
بقلم:عبدالرحمن النمري
لا يخفى على أحد المبالغة الكبيرة أخيرا من بعض وسائل الإعلام حول قرب ساعة الاستغناء عن النفط وأن نجمه آفل لا محالة، هذه المبالغة في رأيي مبالغة غير موضوعية وإن جاءت على هيئة أمواج إعلامية عاتية واحدة تلو الأخرى، تشعر المهتم والمتابع لقطاع النفط كأنها أمواج منسقة ومن “مطبخ” إعلامي واحد، فتارة عن اكتساح الطاقة الشمسية للأسواق، وتارة عن تطور نوعي غير مسبوق لطاقة الرياح التي ستخلص العالم من رحمة النفط، أو بتضخيم غير منطقي وموضوعي للسيارات الكهربائية وأن العالم سيستغني عن الوقود المستخلص من النفط قريبا جدا. هناك نقاط يجب الوقوف عليها كي لا ينجرف البعض بحسن أو سوء نية خلف هذه الحملات الإعلامية أو “الإعلانية” في بعض الأحيان، فالنفط ليس حكرا على الطاقة ورغم ذلك سيبقى أحد اللاعبين الرئيسين في مصادر الطاقة العالمية. ندرة تسليط الضوء إعلاميا على الفحم كمصدر رئيس للطاقة في العالم إذا ما تم مقارنته بالزخم الإعلامي القوي والمناهض للنفط ولكل ما يتعلق به، وتضخيم أي خبر سلبي عنه، يقودنا لسؤال مشروع “أين توارت مهنية الإعلام؟” وهل للتغاضي عن سلبيات استخدام الفحم لتوليد الطاقة علاقة بالدول المنتجة له؟ حيث يتركز إنتاج الفحم خصوصا في الدول الأوروبية وأمريكا الشمالية وأستراليا والصين والهند بدرجات متفاوتة. خلال العقد الماضي حل النفط أولا بنسبة بلغت 34.3 في المائة من إجمالي استهلاك الطاقة عالميا، وجاء الفحم ثانيا بنسبة 29.2 في المائة من إجمالي استهلاك الطاقة، وبحسب وكالة الطاقة الدولية في كانون الأول (ديسمبر) 2019 من المتوقع أن ينمو الطلب العالمي على الفحم بمعدل نمو سنوي مجمع 0.5 في المائة ليبلغ 5624 مليون طن من مكافئ الفحم في 2024. قد يتفاجأ البعض من هذه الأرقام لكنها حقيقة ولا أصدق من لغة الأرقام، فمنذ الثورة الصناعية استمر الفحم مصدرا رئيسا للطاقة واستمر كذلك حتى يومنا هذا وإن كان أقل أهمية من الأنواع الأخرى من الوقود الأحفوري مثل النفط والغاز، ولكنه ما زال موجودا وما زال مصدرا رئيسا للطاقة. بالعودة لتقرير وكالة الطاقة الدولية نجد أن انتعاش الطلب العالمي على الفحم استمر في عام 2018، بسبب النمو في توليد طاقة الفحم الذي وصل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق، ورغم التقديرات بأن توليد الطاقة من الفحم قد انخفض في عام 2019 إلا أن هذا يبدو أنه نتج عن ظروف معينة في بعض المناطق المحددة ومن غير المرجح أن تكون بداية لاتجاه دائم. على المدى القريب من المتوقع أن يظل الطلب العالمي على الفحم مستقرا بدعم من السوق الصينية التي تمثل نصف الاستهلاك العالمي، لكن قد تؤثر بعض العوامل في هذا الاستقرار ومنها أسعار الغاز، فبانخفاضها يصبح الغاز أكثر جدوى ما سيؤثر في استهلاك الفحم. ما يخص قضية التغير المناخي وبغض النظر عن اختلاف الآراء حولها مسيسة من عدمها، التي يضع حاملو رايتها النفط في قفص الاتهام دوما، بينما يندر أن نسمع ذكرا للفحم كأنه غير موجود في المعادلة، فأين المهنية والموضوعية في الطرح؟ أم أن “عين الرضا عن كل عيب كليلة”؟.
اخر مقالات الكاتب