
قرر صندوق الثروة السيادي في النرويج، الأكبر في العالم، الذي تأتي بعض إيراداته من قطاع الطاقة التخلى عن شركات عاملة في قطاعي النفط والغاز للحد من تعرض الدولة الاسكندنافية لتقلبات الخام.
ووفقا ل”الاقتصادبة” فإن القرار لا يشمل الكبار في هذا المجال مثل “إكسون موبيل”، و”توتال”،وإذا كانت الاعتبارات المالية وليست البيئية تملي هذا القرار، فإن تخلي الصندوق عن بعض الشركات ولو جزئيا يعد متسقا مع استراتيجية عالمية لمواجهة التغير المناخي.
وبحسب “الفرنسية”، تبلغ ثروة الصندوق السيادي النرويجي أكثر من ألف مليار دولار.
وأوضحت سيف جنسن وزيرة المالية أن “هذا الأمر يتعلق بتقليل المخاطر” في مواجهة انخفاض دائم في أسعار النفط، وأنه ينبغي ألا ينظر إلى الأمر كمؤشر على عدم الثقة بمستقبل صناعة النفط.
وبحسب “الفرنسية”، فإن المعني بالقرار هو شركات الاستكشاف والإنتاج، الأمر الذي يمكن أن يؤثر في “تشيزابك” الأمريكية و”أنكانا” الكندية و”شينوك” الصينية و”موريل إيه بروم” الفرنسية أو البريطانية “تولو”.
ويستثني القرار المجموعات العاملة في التوزيع والتكرير وغيرها أو ذات الخدمات المتكاملة، أي الناشطة في جميع القطاعات مثل العمالقة “بي بي” و”إكسون موبيل” و”شل” و”توتال”.
ويتعلق المقترح الحكومي بمبلغ 7.5 مليار دولار من الأصول من أصل 37 مليار دولار يملكها في قطاع النفط والغاز.
وما لم يطرأ تغيير مفاجئ، فمن المتوقع تبني الاقتراح بدون أي مشكلة من جانب البرلمان حيث تتمتع الحكومة بالغالبية، ويعكس المشروع جزئيا التوصيات التي قدمها البنك المركزي.
وكان البنك المركزي المسؤول عن إدارة “صندوق النفط”، أثار زوبعة في تشرين الثاني (نوفمبر) 2017 عبر المطالبة بالخروج الكامل من قطاع النفط.
والنرويج أكبر منتج للمحروقات في أوروبا الغربية، ويمثل النفط والغاز الطبيعي نحو نصف الصادرات و20 في المائة من عائدات الدولة التي تسحب أموالا من الصندوق السيادي لتمويل موازنتها. وبهدف الحد قليلا من تعرض المالية العامة لهبوط حاد في الأسعار مثلما حدث عام 2014، دعا البنك المركزي إلى الكف عن توظيف الأموال في قطاع النفط وبيع الأصول الموجودة.
وعلى غرار البنك المركزي آنذاك، أوضحت وزيرة المالية أن اقتراحها “لا يعكس رأيا ما حول تطور سعر النفط، أو الربحية مستقبلا لقطاع النفط والغاز أو طبيعته الدائمة”، مشددة على أن “صناعة النفط ستكون نشاطا مهما في النرويج لسنوات عديدة”.
إلا أن المنظمات المدافعة عن البيئة والجهات الفاعلة في مجال تغير المناخ تعد القرار نجاحا مرحبا به في وقت يبدو فيه كوكب الأرض يعاني من أجل تحقيق أهداف اتفاق باريس للمناخ.
ويعتقد يوسي كادان المسؤول في منظمة “350. أورج” غير الحكومية، أنه “إذا وافق البرلمان على ذلك، فسيؤدي إلى موجة من الصدمات في السوق، وأنه ينبغي أن ينظر إلى القرار على أنه تحذير أحمر للمصارف الخاصة والمستثمرين الذين أصبحت أصولهم من النفط والغاز أكثر عرضة للخطر ولا يمكن تحملها من الناحية الأخلاقية”.
ونظرا إلى المبالغ المطروحة، من المتوقع أن يستغرق الانسحاب من هذه الاستثمارات بعض الوقت، لكن قد تكون هناك بعض العراقيل لأن استثمارات الصندوق النرويجي الذي يملك ما يعادل 1.4 في المائة من قيمة الأسواق المالية في العالم تخضع للفحص الدقيق.
وقال يان إريك مسؤول إدارة الأصول في شركة التأمين النرويجية “شتوربراند”، “إنه عندما يقرر أحد أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم أنه يمكن أن يحقق عائدات مرتفعة على استثماراته بمخاطر معتدلة عبر تقليل تعرضه للنفط والغاز، فإن المستثمرين سرعان ما يأخذون علما بذلك”.
وتسبب الصندوق النرويجي بالفعل في اهتزاز السوق في الماضي عبر انسحابه من قطاع الفحم ليس لأسباب بيئية فقط لكن أيضا مالية.