حينما تجمع تجار النفط العالميون في أكبر اجتماع سنوي لهم بآسيا خلال سبتمبر أيلول من العام الماضي، جاءت الشركات الأمريكية المنتجة للنفط وهي مستعدة جيدا.فقد أعدت إكسون موبيل الأمريكية العملاقة ومنافستها الأوروبية رويال داتش شل كتيبات لمشتري النفط تضمنت تفاصيل عن درجات الخام الأمريكي، والسبب وراء ملاءمتها لتحل محل بعض الإمدادات الطويلة الأجل لآسيا القادمة من الشرق الأوسط وأفريقيا وروسيا.
ومع تجمع قطاع النفط العالمي في لندن هذا الشهر في آي.بي ويك السنوي في لندن، ربما يحق لمنتجي الخام في الولايات المتحدة تذوق طعم نجاح حملتهم في أوروبا، مثلما كان الحال في آسيا أيضا.
ومنذ أعوام قليلة فقط، وقبل أن يقلب التكسير الهيدروليكي وثورة النفط الصخري اقتصاديات إنتاج الخام الأمريكي، كانت الولايات المتحدة أكبر مستورد للنفط في العالم بفارق كبير، وكانت تمنع تصدير الخام بأمر القانون.
والآن، بلغت شحنات النفط الأمريكي لأوروبا مستوى قياسيا مرتفعا. واستوردت أوروبا في يناير كانون الثاني 630 ألف برميل يوميا من الخام الأمريكي، وهو مستوى ما زال أقل من مشترياتها من الخام الروسي والعراقي، لكنه أعلى من منتجين آخرين في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) من بينهم نيجيريا وليبيا.
وارتفعت صادرات الخام الأمريكي بدعم من انخفاض الإمدادات من إيران وفنزويلا، اللتين فرضت واشنطن عليهما عقوبات، مما أبعد مشترين في أنحاء العالم عن نفطهما.
وفي عام 2018 بأكمله، تضاعفت الإمدادات من الخام الأمريكي إلى أوروبا إلى 430 ألف برميل يوميا، بحسب بيانات رفينيتيف ايكون. وشكل ذلك ستة في المئة من إجمالي الواردات، أو ما يعادل شحنات الخام الإيراني إلى أوروبا قبل أن تعيد واشنطن فرض عقوبات على طهران.
وقال متعامل مع تاجر أوروبي يبيع النفط الروسي ”الخام الأمريكي صداع حقيقي، فهو يزيد الضغوط على الخامات الخفيفة الإقليمية. في الواقع، تتأثر أسعار جميع الخامات نظرا لأنه إمداد إضافي مهم“.
ومن المرجح أن تتزايد الضغوط، حيث من المتوقع أن يصل الإنتاج الأمريكي في 2019 إلى 12.06 مليون برميل يوميا في المتوسط، بزيادة 1.18 مليون برميل يوميا عن العام الماضي، بحسب بيانات الحكومة الأمريكية.
وتشير التوقعات المستقبلية إلى أن الولايات المتحدة ربما تنتج نحو 15 مليون برميل يوميا من الخام، وما يصل إلى 20 مليون برميل يوميا من السوائل النفطية، وهو ما يمنحها اكتفاء ذاتيا كاملا، حيث ستغطي بالكامل استهلاكها عند 18-19 مليون برميل يوميا.
ودفع ازدهار الإنتاج الأمريكي منظمة أوبك ومنتجين رئيسيين آخرين مثل روسيا إلى خفض إنتاجهم بنحو 3-4 في المئة منذ 2017، لدعم الأسعار. وساهم الاتفاق في مضاعفة الأسعار إلى 60 دولارا للبرميل، لكن على حساب فقدان نصيب في السوق لصالح الشركات الأمريكية.
وقال مدير تنفيذي لشركة تجارية دولية، مقرها الولايات المتحدة، ”مرحبا بكم في السوق الحرة… يحتاج المنتجون المحليون إلى خفض تسعيرهم حتى يستطيعوا المنافسة، أو البحث عن أسواق أخرى“.
والمنافسة حادة على وجه الخصوص في شمال غرب أوروبا، حيث استوردت بريطانيا وهولندا 6.5 و5.1 مليون طن من الخام الأمريكي في 2018 بالترتيب.
ويقول تجار إن بي.بي وليتاسكو وإكوينور وتوتال وإكسون موبيل، كانوا من بين المشترين الرئيسيين في البلطيق الذين استبدلوا نفط بحر الشمال واستعانوا بالخامات الأمريكية بدلا منه.
وقال تاجر نفطي كبير، مشيرا إلى الخامات القياسية الأمريكية والأوروبية، ”خام غرب تكساس الوسيط هو برنت المؤرخ الجديد“.
وتشتري بي.بي الخام الأمريكي لمصفاتها جيلسنكيرشين في ألمانيا، بينما قالت أورلين البولندية في يناير كانون الثاني إنها ستخفض مشترياتها من خام الأورال الروسي من روسنفت النفطية الروسية الكبرى ذات الصلة بالكرملين بنحو 30 في المئة، وتستبدله جزئيا بالخام الأمريكي. وقال تجار إن إيسار أويل وإكسون موبيل هما المشترين الرئيسيين للنفط الأمريكي في بريطانيا.
وفي منطقة البحر المتوسط يميل المشترون للخام الأمريكي، وهم إيطاليا وأسبانيا وفرنسا، إلى استخدامه بدلا من قزوين الخفيف والأورال الروسي والخام الإيراني، حسبما قال تجار.
وأضافت هيلينيك بتروليوم اليونانية خام غرب تكساس الوسيط إلى قائمتها للخامات المفضلة، بجانب قزوين الخفيف والأورال وتوبراس التركي. وفي إيطاليا تصل إمدادات الخام الأمريكي إلى مصفاة ميلازو التابعة لشركة البترول الكويتية العالمية، وفارو إنرجي السويسرية.
وكان غرب تكساس الوسيط الخام الأمريكي الأكثر شيوعا بين المشترين الأوروبيين في 2018، يليه ميدلاند إيجل فورد وباكين ومارس.
ومع التحرك العالمي صوب قواعد تنظيمية أكثر صرامة لوقود السفن، حيث سيتزايد الطلب على الخامات الخفيفة، فإن الطلب على النفط الأمريكي، وغالبيته العظمي من الخام الخفيف، سيرتفع بمفرده.
وقال تاجر يعمل مع شركة نفطية أوروبية كبرى ”أتوقع أن يصبح الخام الأمريكي أكثر شعبية في أوروبا. يبدو أن الولايات المتحدة هي الطرف المستفيد مهما يحدث في أسواق النفط هذه الأيام“.