
الشاب الهندي فيصل كوتيكولون، حصل اخيرا على درجته الجامعية في مجال الهندسة في أمريكا، وبدأ رحلة البحث عن عمل في منتصف التسعينيات. كان من الطبيعي ان يحصل الشاب الواحد على عقد عمل جيد في دول الخليج العربي، بسبب تميزه الدراسي ، وشهادته التي حصل عليها من جامعة أميركية كبرى.
لذلك، كانت وجهته تلك الدولة الواعدة في منتصف الخليج التي تعتبر مغناطيس الفرص، وهي دولة الامارات العربية المتحدة.
رحل فيصل الى الامارات، واستقر في دبي. وكأي شخص آخر، احب العمل والبقاء فيها. وبخبرة الشاب الهندي، شعر ان هذا المكان سيضم في المستقبل القرب فرصاً ممتازة ، افضل بكثير من الموجودة في الهند – بلده الاصلي – او اوروبا وامريكا ، على الرغم ان الامارات لم تكن بنفس التطور المذهل الذي تشهده اليوم في تلك الفترة.
ليس مجرد عقد عمل
أقام فيصل في دبي عدة أسابيع، وبدأ يبحث عن فرص هذا البلد. ع حصوله على فرصة عمل عادية، بدأ يكون شبكة علاقات جيدة، وبدأ يسأل اصدقاءه في دبي عن رأيهم حول الصناعات التي تنقص الامارات، وما الاشياء التي عادة ما تستوردها الدولة من الخارج.
كان يبحث في كل شيء.
كانت الاجابات عادة تنصحه بأن مجال التجارة في الامارات مميز، اما المجال الصناعي فليس فيه الكثير من المعلومات. ولكن ، وبسبب الخلفية الصناعية لفيصل ، قرر ان يركز على الامر ، ويحاول ان يستشف المسار الصناعي لهذه الدولة الطموحة الناشئة.
ما أهم شيء صناعي يرتبط بدولة ناشئة غنية بالنفط، وتعتمد عليه بشكل كبير – آنذاك – ؟
بالتأكيد قطاع الغاز والنفط، وهو ما جعل فيصل يركز في تفاصيله بشكل اكبر. يبحث عن الاشياء الصغيرة ، الثغرات ، التي يمكن ان يدخل بها الى هذا القطاع ويضيف اليه قيمة مضافة Added Value ، مهما كانت صغيرة ، ولكنها يجب ان تكون فعالة.
حتى وصل اليها أخيراً.
الثغرة
لاحظ فيصل كوتيكولون أن في مجال الغاز والنفط في الامارات، يوجحد العديد من العمليات التصنيعية والانتاجية ، الكثير منها مصنع محليا، وبعضها يستورد من الخارج. من أهمها : السبائك. كانت الامارات تسوردها بشكل كبير من الخارج ، رغم اهميتها في عملية التصنيع والانتاج النفطي.
وما اعتبر نقصاً في السوق، اعتبر بالنسبة لفيصل كنزاً ثميناً.
استغل فيصل نقص السبائك في السوق الاماراتي ، واطلق شركة صغيرة متخصصة في صناعة السبائك الفولاذية التي تستخدم في قطاعات النفط، مثل الصمامات والمضخات. لاحقاً، وبعد انتاجها بكفاءة، قام بتسويق هذه السبائك بشكل كبير في الامارات، عارضاً عليهم العرض الذي لا يمكن رفضه: سبائك مصنعة محلياً، بأسعار ممتازة اذا قورنت بالعالمية.
الطبيعي هو ما حدث. اقبال كبير من الشركات العاملة في الامارات عليه، وطلب كبير في زمن قياسي.
كيان عملاق بدأ بخمسة آلاف دولار
ولم يمر وقت قصير، ومع حجم الطلب الهائل، حقق فيصل ارباحاً هائلة، حولت شركته الصغيرة التي بدأها برأس مال لا يتجاوز الخمسة آلاف دولار، الى عملاق في صناعة السبائك في الامارات، يدعى KEF. تعتبر الىن واحدة من اهم شركات الامارات العاملة في البترول والتعدين والغاز.
بل ، واعتبرت لعدة سنوات من اهم الشركات الاقليمية الموردة للسبائك المعدينة والفولاذية لشركات نفطية ضخمة في المنطقة، مثل نفط الكويت ونفط عمان وقطر للبترول الى جانب اكثر من 70 عميلاً اقليمياً وعالمياً، واعتبرت واحدة من افضل شركات السبائك في العالم.
في النهاية ، استحوذت دبي القابضة على حصة كبيرة من KEF ، الصرح الصناعي الذي أسسه الطالب الهندي الطموح الذي جاء الى دبي، وقام خلال 11 عاماً فقط ببناء امبراطورية صناعية عابرة للقارات، ساعدته بتكوين ثروة تقدر بحوالي نصف مليار دولار.
بحث فيصل كوتيكولون عن الثغرة ، ووجدها ، واستغلها أفضل استغلال ممكن!