محللون نفطيون يتوقعون استمرار تقلبات الأسعار

توقع مختصون ومحللون نفطيون استمرار تقلبات أسعار النفط الخام خلال الأسبوع الجاري بعدما اختتمت السوق تعاملات الأسبوع وتموز (يوليو)، على مكاسب بفعل تقلص المخزونات النفطية وتراجع الإنتاج الأمريكي، إضافة إلى جهود تكتل “أوبك +” في تقليص المعروض النفطي العالمي.
وأوضح المختصون أن المكاسب السعرية يكبحها استمرار تسارع الإصابات بفيروس كورونا وتنامي المخاوف على الطلب العالمي على النفط الخام والوقود، إضافة إلى حالة عدم اليقين المحيطة بآفاق الاقتصاد العالمي بشكل عام.
ويقول لـ«الاقتصادية» مختصون ومحللون إن الطلب العالمي على النفط الخام يكافح من أجل التعافي وسط عودة الإصابات بالفيروس وهو ما يمثل تحديا لمجموعة المنتجين في “أوبك +” الذين بدأوا بالفعل استئناف بعض إنتاج الخام الذي توقف خلال فترة ذروة الوباء، مشيرين إلى أن هذا الإجراء يراه البعض أنه قد يدفع السوق إلى انخفاض الأسعار مرة أخرى بسبب وفرة المعروض، لكن تقديرات “أوبك” أنه معدوم التأثير في الأسعار.
وفي هذا الإطار، يرى روس كيندي العضو المنتدب لشركة “كيو إتش إي” لخدمات الطاقة أن السوق تترقب نتائج خطوة “أوبك +” الجديدة ومدى تأثيرها في المعروض ومدى الالتزام بعدم زيادة الصادرات وتخصيص الزيادات للاستهلاك المحلي، لافتا إلى أن الأسعار في الأغلب ستواصل حالة التقلبات والتذبذبات خلال الأسبوع الجاري.
وأوضح أن تحالف “أوبك +” بقيادة السعودية وروسيا حقق خطوات مميزة منذ اندلاع الأزمة ونجح في تقليص المعروض بمستوى قياسي بلغ 9.7 مليون برميل يوميا أو ما يقرب من 10 في المائة، من العرض العالمي وذلك بعدما تدهور الطلب بشكل حاد في آذار (مارس) ونيسان (أبريل) الماضيين وقد بدأ المنتجون في “أوبك +” مع بداية الشهر الجاري إعادة تشغيل نحو مليوني برميل يوميا وقد تنخفض الزيادة في الإنتاج إلى 1.5 مليون برميل بسبب تعويضات بعض المنتجين لتقصير في الامتثال لخفض الإنتاج في الشهور الماضية.
من جانبه، يقول دامير تسبرات مدير تنمية الأعمال في شركة “تكنيك جروب” الدولية إن الخطوة الجديدة لتكتل “أوبك +” طبيعية للغاية بعد ثلاثة أشهر من التخفيضات القياسية الصارمة التي شارك فيها 23 منتجا وتمكنت بالفعل من استرداد الأسعار من المنطقة السلبية إلى مستويات جيدة نسبيا حيث تضاعف أسعار الخام الدولية ثلاث مرات تقريبا من المستويات المنخفضة التي وصلت إليها في أواخر نيسان (أبريل) الماضي ما رفع العقود الآجلة لخام برنت إلى 43 دولارا للبرميل.
وأضاف أن تراجع المخزونات النفطية الأمريكية هو مؤشر جيد على تصحيح السوق لمساره ونجاح المنتجين في امتصاص فائض المعروض والمخزونات ودفع السوق نحو توازن نسبي تدريجي بين العرض والطلب، مشيرا إلى تأكيد وكالة الطاقة الدولية بأن الأسواق تتعافي تدريجيا، لكن هناك شكوكا بشأن الانتعاش الاقتصادي على الصعيد العالمي خاصة مع توقع حدوث موجة ثانية من الوباء”.
ويؤكد بيتر باخر المحلل الاقتصادي ومختص الشؤون القانونية للطاقة أن اجتماع اللجنة الوزارية لمراقبة اتفاق خفض الإنتاج الذي سينعقد في 18 آب (أغسطس) الجاري، الذي يعقد للمرة الثالثة على التوالي بشكل شهري، سيعيد تقييم وضع السوق في ضوء المستجدات والمتغيرات الجديدة، مشيرا إلى أن الاجتماع تكمن أهميته في أنه أول اجتماع بعد مرور أكثر من أسبوعين على تخفيف قيود خفض الإنتاج ما يتطلب مراجعة أكثر دقة من الشهور الفائتة والبحث في إمكانية إجراء تعديلات على استراتيجية عمل المنتجين.
وأضاف أن وفرة المعروض في الأسواق ما زالت هي التحدي الرئيس أمام المنتجين خاصة في ضوء توقعات لشركة “ريستاد إنرجي” ترجح أن يتجاوز العرض الطلب بمقدار 700 ألف برميل يوميا الشهر المقبل ومليوني برميل يوميا في أيلول (سبتمبر) المقبل، لكن السعودية كعادتها طمأنت السوق حيث أكدت أن تأثير إنتاجها الإضافي سيتم تحييده لأنها تحرق البراميل الإضافية في السوق المحلي حيث يرتفع الطلب على تكييف الهواء خلال الصيف، كما أنها تحث الآخرين على الالتزام بالحصص المعتادة لمنظمة أوبك خاصة العراق ونيجيريا والامتناع عن زيادة الإنتاج.
بدورها، تقول أرفي ناهار مختص شؤون النفط والغاز في شركة “أفريكان ليدرشيب” الدولية إن أسعار النفط الخام تحاول النجاة من ضغوط هبوطية حادة ما ينذر بمزيد من التقلبات خاصة مع استمرار جائحة فيروس كورونا في الانتشار عبر عديد من الاقتصادات الكبرى مشيرة إلى أن قيود “أوبك” وحلفائها يعود إليها الفضل بشكل رئيس في انتشال النفط من انخفاض تاريخي وقت أن بلغت أسعاره إلى ما دون الصفر في نيسان (أبريل) الماضي، لكن البعض يرى أنه وقت محفوف بالمخاطر لإضافة مزيد من الإمدادات إلى السوق.
ولفتت إلى أن الاقتصاد الأمريكي عانى من أكبر تراجع له منذ أربعينيات القرن الماضي وذلك على الأقل في الربع الثاني من العام الجاري ما يسلط الضوء على التأثير المدمر للوباء، لافتة إلى توقعات لشركة “رويال داتش شل” بأن الطلب قد لا يشهد انتعاشا كاملا حتى العام المقبل، مشيرة إلى أن وتيرة تعافي الطلب وانخفاض المخزونات ستكون بطيئة نسبيا، لذا من المرجح أن تبقى مستويات أسعار النفط الخام في مسار معتدل نسبيا.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، ارتفعت أسعار النفط الجمعة محققة مكاسب شهرية، مدعومة بأنباء عن أن تخفيضات إنتاج النفط الأمريكي في أيار (مايو) كانت الأكبر على الإطلاق.
وجرت تسوية خام برنت بزيادة 37 سنتا، أي ما يعادل 0.9 في المائة، إلى 43.31 دولار للبرميل، فيما صعد الخام الأمريكي 35 سنتا، أو 0.9 في المائة، إلى 40.27 دولار بعد نزوله 3.3 في المائة، في الجلسة السابقة، ليرتفع أيضا عن مستويات متدنية لم يشهدها منذ العاشر من تموز (يوليو).
وسجل خام برنت صعودا للشهر الرابع على التوالي وسجل الخام الأمريكي ارتفاعا لشهر ثالث، إذ زاد كلاهما من قاعين في نيسان (أبريل) عندما كانت أغلبية مناطق العالم في حالة إغلاق بسبب جائحة فيروس كورونا.
وبحسب تقرير شهري أصدرته إدارة معلومات الطاقة الأمريكية الجمعة، هوى إنتاج النفط الخام الأمريكي في أيار (مايو)، إذ نزل بمقدار قياسي بلغ مليوني برميل يوميا إلى عشرة ملايين برميل يوميا.