النفط.. ضحية محتملة للحرب التجارية بين واشنطن والمكسيك

قرر دونالد ترامب فتح جبهة جديدة في حربه التجارية، وكانت وجهته هذه المرة نحو المكسيك.

وفي الأسبوع الماضي أعلن ترامب أنه بصدد تطبيق تعريفات جمركية على كافة الواردات من المكسيك بدءًا من 10 يونيو/حزيران الجاري بنسبة 5 بالمئة.

كما تخطط إدارة ترامب إلى مضاعة تلك التعريفات بشكل تدريجي لتصل بها في النهاية عند مستويات 25 بالمئة في أكتوبر/تشرين الأول.

ويستهدف ترامب من تلك القرارات وقف الهجرة غير الشرعية عبر الحدود المكسيكية، وصرح مسؤولو الإدارة الأمريكية بأنهم سيحكمون على نجاح تلك الخطوة بشكل يومي وأسبوعي عبر معايير شبه ذاتية مثل خفض تدفق الهجرة على نحو كبير.

ويشير موقع “أويل برايس” إلى أن مثل ذلك الإعلان في حقبة سابقة كان من الممكن أن يتم تفسيره على أنه نبرة تكتيكية تفاوضية قوية فحسب، ولكن بعد إعلان ترامب ارتفاع زيادة التعريفات ضد الصين بشكل مفاجيء منذ أسابيع فإن الأسواق الآن تصدق ما يقوله.

واهتزت الأسواق المالية يوم الجمعة وهبط مؤشر “داو جونز” للأسهم الأمريكية بمقدار 300 نقطة.

ويعتبر كل من الاقتصاديين الأمريكي والمكسيكي متداخلان على نحو كبير، كما أن المستهلكين الأمريكيين سيشعرون بنتائج تلك التعريفات أكثر من غيرهم، بالإضافة إلى أن هذه التعريفات قد تعطل صناعة السيارات حيث لديها سلاسل توريد منتشرة في كل أمريكا الشمالية.

وتعاني صناعة السيارات بالفعل من ضعف المبيعات وخفض الوظائف، وعقب إعلان هذه القرارات هبطت أسهم “فورد” و”جنرال موتورز” بأكثر من 3 بالمئة يوم الجمعة الماضي.

ومما يزيد الأمور تعقيداً أن التعريفات ستقلص بشدة من احتمالات التصديق على اتفاق نافتا الجديد والمعروف باسم “يو.إس.إم.سي.إيه” والذي أعيد التفاوض بشأنه والذي وافقت عليه الدول الثلاث الأطراف به (كندا والمكسيك والولايات المتحدة)، لكن يجب التصديق عليه في جميع الهيئات التشريعية الوطنية الثلاث.

كما أن الرسوم الجمركية تأتي في وقت سيء للغاية تتزايد فيه المخاوف بشأن تباطؤ النمو العالمي مع تزايد إشارات التباطؤ الاقتصادي.

وتدفع الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين- والتي يبدو أنها تتصاعد- إلى تراجع النمو، وقال مورجان ستانلي إن الاقتصاد الأمريكي مهدد بحدوث حالة ركود.

وأسعار النفط سجلت بالفعل أكبر خسائر شهرية في 6 أشهر، مع سعي ترامب لهبوط سعر الخام بنهاية تعاملات الشهر الماضي.

وقد تؤثر التعريفات المنتظرة على تدفقات تجارة الطاقة من المكسيك إلى الولايات المتحدة والتي وصلت قيمتها في العام الماضي إلى 13 مليار دولار، يتضمنوا 665 ألف برميل يومياً من النفط الخام و53.5 ألف برميل يومياً من واردات المنتجات المكررة.

وليس من الواضح كيف ستستجيب المكسيك للقرار الأمريكي لكن يمكنها ببساطة فرض تعريفات انتقامية كما فعلت الصين.

وفي العام الماضي استوردت المكسيك بضائع من الولايات المتحدة قيمتها 265 مليار دولار بما في ذلك 34 مليار دولار من المنتجات البترولية والنفطية و 18 مليار دولار من البلاستيك.

والحرب التجارية الجديدة بين المكسيك والولايات المتحدة قد تؤثر سلباً على سوق النفط والذي يتجه بالفعل إلى الحانب الهبوطي.

وأشار تقرير لـ”ستاندرد تشارتد” إلى أن أسعار النفط ضعفت مع زيادة المخاوف بأن السياسات التجارية الحمائية ستخفض الطلب بعد شهر من البيع الصافي المضارب.

وأضاف: “وكانت البيانات الاقتصادية ضعيفة في كل المجالات من سوق النفط وحتى مؤشرات الاقتصادي الكلي، كما أن قراءات الطلب العالمي على النفط أصبحت أيضاً سالبة”.

وتتوقع “ستاندرد تشارتد” أن الطلب العالمي على النفط تراجع في مارس/آذار على أساس سنوي، مع ضعف الطلب لدى دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وبشكل ملحوظ في أوروبا.

وفي حين أن تعطل الإمدادات ضرب فنزويلا وإيران وربما ليبيا، فإن الحرب التجارية قد تؤثر على الاقتصاد العالمي بأكمله.

وعلى هذا النحو فإن المخاطر الهبوطية على النفط بسبب ضعف الطلب لها أهمية أكبر من المخاطر الصعودية الناجمة عن انقطاع العرض، بحسب تقرير “ستاندرد تشارتد”.

ولكن في الوقت نفسه فإن انخفاض الأسعار من المحتمل أن يؤكد على أن أوبك وحلفائها سيعلنوا تمديد اتفاق خفض الإنتاج لباقي العام، كما أنه سيضع قيوداً على منصات التنقيب عن النفط الصخري الأمريكي.

وأضافت “ستاندرد تشارتد”: “نعتقد أن الأسعار منخفضة بشكل كافي لتأخير وتقليص وتيرة أي زيادة في إنتاج السعودية من النفط، كما أنها ستزيد من الضغط المالي على شركات النفط الأمريكية لتقليص النشاط أكثر من ذلك”.