
تواصلت ردود الفعل الإيجابية في السوق النفطية على تصريحات المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودى، الذي أكد تمسك المنتجين في “أوبك” وخارجها بخفض الإنتاج، رغم توقعات نمو الطلب على النفط الخام خلال السنوات المقبلة.
ووفقا لصحيقة “الاقتصادية” أدت هذه التصريحات إلى أن يستهل النفط الخام تعاملات الأسبوع على ارتفاع ملحوظ بفعل الأجواء الإيجابية في السوق، خاصة بعدما أظهرت بيانات حديثة تراجع أنشطة الحفر الأمريكية مع استمرار نمو الإمدادات من الولايات المتحدة، وهو ما سيؤدي إلى نمو المعروض على نحو كبير في السنوات الخمس المقبلة، بحسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية.
وقال مختصون ومحللون دوليون، “إن السعودية تلعب دورا مؤثرا في قيادة السوق نحو التوازن والاستقرار، كما أن تصريحات المهندس خالد الفالح تصب دوما في مصلحة استبعاد المخاوف وتعزيز الثقة وتأكيد ترابط منظومة العمل الجماعي للمنتجين”.
وأفاد المختصون أن السعودية أكدت أن مستوى إنتاجها في نيسان (أبريل) سيكون مشابها لمستوى آذار (مارس) الجاري عند 9.8 مليون برميل يوميا مع خفض مستوى الصادرات، وهو ما يعكس جهودا مؤثرة في علاج تخمة المعروض في الأسواق والتعجيل باستعادة الاستقرار والتوازن في السوق، خاصة مع اقتراب موعد مراجعة الإنتاج خلال اللقاء الوزاري الموسع للمنتجين في “أوبك” وخارجها في فيينا الشهر المقبل.
وفي هذا الإطار، أكد لـ”الاقتصادية” رينهولد جوتير مدير النفط والغاز في شركة سيمنس، أن آفاق الطلب إيجابية على الرغم من كل التحديات التي تواجه الصناعة والسوق في المرحلة الراهنة، مشيرا إلى أن النفط سيظل في صدارة مزيج الطاقة بسبب زيادة الاحتياج إلى البتروكيماويات ووقود الطائرات، وهما من الصعب تدابير بدائل لهما من موارد الطاقة المتجددة.
وذكر أن الزيادات الواسعة في إنتاج الولايات المتحدة والبرازيل تقابلها تراجعات حادة في إنتاج كل من إيران وفنزويلا، علاوة على تقلب مستويات الإمدادات في ليبيا، مبينا أنه بالنظر إلى طفرة الطلب المتوقعة خلال السنوات المقبلة قد لا يستبعد حدوث عجز مستقبلي في الإمدادات، وهو ما سيعمل تحالف المنتجين على تفاديه من خلال تعديل سياسات الإنتاج وفقا لمتغيرات السوق ومتطلباتها.
من ناحيته، قال لـ”الاقتصادية” روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، “إن تقرير وكالة الطاقة الدولية أعطى بيانات دقيقة عن استمرار وفرة الإمدادات من دول خارج “أوبك” على رأسها الولايات المتحدة والبرازيل والنرويج، وأيضا الوافد الجديد جيانا، التي تسعى لتحل محل فنزويلا، وتعوض تراجعات الإنتاج الحادة فيها التي قدرت بنحو 40 في المائة خلال أشهر قليلة”.
ولفت إلى أن تقرير وكالة الطاقة يدعم فكرة قيادة السعودية وروسيا تحالف المنتجين في “أوبك” وخارجها نحو التمسك بخفض الإنتاج لاستيعاب تأثير هذه الإمدادات الوفيرة، مبينا أن شراكة المنتجين توفر آلية فعالة لعلاج أوجه الخلل والقصور في السوق، إضافة إلى استيعاب مستجدات العوامل الجيوسياسية.
من جانبه، قال لـ”الاقتصادية” أندريه جروس مدير قطاع آسيا فى شركة “إم إم إيه سي” الألمانية للطاقة، “إن الخسائر في الإنتاجين الفنزويلي والإيراني جاءت حادة بشكل يفوق التوقعات”، لافتا إلى أن الإنتاج الإيراني خسر على نحو واسع الأسواق الآسيوية، خاصة في ضوء تراجع الطلب الصيني بصفة خاصة في الأشهر الأخيرة.
وأضاف أن “الصين والهند تمثلان نحو 80 في المائة من الطلب الآسيوي، حيث تراجعت وارداتهما من النفط الإيراني بشكل حاد خلال أشهر قليلة، وهو ما يعني أن حلفاء طهران يتخلون عنها”، مبينا أن الجميع استجاب لضغوط العقوبات الأمريكية الصارمة.
بدورها، قالت لـ “الاقتصادية” ويني أكيلو المحللة الأمريكية في شركة “أفريكا إنجنيرينج”، “إن أسعار خام برنت لا شك أنها تلقت دعما جيدا من تصريحات الوزير الفالح، ما جعلها تتخطى 66 دولارا للبرميل، وساعد على انتعاش الأسعار التزام “أوبك” وحلفائها بخطة خفض المعروض النفطي، بالتزامن مع تراجع أنشطة الحفر الأمريكية”.
وأشار إلى أن قرار السعودية بخفض مستوى صادراتها من النفط الخام إلى أقل من سبعة ملايين برميل يوميا في نيسان (أبريل) المقبل يمثل مزيدا من الضغط على المخزونات الأمريكية ويدفع الأسعار إلى مزيد من التعافي بما ينعش عجلة الاستثمار ويخفف من تأثيرات الزيادات المستمرة في الإنتاج الأمريكي، عادا البيانات الأمريكية أكثر تفاعلا مع متغيرات السوق، ولذا سيكون لخفض الصادرات السعودية تأثير قوي داعم للأسعار.
وفيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط أمس، مدعومة بتعليقات من المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية الذي استبعد إنهاء تخفيضات الإنتاج التي تقودها “أوبك” قبل حزيران (يونيو) المقبل، وتقرير أظهر تراجع أنشطة الحفر الأمريكية.
وسجلت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 56.36 دولار للبرميل بحلول الساعة 07:38 بتوقيت جرينتش مرتفعة 30 سنتا بما يعادل 0.5 في المائة عن سعر الإغلاق السابق.
وزادت العقود الآجلة لخام برنت 28 سنتا بما يوازي 0.4 في المائة إلى 65.02 دولار للبرميل.
ورغم المكاسب، إلا أن الأسواق تجد صعوبة في مواصلة الارتفاع بعد أن عززت بيانات الوظائف الأمريكية المخاوف بشأن امتداد التباطؤ الاقتصادي في آسيا وأوروبا إلى الولايات المتحدة، حيث لا يزال النمو يتمتع بالمتانة.
وتلقى أسواق النفط بصفة عامة دعما هذا العام من تخفيضات الإنتاج الجارية التي تقودها منظمة البلدان المصدرة للنفط “أوبك” وبعض الحلفاء من خارجها مثل روسيا، المعروف باسم “أوبك+”.
وتعهدت “أوبك+” بخفض الإنتاج 1.2 مليون برميل يوميا منذ بداية العام لتقليص الفائض ودعم الأسعار.
وقال الوزير الفالح لـ “رويترز” أمس الأول “إنه سيكون من السابق لأوانه إجراء تغيير في سياسة إنتاج “أوبك+” خلال اجتماعهم في نيسان (أبريل) المقبل”.
وأضاف “سنرى ما الذي سيحدث بحلول نيسان (أبريل)، وما إذا كان هناك أي تعطل غير متوقع في مكان آخر، لكن فيما عدا ذلك أعتقد أننا سننتظر”.
ولقيت أسعار النفط دعما من أحدث تقرير أسبوعي لشركة خدمات الطاقة الأمريكية بيكر هيوز، الذي أظهر أن عدد منصات الحفر العاملة لإنتاج نفط في الولايات المتحدة انخفض بواقع تسع إلى 834.
وتراجعت سلة خام “أوبك” وسجل سعرها 64.78 دولار للبرميل يوم الجمعة مقابل 65.57 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” أمس، “إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول انخفاض عقب ارتفاع سابق، كما أن السلة خسرت نحو دولار واحد، مقارنة بأول تعاملات الشهر الجاري التي سجلت فيها 65.32 دولار للبرميل”.