليه، وضحت أن الهدف من تأسيس “أوبك” ليس التحكم في أسواق النفط وأسعارها كما يدعي البعض، بل الهدف تأمين الاستقرار في أسواق النفط، بعد سيطرة مجموعة عرفت حينها بالأخوات السبع التي كانت مؤلفة من سبع شركات نفطية عالمية استولت آنذاك على أسواق النفط وسيطرت عليها سيطرة محكمة، حيث كانت تتحكم هذه المجموعة بالكميات المستخرجة والإنتاج والصادرات وتحكمت في الأسعار والجهات المستفيدة منه.
مواقف تاريخية سجلتها “أوبك” بقيادة المملكة، ومواقف نعيشها الآن في ظل جائحة كورونا كوفيد – 19 نجحت فيها “أوبك” في استقرار أسواق النفط من أجل تأمين إمدادات فاعلة واقتصادية ومنتظمة من النفط للمستهلكين، حافظت فيه على الأسعار وأحدثت توازنا بين العرض والطلب استقرت على ضوئه الأسعار في نطاق مناسب ومجد للمنتجين والمستهلكين في ظل هذه الظروف الاستثنائية. هذه المواقف سيسجلها التاريخ بلا شك، فهل من متدبر منصف؟ من أهم محطات “أوبك” والتحديات التي مرت بها وتجاوزتها، حرب أكتوبر عام 1973، وبعد ستة أعوام في عام 1979 انخفض إنتاج النفط بصورة مؤثرة، بسبب الثورة الإيرانية ارتفعت فيه أسعار النفط إلى نحو 70 دولارا.
من أهم الأحداث وأكثرها تأثيرا في المنطقة هو الغزو العراقي للشقيقة الكويت عام 1990، الذي تسبب في نقص حاد للإمدادات النفطية وإرباك أسواق النفط تعاملت “أوبك” بقيادة السعودية بفاعلية ونجحت في موازنة الأسواق. تلا هذه الأحداث الأزمة المالية الآسيوية عام 1997 التي ألقت بظلالها على الاقتصاد العالمي وأثرت في أسواق النفط وأسعارها، وبعد ستة أعوام في عام 2003 تأثرت أسواق النفط بالحرب على العراق أحد المنتجين الرئيسين للنفط، التي أثرت في أسواق النفط والاستقرار في المنطقة.
حدث عام 2008 ليس بأقل من سابقيه تأثيرا وتحديا، فالأزمة المالية العالمية التي تسببت في انهيار أسعار النفط من 147 دولارا إلى نحو 32 دولارا. مطلع عام 2016 بلغ فائض معروض النفط أعلى مستوياته منذ أكثر من عشرة أعوام بمتوسط خمسة ملايين برميل يوميا، ما أدى إلى تدهور الأسعار، فكان للمملكة موقف تاريخي وجهد استثنائي يشار إليه بالبنان أدى لاتفاق تاريخي نهاية عام 2016، حيث اتفق الأعضاء في “أوبك”، ومنتجون مستقلون على رأسهم روسيا على خفض إنتاج النفط، ما حافظ على الأسعار من مزيد تدهور. الاقتصاد العالمي لم يكن في أفضل حالاته منذ عامين، وزادت جائحة كورونا كوفيد – 19 الطين بلة تسببت في أزمة اقتصادية هي الأقوى منذ عقود طويلة، وكالعادة على الموعد لم تأل “أوبك” بقيادة السعودية جهدا لتجاوز هذه الأزمة وتخفيف آثارها القوية. أحيانا أتساءل، هل كان هناك غشاوة على أعين مناهضي “أوبك”؟ وهل أزالت جائحة كورونا هذه الغشاوة؟