توقع تقرير “وورلد أويل” الدولي قرب عودة أسعار النفط مرة أخرى إلى حالة الصعود، بعد أن تراجعت 40 في المائة تقريبا خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2018.
ووفقا ل”الاقتصادية “أشار التقرير إلى تلقي السوق دعما من هدوء وتيرة التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، إضافة إلى بدء سريان اتفاق خفض الإنتاج من قبل منتجي “أوبك+”، إلا أنه مع ذلك لا تزال الأسعار أقل من 30 في المائة من مستواها القياسي في أوائل تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.
ونوه التقرير الدولي إلى تأكيدات المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، بأن الخطة الجديدة لخفض الإنتاج مع بداية العام ستعيد الإمدادات العالمية إلى “المتوسطات العادية” مع زيادة الثقة بالسوق.
ولفت تقرير “وورلد أويل” إلى اللقاء المرتقب بين وزيري الطاقة السعودي والروسي الأسبوع المقبل على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، الذي من المرجح أن يسفر عن تفاهمات جديدة بين البلدين واستكمال التحضيرات لاجتماعات المنتجين المقبلة.
وجدد التقرير تأكيده أن إغلاق أسعار النفط على ارتفاع خلال أيام عديدة هذا الأسبوع يعد استجابة جيدة لإشارات من روسيا والسعودية بأن الأسواق على المسار الصحيح نحو تنفيذ تخفيضات الإنتاج، التي تهدف إلى علاج وفرة المعروض النفطي في السوق العالمية.
ونقل التقرير عن مسؤولين دوليين توقعهم بأن موسكو ستحقق هدفها لكبح الإنتاج في نيسان (أبريل) المقبل كجزء من اتفاقها مع منظمة أوبك، مشيرا إلى أن ذلك يجيء عقب تقرير أمريكي يظهر أن السعودية خفضت الشحنات إلى المصافي الأمريكية بمقدار الثلث في الأسبوع الماضي.
وأضاف أن الأسابيع المقبلة ستكشف مدى قدرة تحالف المنتجين في “أوبك+” على مواجهة فائض الإنتاج الأمريكي، حيث تشير أغلب التوقعات إلى نجاح تحالف المنتجين في التغلب على الوفرة الحالية في الإمدادات واستعادة التوازن السوقي.
ولفت إلى ارتفاع أسعار الخام أيضا مع ارتفاع الأسهم الأمريكية نتيجة نمو أرباح الشركات، في الوقت الذي تلاقي فيه الأسعار دعما من نجاة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي من التصويت على حجب الثقة، حيث تعد بريطانيا ثاني أكبر اقتصاد أوروبي منتج ومستهلك رئيس للطاقة.
إلى ذلك، أوضح لـ”الاقتصادية”، دان بوسكا كبير المحللين في بنك “يوني كريديت” البريطاني، أن السوق النفطية ما زالت تواجه حالة من التقلبات السعرية، بعد مكاسب جيدة سابقة بفعل اتفاق تخفيض الإنتاج وتقلص مخاوف الحرب التجارية، وقد أدت الزيادات الواسعة في الإنتاج الأمريكي إلى عودة الأسعار إلى حالة الانخفاض.
وأضاف بوسكا أنه من المتوقع أن تبلور المباحثات السعودية الروسية المرتقبة على هامش منتدى دافوس الأسبوع المقبل، تفاهمات جديدة في مواجهة المستجدات المتلاحقة في سوق النفط إلى جانب زيادة جهود التنسيق وتفعيل الالتزام على نحو أوسع بالتخفيضات من أجل التعجيل بعودة توازن السوق، ومنع تفاقم خسائر الأسعار.
ومن جانبه، يقول لـ”الاقتصادية”، رينهولد جوتير مدير قطاع النفط والغاز في شركة “سيمنس” العالمية، إن التطور التكنولوجي ورفع مستويات الكفاءة لهما دور في تقليل مستويات الطلب على النفط الخام، إلا أنه مع ذلك ستبقى الاقتصاديات الناشئة والسريعة النمو في آسيا محورا رئيسيا لنمو الطلب خلال السنوات المقبلة.
وأشار جوتير إلى أن تقلبات السوق تجيء في إطار طبيعي نتيجة تداخل تأثير عديد من العوامل المتضادة، ومنها الحرب التجارية التي تعمق المخاوف على النمو، وفي نفس الوقت نشهد طفرات واسعة من الإمدادات الأمريكية، في مقابل تخفيضات يأمل المنتجون في “أوبك+” أن تكون مؤثرة.
ومن ناحيته، يرى روبين نوبل مدير شركة “أوكسيرا” للاستشارات، أن طفرة الإنتاج الأمريكي ستكون مؤقتة إذا استمر تراجع الأسعار لأنه سيحد من القدرة على الحفر والاستثمارات الجديدة في الصناعة، وبالتالي سيتجه منحنى الإنتاج مرة أخرى للتراجع. وأضاف لـ “الاقتصادية”، أن الإنتاج الأمريكي عمل على مدار عدة سنوات على ضغط تكاليف الإنتاج إلى أقصى مستوى من أجل تحمل الأسعار المنخفضة والاستمرار في القدرة على المنافسة، مشيرا إلى أن موارد إنتاج النفط تتسع بالرغم من تقلبات الأسعار، وهناك تركيز على تنمية الإنتاج من المشروعات البحرية خلال العام الجاري.
من ناحية أخرى، تراجعت أسعار النفط أمس مع اقتراب إنتاج الخام الأمريكي من معدل غير مسبوق وهو 12 مليون برميل يوميا، في الوقت الذي بدأت فيه مخاوف من ضعف الطلب في الظهور.
وبحسب “رويترز”، لامست العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 51.92 دولار للبرميل بانخفاض 39 سنتا أو 0.8 في المائة عن الإغلاق السابق، فيما انخفضت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت 37 سنتا أو 0.6 في المائة إلى 60.95 دولار للبرميل.
وقالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إن إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة ارتفع في الأسبوع الذي انتهى في 11 كانون الثاني (يناير) إلى مستوى قياسي بلغ 11.9 مليون برميل يوميا، مقارنة بـ11.7 مليون برميل يوميا في الأسبوع السابق، والذي كان بالفعل أعلى معدل إنتاج بين دول العالم.
وارتفع الإنتاج الأمريكي بمقدار 2.4 مليون برميل يوميا منذ كانون الثاني (يناير) 2018، ما عزز المخاوف من وجود تخمة في الإمدادات.
وأظهرت بيانات الإدارة أن مخزونات البنزين الأمريكية ارتفعت أيضا بأكثر من المتوقع، وتزامنت الزيادة في إنتاج الخام بالولايات المتحدة مع ارتفاع في صادراتها التي بلغت أيضا مستوى قياسيا عند 3.2 مليون برميل يوميا بنهاية العام الماضي.
ويأتي ارتفاع الإمدادات الأمريكية وسط مخاوف من تعثر نمو الطلب بسبب تباطؤ في الاقتصاد العالمي، يعتقد بعض المحللين أنه سيتحول إلى ركود.
ولكبح تخمة النفط، تقود منظمة أوبك وروسيا جهودا لخفض الإمدادات، ما حال دون تراجع أسعار الخام بشكل حاد رغم ضعف الطلب وارتفاع الإنتاج الأمريكي.
الرئيسية أهم الأخبار